*الهدف: شرح بعض جوانب الفساد الذي كان مستشرياً في الأمّة كما ورد على لسان الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام.
*تصدير الموضوع: قال تعالى:﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾1.
مقدّمة
تماماً كما ينبغي على المسلم أن يتعرّف على مكامن القوّة في الأمّة حتّى يتمسك بها كذلك ينبغي عليه أن يتعرّف على آثار وعواقب الخلل والضعف الذي قد يصيب الأمّة حتّى يعمد إلى تجنّبه والابتعاد عنه خشية الوقوع في أعظم المحرّمات الإلهيّة والذي هو إضعاف الأمّة الإسلاميّة وكسر شوكتها.
*محاور الموضوع
وهذا النصّ مقتطع من كلامٍ للإمام الحسين عليه السلام يبيّن فيه الحضيض الذي وصلت إليه الأمّة والأسباب التي أدّت إلى تردّيها وانحطاطها2.
عدم طاعة أولي الأمر:"فاستخففتم بحقّ الأئمّة"، أي لم تؤدّوا لهم حقّ الطاعة، هذا الحقّ الذي فرضه الله عليكم.
التمييز في أداء الحقوق:"فأمّا حقّ الضعفاء فضيّعتم، وأمّا حقّكم بزعمكم فطلبتم"3، أي طالبتم لأنفسكم بحقوقٍ مزعومة وضيّعتم حقوق الفقراء المفروضة.
عدم الاستعداد للتضحية:"فلا مالاً بذلتموه ولا نفساً خاطرتم بها للّذي خلقها، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله "4،وهذا من أخطر ما يصيب الأمّة وهو أن لا تتحمّل مسؤوليّاتها تجاه الأزمات والتحدّيات التي تواجهها.
رجاء الآخرة بغير العمل:"وأنتم تتمنّون على الله جنّته ومجاورة رسله وأماناً من عذابه، لقد خشيت عليكم أيّها المتمنّون على الله أن تحلّ بكم نقمة من نقماته"5، وهذا دليل الجهل والعناد، فهم في مقام نزول العذاب عليها وهم يحسبون أنفسهم سيفوزون بمجاورة الأولياء والصالحين.
العصبيّة القبليّة:"وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون وذمّة رسول الله صلى الله عليه وآله محقورة"6، فما زالت العقليّة القبليّة مستحكمة في النفوس فلا تغار الأمّة على دينها وقيمها ووجودها بل على ما يهدد سمعة قبائلها.
الركون إلى الظالمين:"وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون، كلّ ذلك ممّا أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون"7، وأصبحتم تتقرّبون من الظلمة ولا تنهونهم عن ظلمهم وطغيانهم غافلون عمّا أوجب الله عليكم من تكليف تجاههم.
استبعاد العلماء:"وأنتم أعظم الناس مصيبة لمّا غلّبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون، ذلك بأنّ مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلّا بتفرّقكم عن الحقّ واختلافكم في السنّة بعد البيّنة الواضحة"8، واستبعاد العلماء من أكبر مؤشّرات استحكام الروح العشائريّة والقبليّة في الأمّة آنذاك، فالإسلام لم يعد يشكّل مرجعيّة علميّة لهم بل كانوا يحكمون بما كانت عليه الأمّة في عهد الجاهليّة.
عدم تحمّل المسؤوليّة:"ولو صبرتم على الأذى وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم تردّ وعنكم تصدر وإليكم ترجع"9، فالأمّة على الحياد واجتناب التدخّل حتّى فيما يتهدّد وجودها، فمثلها كمثل من يقف على الحياد من مجرمٍ يدخل بيته ويتهدّده في ماله وعرضه ووجوده.
تمكين الظالمين:"ولكنّكم مكّنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم أمور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات"10، وهنا إشارة مهمّة وهي أنّ تمكين الظلمة لا يعني نجاتكم وسعادتكم بل سيعمد هؤلاء الظلمة إلى نشر الفساد والشبهات والرذائل بينكم ولن تجدوا لكم عليهم نصيرا.
حبّ الدنيا:"سلّطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستبعد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب"11، ثمّ يُرجع عليه السلام أسباب ذلك كلّه إلى حبّ الدنيا وحبّ الحياة ولو في ذلّة وتعاسة، وكراهة الموت ولو من أجل عزّة الأمّة ومنعتها.
*زاد عاشوراء,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة ,الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:57
1-الإسراء:16.
2-تحف العقول - ابن شعبة الحرانيّ - ص 238 - 239.
3-تحف العقول، ص238.
4-تحف العقول، ص238.
5-ن.م.
6-ن.م.
7-ن.م.
8-تحف العقول، ص238.
9-ن.م.
10-ن. م.
11-تحف العقول، ص238.