* الهدف: التعريف بجملة من الأمور التي تشكّل ضوابط شرعيّة من جهة ورادعاً من جهة أخرى وتساهم في حلّ النزاعات بين الزوجين.
* تصدير الموضوع: قال تعالى: ﴿وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾1.
مقدّمة
إنّ الأمور التي تشكّل مرجعيّة ثقافيّة للزوجين من أجل حلحلة خلافاتهما من أكثر الأمور التي ينبغي فهمها والتمسّك بها وعدم الخروج عنها باعتبارها الركيزة الأساس والمنطلق الفكريّ المشترك لدى الطرفين في درأ أخطار النزاع.
محاور الموضوع
وفي محاولة لحلّ النزاع وعدم ترك الأمور تتفاعل بشكل سلبيّ لتصبح أزمة في النفوس يصعب التخلّص من حالات الشكّ وسوء الظنّ يمكن الإشارة إلى بعض السبل، وهي كما يلي:
الالتزام بالضوابط الشرعيّة: قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾2.
والآية واضحة الدلالة على أنّه ينبغي الانطلاق من تحكيم الإسلام عند أيّ خلافٍ أو نزاعٍ بين طرفين وأنّ هذا هو مفهوم الإيمان والتديّن، بل أكثر من ذلك فإنّه ينبغي التسليم بحكم الشرع دون أي شعور بضيقٍ أو حرج.
التقيّد بالحدود الإنسانيّة: فالمساحة الأولى للتعامل بين الزوجين هي مساحة التعاطي الأخلاقيّ والإنسانيّ، وهي الضمان الأساس لدرء الخلافات والنزاعات، وأنّ عدم التقيّد بهذه المساحة يُلجىء الطرفان إلى دائرة الحقوق والواجبات المطلوبة من كلّ منهما.
أخذ عواقب الأمور بعين الإعتبار: أي ضرورة التفكير بسلبيّات التشنّج والتوتّر وعدم الإنسجام وما قد تؤدّي إلى تبعثر الأسرة والإضرار بتربية الأولاد أو الطلاق. وبالتالي عدم التعاطي مع موضوع الأسرة على قاعدة اللحظة العابرة بل ضرورة التعاطي على قاعدة الحياة الدائمة والطويلة.
الإبتعاد عن الشكّ وسوء الظنّ: وذلك من خلال الإلتزام بالشفافيّة والوضوح في التعاطي وعدم التورية أو الكذب أو الإستهتار بالحقوق وسواها ممّا يفقد الثقة ويهدّد قواعد الاحترام المتبادل.
ثمّ إنّ هناك قاعدتين أساسيتين بيّنهما القرآن الكريم في مجال تطويق المشاكل الزوجيّة:
قاعدة التصالح: بمعنى أن يتّخذ الطرفان الصلح سقفاً لمشاكلهما وعدم ترك الأمور تتفاقم بطريقة يصعب تداركها، بل ضرورة المبادرة والإسراع في تسوية أيّ أمر وفق أيّ صيغة ترضي الطرفان، لأنّ تراكم المشاكل دون تسويتها من شأنه أن يخلق حالة من التجافي الروحيّ والنفسيّ قد يؤدّي إلى عواقب سيّئة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه القاعدة بقوله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ...﴾3.
وفي آيةٍ أخرى يقول: ﴿وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾4.
قاعدة التحاكم: وقد بيّن القرآن الكريم هذه القاعدة بقوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾5.
وهذه القاعدة يلجأ إليها الزوجان مع عجزهما عن حلحلة مشاكلهما بمفردهما، ومن الخطأ اللجوء إليها ابتداءً، وهي مناقشة المشكلة عبر وسيطين عن الطرفين شرط أن يكونا عادلين وأن يعتمدا مبدأ الصلح بين الزوجين.
وهنا إشارة إلى أنّ التدخّل ينبغي أن يكون عند خوف الوقوع في المشكلة وليس بعد وقوعها، لما هو واضح بحسب التجربة أنّ الأهل يتدخّلون قبل المشكلة للحلّ والصلح وأمّا بعد المشكلة فتدخّل كلّ جهة يكون طرفاً في المشكلة وكلٌّ لمصلحة فريقه.
* زاد عاشوراء, نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة , الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:191
1- النساء، 129.
2- النساء، 65.
3- النساء، 128.
4- النساء، 129.
5- النساء 35.