بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا حصل بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وكيف سبي عياله وهتكت حرمه:
بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام , ورض صدره وظهره بحوافر الخيول, حمل رأسه الشريف ورؤوس سائر الشهداء إلى الكوفة في اليوم العاشر نفسه.
وبعد شهادته عليه السلام هوجم المخيم وبدأت عملية السلب وحرق الخيام, فباتت حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الحادي عشر في العراء, وجثامين سائر الشهداء, وبينهم الطفل الرضيع.
وفي وقت الزوال من يوم الحادي عشر من المحرم, انطلق موكب السبايا من كربلاء إلى الكوفة, فحملت الهاشميات على إبل بغير أقتاب, تلفح رؤوسهن والوجوه الشمس. أما الإمام السجاد عليه السلام فقد كان مقيد اليدين والرجلين, فضلا عما كان يعانيه من الوجع الشديد بسبب مرضه. وقد وكل عمر بن سعد بالسبايا أحقر أجلاف العرب ليشتموهن ويضربوهن طوال المسير ما بين كربلاء والكوفة.
وفي اليوم الثاني عشر, وصول موكب السبايا إلى الكوفة, وخروج أهلها لملاقاته وهم يبكون وينتحبون, فقال الإمام السجاد عليه السلام: إن هؤلاء يبكون, فمن الذي قتلنا؟
وخطبت السيدة زينب عليه السلام في أهل الكوفة تقول في مطلعها: "يا أهل الكوفة, يا أهل الختل والغدر, أتبكون فلا رقأت الدمعة, ولا هدأت الرنة...", حتى قال القائل: "لم أر خفرة أنطق منها, كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام ", وكان لفاطمة الصغرى ابنة الإمام الحسين عليه السلام أيضا خطبة في أهل الكوفة, كما خطب فيهم الإمام السجاد عليه السلام .
وفي هذا اليوم أدخل موكب السبي على ابن زياد, فأراد أن ينتقص منهم, فعارضته السيدة زينب عليه السلام بالكلام وحالت دون قتل الإمام السجاد عليه السلام , ثم أمر برأس الإمام الحسين فطيف به في أزقة الكوفة.
بقي أبو عبد الله الإمام الحسين عليه السلام في العراء مدة ثلاثة أيام, حتى كان اليوم الثالث عشر من محرم حيث تولى الإمام السجاد دفن أبيه عليه السلام , وعمه أبي الفضل العباس وأخويه علي الأكبر والطفل الرضيع, وعاونه في دفن سائر الشهداء قوم من بني أسد مضاربهم على مقربة من كربلاء.
الإمام المعصوم لا يدفنه ولا يصلي عليه إلا إمام معصوم. وقد قيّض الله سبحانه وتعالى للإمام زين العابدين أن ينوجد في كربلاء, على الرغم من كونه أسيرا في الكوفة. ونظير هذه الحادثة تكرر عند شهادة الإمام الرضا عليه السلام , حيث حضر الإمام الجواد من المدينة إلى طوس في مدة وجيزة. وتولى تجهيز أبيه والصلاة عليه, من غير أن يفطن المأمون وأعوانه إلى ذلك.
في اليوم التاسع عشر أمر ابن زياد بخروج موكب السبايا إلى الشام يتقدمه رأس سيد الشهداء صلوات الله عليه وقد رفع على الرمح. ويبدو أن وصول الموكب النبوي إلى الشام كان في الأول من صفر, وهو يعني أن بقية السيف من أهل البيت عليه السلام كانوا طيلة ما تبقى من شهر محرم في الطريق إلى الشام.