الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
هل الزهراء (عليها السلام) تؤنب علياً (عليه السلام)؟
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


لما اجتمع القوم على منع فاطمة (عليها السلام) فدكاً، وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت إلى المسجد، وخطبت فيه خطبتها الشهيرة في المهاجرين والأنصار..

لكن الجواب كان بالإصرار على منعها فدكاً، والاجتهاد في تمييع القضية، رغم أنه قيل لها في نفس هذا المحفل: (وأنت يا خيرة النساء، وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودةٍ عن حقك، ولا مصدودة عن صدقك).

ثم أتبع ذلك بادِّعاء: أنه ما عمل إلا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبإذنه.

ثم نسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث).

فأجابت (عليها السلام) بتفنيد هذا الكلام، وأن أباها (صلى الله عليه وآله) لا يخالف كتاب الله، وأنهم أجمعوا على الغدر بها..

ثم استدلت عليه بآيات القرآن..

فعادوا ليواجهوها بالإطراء والمديح، دون أن يقر لها بالحق.

فانكفأت (عليها السلام)، وكان علي (عليه السلام) يتوقع رجوعها.

فلما استقرت بها الدار كلمت أمير المؤمنين (عليه السلام) بكلام زعموا: أنه قاسٍ، وفيه تقريع ولوم وجفاء، فقالت له: (أَشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الضنين، نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل؟!. هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحيلة أبي، وبليغة ابني، والله لقد أجهر في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى منعتني (الـ) قيلة نصرها، والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة. أَضرعت خدك، يوم أضعت حدك؟! أَفترست الذئاب وافترشت التراب؟! ما كففت قائلاً، ولا أغنيت باطلاً؟! ولا خيار لي، ليتني مت قبل هينتي، ودون زلتي. عذيري الله منك عادياً، ومنك حامياً. ويلاي في كل شارق، ويلاي في كل غارب، ويلاي مات العمد ووهى العضد، وشكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربي اللهم أنت أشد قوة)

وقد أجابها (عليه السلام) بكلام جاء فيه: (فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنتِ تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما أُعِدّ لك خير مما قطع عنك، فاحتسبي الله. فقالت: حسبي الله. وأمسكت)1.

فهل يمكن أن يصدر هذا الكلام القاسي والجافي في حق سيد الوصيين من فاطمة (عليها السلام)، وهي المعصومة الطاهرة؟! أم أن ذلك مكذوب عليها؟!

وهل يمكن أيضاً: أن يظن بها أمير المؤمنين (عليه السلام) أنها تريد البلغة؟! أم أن ذلك مكذوب عليه؟!

الجواب:

ونجيب بما يلي:
أولاً: إن الله سبحانه وتعالى قال مخاطباً عيسى بن مريم (عليه السلام): ﴿وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَمُ الْغُيُوبِ2. فعلّام الغيوب إذن يسأل عيسى (عليه السلام) عن هذا الأمر، ولكنه ليس سؤالاً يهدف إلى معرفة شيء جديد من خلال الإجابة. بل هو سؤال تقرير، يراد به إسماع الإجابة للآخرين. مع كون السائل عالماً بها، وهو يشبه من بعض الجهات الأسئلة الإمتحانية. وهذا النحو من التعاطي مع القضايا شائع في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، والأئمة الطاهرين (عليهم السلام).. وهو طريقة عقلائية متبعة في كل وقت وحين. ونظير ذلك: ما فعله نبي الله موسى بأخيه هارون (عليهما السلام)، فقد أخذ برأس أخيه يجره إليه مع علمه ببراءته.. لأنه أراد أن يعرِّف قومه عظيم جنايتهم، وشدة قبح فعلتهم حين عبدوا العجل، ليظهر للناس: أنهم ليسوا أهلاً للمقام الذي يضعون أنفسهم فيه..

وتوضيح ذلك: هناك من يقرأ كلمة اشتملت على إنها إخبار عن أنه (عليه السلام) فعل ذلك، والذي يظهر لنا هو: أن الهمزة في كلمة (أشتملت) هي همزة الإستفهام، التي تكون مفتوحة لا مكسورة. أي: هل اشتملت؟! فهي (عليها السلام)، إنما تسأل علياً (عليه السلام) هذا السؤال لأجل تقريره، أي لكي تسمع الناس جوابه. وتعرِّفهم: بأن ما قد يفكرون به من أنه (عليه السلام) قد ونى عن دينه، وتساهل في القيام بواجبه الشرعي، ليس له ما يبرره، فهم مخطئون جداً حين يفكرون بهذه الطريقة..

ولعل هذا يشير إلى وجود أجواء مسمومة تثار حول موقف أمير المؤمنين (عليه السلام).. أو هي على الأقل قد أرادت تحصيننا نحن من أن نقع فريسة أوهام كهذه، وذلك استشرافاً منها للغيب، وانسجاماً مع مقتضياته..

