بسم الله الرحمن الرحيم
* مروان بن الحكم: قدوة معاوني الظالمين
هو من قادة المخالفين لأهل البيت عليهم السلام ومن أتباع الأمويين وهو ابن عم عثمان، وكان له انحرافات كبيرة على مستوى الفساد المالي والسياسي وكان يستغل بيت مال المسلمين. ويجب الإشارة إلى أنه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد نظر الإمام علي عليه السلام إليه يوماً وقال له: ويل لك وويل لأمة محمد منك ومن بنيك1.
كان مروان من المعروفين عند بني أمية، وعندما توفي معاوية وجاء والي المدينة لأخذ البيعة من الإمام الحسين عليه السلام ذهب لمشورة مروان فاقترح إحضاره ليلاً وأخذ البيعة منه بأي شكل من الأشكال وإذا رفض ذلك فعليكم قطع رأسه.
حاول الوليد أن لا يكون قاسياً في أخذ البيعة إلا أن مروان أصرّ على تنفيذ ما أراد يزيد. حاول مروان إقناع الإمام عليه السلام بالبيعة، فرفض الإمام وواجهه بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أن الخلافة لا تصل إلى آل أبي سفيان.
صعّد مروان من لهجته مع الإمام عليه السلام وقال له لا تفترق عني حتى تبايع.
في تلك الحالة خاطبه الإمام عليه السلام قائلاً: "ويلك يا مروان، إليك عني فإنك رجس وإنّا أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله عزَّ وجلَّ على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير"2.
وقد ظهر الغضب على مروان، حتى أنه قد بان عن غضبه عندما عمل جاداً على لعن وسب الإمام علي عليه السلام على المنابر.
* عبد الله بن الزبير: قدوة المنافقين الطالبين للرئاسة
كان مخالفاً لبيعة يزيد، وقد خُيّر بين البيعة والموت، فهرب من المدينة إلى مكة. أما مخالفته ليزيد فلأنه كان يريد الخلافة لنفسه، وفي الوقت نفسه لم تكن علاقته جيدة بالإمام الحسين عليه السلام. حاول أيام الحج جمع الناس حوله. وعندما علم برسائل أهل الكوفة إلى الإمام عليه السلام قال له لو كنت مكانك لفضلت الذهاب إليهم. وأصرّ عليه بأنك إذا بقيت في الحجاز لتمكنت من إقامة الحكومة ولن تجد مخالفاً له.
أما جواب الإمام عليه السلام فكان أن أوضح له بأن شيئاً ليس أحب إليه من ترك الحجاز والتوجه نحو العراق. لأن الزبير يعلم أن وجود الإمام سيمنع الزبير من الوصول إلى ما يريد3.
* عمر بن سعد: قدوة طالبي الدنيا
كان يستعد قبل حادثة عاشوراء للتوجه نحو "الري" حيث كان مقرراً أن يتولى الحكم فيها، ثم طلب منه ابن زياد التوجه مع الجيش لمواجهة الإمام الحسين عليه السلام ومنعه من دخول الكوفة.
حذره بعض المقربين منه بالأخص ابن أخته "الحمزة بن المغيرة" من الذهاب لقتال الإمام عليه السلام، إلا أن حكم الري كان يشغل باله، فكان يردد:
أأترك ملك الري والري رغبتي | أم أرجع مذموماً بقتل حسين |
وفي قتله النار التي ليس دونها | حجاب وملك الري قرة عيني4 |
كان يعرف الإمام الحسين عليه السلام جيداً وكان يعلم عقوبة ما سيقوم به من عمل، إلا أن تشجيع ابن زياد دفعه لمتابعة المسير نحو الكوفة. شدد عمر بن سعد الحصار على أهل البيت (عليهم السلام) ومنع الماء عنهم بواسطة خمسمائة فارس كانت مهمتهم عدم السماح لأهل البيت بالوصول إلى الماء5.
حاول الإمام عليه السلام هدايته فأرسل إليه من يحاوره إلا أن الحديث معه أظهر الشخصية الحقيقية التي يحملها.
فقال الحسين عليه السلام لابن سعد: ويحك أما تتقي الله الذي إليه معادك؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت؟ يا هذا، ذر هؤلاء القوم وكن معي، فإنه أقرب لك من الله.
فقال له: أخاف أن تهدم داري.
فقال الحسين عليه السلام: أنا أبنيها لك.
فقال عمر: أخاف أن تؤخذ ضيعتي.
فقال الإمام عليه السلام: أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز.
فقال: لي عيال أخاف عليهم! فقال عليه السلام: أنا أضمن سلامتهم ثم سكت فلم يجبه6.
لقد أدى حبه للدنيا وطمعه للحكومة في عدم تأثير كلام الإمام عليه السلام فيه، بل كان يفكر دوماً بأوامر ابن زياد. وفي عصر اليوم التاسع من المحرم بدأ الحملة على خيم الإمام وكان يردد: "يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري".
طلب منه الإمام الحسين عليه السلام إمهالهم ليلة العاشر للصلاة والدعاء وتلاوة القرآن. في هذه الأثناء تحادث عمر بن سعد والشمر فأمهلوا الحسين عليه السلام وأصحابه تلك الليلة7.
وفي صبيحة اليوم العاشر بدأ عمر بن سعد هجومه على الإمام عليه السلام مع ثلاثين ألف فارس، فلم تأثر فيهم المواعظ والنصائح التي سمعوها من الإمام عليه السلام. بل أصرّ ابن سعد على الشروع بالمعركة وكان يقول: اشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى8.
بعد شهادة الإمام عليه السلام وأصحابه تحرك جيش عمر بن سعد وحملوا على الخيم حيث لم يوفروا فيها شيئاً إلا وسرقوه، أما ابن سعد فقد أمر فرسانه بوطء صدر أبي عبد الله عليه السلام9. ثم أمر بقطع الرؤوس وتقسيمها بين القبائل ليتقربوا من ابن زياد.
وعندما حمل رأس الإمام عليه السلام إلى ابن زياد أنشد قائلاً:
املأ ركابي فضة أو ذهباً | إني قتلت السيد المحجبا |
وخيرهم من يذكرون النسبا | قتلت خير الناس أماً وأباً |
عند ذلك خاطبه ابن زياد معتبراً أن الذي يعتقد بهذه الأمور كيف يقتل الإمام الحسين عليه السلام فحرمه من الهدايا10. وكما توقع الإمام الحسين عليه السلام فقد حُرم حكم الري، فخسر الدنيا والآخرة معاً.
1- جواد محدثي، فرهنك عاشورا، ص284، نقلاً عن الغدير، ج8.
2- موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص 284 – 285.
3- المصدر نفسه، ص319.
4- المقرم، مقتل الحسين عليه السلام، ص197.
5- المصدر نفسه، ص204.
6- المصدر نفسه، ص205.
7- موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص390 - 392.
8- المصدر نفسه، ص237.
9- المقرم، مقتل الحسين عليه السلام. ص302.
10- المصدر نفسه، ص304.