*الهدف: بيان أنّ السلطة وتولّيها ينبغي أن تكون منسجمة دائماً مع ولاية الحاكم العادل والأئمّة المنصّبين من الله تعالى.
*تصدير الموضوع: قال تعالى:﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾1.
مقدّمة
كثيرةٌ هي الإبتلاءات والتحديّات التي تواجه المسلم في حياته لتحرفه عن جادّة الصواب، وهذه التحديّات في الواقع ليست إلّا إمتحانات إلهيّة يريد الله بها أن يُصلّب إيمان المرء ويجعله أكثر ثباتاً، ويأتي في طليعة هذه التحديّات حبّ السلطة والرئاسة والجاه الذي ينبغي على الإنسان أن يبقى متيقّظاً أين يضع قدمه كي لا تزلّ فيُصاب بسوء العاقبة والعياذ بالله.
*محاور الموضوع
الشمر وإمارة الجيش
فقد كان الشمر طامحاً بإمارة الجيش الذي سيقدم على قتل الحسين عليه السلام طمعاً في سلطة الريّ التي كان ابن زياد قد وعد عمر بن سعد بها، فلمّا رأى تراخي عمر بن سعد أوحى لابن زياد أن يجعله قائداً للجيش.
تقول الرواية:فأنفذ ابن زياد شمر بن ذي الجوشن بكتاب إلى عمر بن سعد كتب له فيه:إني لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ولا لتعتذر له عندي ولا لتكون له شافعاً، فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سالمين وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنّهم لذلك مستحقّون، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره فإنّه عاقٌّ شاقٌّ قاطعٌ ظلوم، فإن أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع وإن أبيت فاعتزل أمرنا وجندنا وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنا قد أمرناه بأمرنا2.
عمر بن سعد وحكومة الريّ
وكان أمر شمر أنّه إن لم يفعل بما فيه فاضرب عنقه وأنت الأمير، وكان قد كتب لعمر منشوراً بالريّ فجعل يقول:
فوالله ما أدري وإنّي لحائرٌ أفكّر في أمري على خطرين
أأترك ملك الريّ والريّ منيتي أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
ففي مثله النّار التي ليس دونها حجابٌ وملك الريّ قرّة عيني3
فقد كان معلوماً عند ابن سعد أنّ الإقدام على قتل الحسين عليه السلام جريمة كبرى ومعصية ليس عقابها أقلّ من الخلود في النّار، ومع ذلك فإنّ حبّ السلطة أعمى قلبه وبصيرته وجعله يقدم على ما أقدم عليه.
حبّ السلطة عند وجهاء أهل الكوفة
وأمر ابن زياد محمّد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت، فيرفع راية أمان لمن جاء من الناس، وقال مثل ذلك للقعقاع الذهليّ وشبث بن ربعيّ التميميّ وحجّار بن أبجر السلميّ وشمر بن ذي الجوشن العامريّ، وحبس باقي وجوه الناس عنده استيحاشاً إليهم لقلّة عدد من معه من الناس4.
ولقد رأى كثير بن شهاب إنّ الجاه والمال لا يأتيانه إلّا على أشلاء هانىء فاغتنم الفرصة مشمّراً عن ساعد الجدّ.
وأمّا شبث بن ربعيّ وطمعاً في قيادة بعض أفراد العسكر فإنّه مال إلى معسكر ابن زياد5.
وغيرهم الكثير من قادة جيش ابن سعد الذين أغروهم ببعض السلطة هنا أو هناك فمالوا عن بيعتهم للحسين عليه السلام ونقضوا كتبهم ومراسلاتهم وبايعوا ابن زياد على قتل من بايعوه بالأمس القريب.
*زاد عاشوراء,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة ,الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:95
1-القصص: 83.
2-مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص247.
3-مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج 3، ص 247 - 248.
4-بحار الأنوار,العلّامة المجلسيّ، ج 44، ص 349.
5-الإرشاد، الشيخ المفيد، ج2، ص95.