ويؤيد ذلك: أنها (عليها السلام) صرحت في آخر كلامها بقولها: (ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ..)3.

ثانياً: لو سلمنا: أن الهمزة ليست للإستفهام، فإننا نقول: لا مانع أن يكون هذا الكلام قد جاء على سبيل التألم والتأسف أيضاً لما انتهى إليه حال أمير المؤمنين (عليه السلام)، الذي لم يكن أمامه أي خيار مشروع إلا التصرف بهذه الطريقة، حتى لكأنه الجنين المحبوس، الجالس في بيته فراراً من الناس الذين لا يفهمون حكمة موقفه.

ثم عادت (عليها السلام) لتصف حاله (عليه السلام) فتقول: إنه في بدء أمره نقض مقاديم ريش الصقر ببسالته وشجاعته، ثم أصبح كالأعزل من السلاح والقوة، فكأنه أصبح صقراً نقضت قوادمه، ولا يجديه صغار ريش الصقر الذي نقضت قوادم ريشه القوية.

فإن هذه الريش الصغار لا تعطي الصقر أية قوة على الطيران. فكأنها (عليها السلام) تقول له: أنت الذي فعلت بالمشركين الأفاعيل، وقد انتهى بك الأمر إلى هذه الحال الصعبة عليك وعلى هؤلاء الضعفاء..

وبعد ذكر مظلوميتها، وما جرى عليها من غاصبي حقها، عادت لتقول له (عليه وعليها السلام): إنك امتثالاً لأمر الله، وطلباً لرضاه خضعت، ووضعت خدك على التراب، ورضيت بتحمّل الأذى، وصبرت على استخفاف ظالميك بك، وتركت سعيك واهتمامك بالأمر، حتى ذهبت شوكتك وبأسك بنظرهم..

ورغم أنه (عليه السلام) كان يفترس ذئاب الشرك في حروبه مع المشركين، ولكنه رضي بأن يفترش التراب، ويصبح في منتهى الفاقة والبؤس، لأن الله تعالى يريد منه ذلك.

ثم ذكرت (عليها السلام): أنه ما كفّ عنها، وعنه قول الباطل من الذين كانوا يؤذونهما بكلماتهم القارصة. ولم يغن (أي لم ينفع) في دفع باطل (وفي رواية: ولا أغنيت طائلاً)، أي ما عملت ما أنتج شيئاً عظيماً فيما يرتبط باسترجاع الحق المغتصب، بسبب استكبار أولئك وبطشهم، ولأنك التزمت بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله).

لأنك كل همك هو حفظ معنى الإمامة في وجدان الأمة، فكان عملك هذا مؤثراً في حفظ الإمامة التي هي الركن الأعظم بعد النبوة.

ويمكن قراءة كلمتي: (كففت، وأغنيت) بضم التاء. أي أنها هي (عليها السلام) لم تحقق ما كانت ترمي إلى تحقيقه. حيث لم يستجب لها الغاصبون لحقها.

وقولها: عذيري الله منه عادياً، ومنك محامياً معناه: العذير كالسميع، والأليم بمعنى: العاذر، والسامع، والمؤلم.

أي أن الله تعالى هو الذي يقبل عذرها في كلامها هذا الذي قالته لأبي بكر المعتدي عليها، حيث إنه تعالى يعلم أنها لم تتجنّ عليه في شيء من ذلك..

كما أن الله هو الذي يقبل عذرها في إظهارها للألم والأسى من الحالة التي بلغها علي (عليه السلام)، وهو سبحانه يعلم أن ما قالته في بيان ذلك لم يعدُ الحقيقة.

* سماحة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي-المرتضى من سيرة المرتضى - بتصرّف


1- بحار الأنوار ج29 ص234 و 311 والإحتجاج (ط دار النعمان سنة 1386هـ) ج1 ص145 ـ 146 و (ط أخرى) ج1 ص280 ـ 282 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص50 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص322 وأعيان الشيعة ج1 ص318 و 432 والدر النظيم ص478 واللمعة البيضاء للتبريزي ص723 والأنوار العلوية ص300 ومجمع النورين للمرندي ص135 وبيت الأحزان للقمي ص150.
2- الآية 116 من سورة المائدة.
3- بحار الأنوار ج29 ص227 ـ 229 و 298 وكشف الغمة ج1 ص491 وج2 ص114 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص212 و213 والإحتجاج ج1 ص273 ودلائل الإمامة ص121 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص50 و السقيفة وفدك للجوهري ص102 و 146 والدر النظيم ص477 و اللمعة البيضاء ص670 والأنوار العلوية ص298 ومجمع النورين للمرندي ص132 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج19 ص163 ـ 167

24-04-2012 | 06-59 د | 1723 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net