الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1647 15 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 17 كانون الأول 2024 م

السيّدة الزهراء (عليها السلام) نصيرة الحقّ

وَهِيَ الْحَوْرَاءُ الْإِنْسِيَّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع مختلف فئات الشعب بشأن التطوّرات في المنطقةانتظار الفرجمراقباتمراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

من نحن

 
 

 

التصنيفات
حجْرُ بنُ عَدِىّ.. المبعوث مخاصِماً
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

حُجْرُ بن عديّ بن معاوية الكندي، أبو عبد الرحمن، وهو المعروف بحجر الخير، وابن الأدبر كان جاهليّاً إسلاميّاً، وفد على النبيّ، وله صحبة. من الوجوه المتألّقة في التاريخ الإسلامي، ومن القمم الشاهقة الساطعة في التاريخ الشيعي. جاء إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأسلم وهو لم يزل شابّاً. وكان من صفاته: تجافيه عن الدنيا، وزهده، وكثرة صلاته وصيامه، واستبساله وشجاعته، وشرفه ونُبله وكرامته، وصلاحه وعبادته. وكان معروفاً بالزهد، مستجاب الدعوة لِما كان يحمله من روح طاهرة، وقلب سليم، ونقيبة محمودة، وسيرة حميدة. ولم يسكت حجر قطّ أمام قتل الحقّ وإحياء الباطل والركون إليه. من هنا ثار على عثمان مع سائر المؤمنين المجاهدين. ولم يألُ جهداً في تحقيق حاكميّة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعُدّ من خاصّة أصحابه وشيعته المطيعين.

اشترك حجر في حروب الإمام (عليه السلام). وكان في الجمل قائداً على خيّالة كِنْدة، وفي صفّين أميراً على قبيلته، وفي النهروان قاد ميسرة الجيش أو ميمنته. وكان فصيح اللسان، نافذ الكلام، يتحدّث ببلاغة، ويكشف الحقائق بفصاحة. وآية ذلك كلامه الجميل المتبصّر في تبيان منزلة الإمام (عليه السلام).

وكان نصير الإمام الوفيّ المخلص، والمدافع المجدّ عنه. ولمّا أغار الضحّاك بن قيس على العراق، أمره الإمام (عليه السلام) بصدّه، فهزمه حجر ببطولته وشجاعته، وأجبره على الفرار. اطّلع حجر على مؤامرة قتل الإمام (عليه السلام) قبل تنفيذها بلحظات، فحاول بكلّ جهده أن يتدارك الأمر فلم يُفلح. واغتمّ لمقتله كثيراً.

وكان من أصحاب الإمام الحسن (عليه السلام) الغيارى الثابتين. وقد جاش دم غيرته في عروقه حين سمع خبر الصلح، فاعترض، فقال له الإمام الحسن (عليه السلام): لو كان غيرُك مثلَك لَما أمضيتُه. وكان قلبه يتفطّر ألماً من معاوية. وطالما كان يبرأ من هذا الوجه القبيح لحزب الطلقاء الذي تأمّر على المسلمين، ويدعو عليه مع جمع من الشيعة.

وهو الحزب الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصفه بأنّه معلون. وكان حجر يقف للدفاع عن العقيدة وأهل البيت (عليهم السلام) بلا وجل، ويُعنّف المغيرة الذي كان فرداً في رجسه وقبحه ورذالته، وقد تسلّط على الكوفة في أثناء حكومة الطلقاء، وكان يطعن في عليٍّ (عليه السلام) وشيعته. وضاق معاوية ذرعاً بحجر وبمواقفه وكشفه الحقائق، وصلابته، وثباته، فأمر بقتله وتمّ تنفيذ أمره، فاستشهد ذلك الرجل الصالح في " مَرْج عذراء" سنة 51 هـ‍، مع ثلّة من رفاقه. وكان حجر وجيهاً عند الناس، وذا شخصيّة محبوبة نافذة، ومنزلة حسنة، فكَبُر عليهم استشهاده، واحتجّوا على معاوية، وقرّعوه على فعله القبيح هذا. وكان الإمام الحسين (عليه السلام) ممّن تألّم كثيراً لاستشهاده، واعترض على معاوية في رسالة بليغة له أثنى فيها ثناءً بالغاً على حجر، وذكر استفظاعه للظلم، وذكّر معاوية بنكثه للعهد، وإراقته دم حجر الطاهر ظلماً وعدواناً. واعترضت عائشة أيضاً على معاوية من خلال ذكرها حديثاً حول شهداء "مرج عذراء".

وكان معاوية - على ما اتّصف به من فساد الضمير - يرى قتل حجر من أخطائه، ويعبّر عن ندمه على ذلك، وقال عند دنوّ أجله: لو كان ناصحٌ لَمَنعنا من قتله! وقتل مصعب بن الزبير ولدَي حجر: عبيد الله، وعبد الرحمن صبراً. وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أخبر باستشهاده من قبل، وشبّه استشهاده، وصحبه باستشهاد "أصحاب الأُخدود".

- الأمالي للطوسي عن ربيعة بن ناجذ - بعد غارة سفيان بن عوف الغامدي واستنفار الإمام عليّ (عليه السلام) الناس وتقاعد أصحابه -: قام حجر بن عديّ وسعد بن قيس فقالا: لا يسوؤك الله يا أمير المؤمنين! مُرْنا بأمرك نتّبعْه، فوالله العظيم، ما يعظم جزعنا على أموالنا أن تَفرّقَ، ولاعلى عشائرنا أن تُقتل في طاعتك.

- تاريخ اليعقوبي - في ذكر غارة الضحّاك على القطقطانة ودعوته (عليه السلام) الناس للخروج إلى قتاله -: قام إليه حجر بن عديّ الكندي فقال: يا أمير المؤمنين! لا قرّب الله منّي إلى الجنّة من لا يحبّ قربك، عليك بعادة الله عندك، فإنّ الحقّ منصور، والشهادة أفضل الرياحين، أندب معي الناس المناصحين، وكن لي فئة بكفايتك، والله فئة الإنسان وأهله، إنّ الشيطان لا يفارق قلوب أكثر الناس حتى تفارق أرواحهم أبدانهم. فتهلّل وأثنى على حجر جميلاً، وقال: لا حرمك الله الشهادة، فإنّي أعلم أنّك من رجالها.

- وقعة صفّين عن عبد الله بن شريك: قام حجر فقال: يا أمير المؤمنين! نحن بنو الحرب وأهلها، الذين نلقحها وننتجها، قد ضارستنا وضارسناها، ولنا أعوان ذوو صلاح، وعشيرة ذات عدد، ورأي مجرّب، وبأس محمود، وأزمّتنا منقادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرّقت شرّقنا، وإن غرّبت غرّبنا، وما أمرتنا به من أمر فعلناه. فقال عليّ: أكلُّ قومك يرى مثل رأيك؟ قال: ما رأيت منهم إلاّ حسناً، وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة، وبحسن الإجابة، فقال له عليّ خيراً.

- الإمام عليّ (عليه السلام): يا أهل الكوفة! سيُقتل فيكم سبعة نفر خياركم، مثلهم كمثل أصحاب الأُخدود، منهم حجر بن الأدبر وأصحابه.

- الأغاني عن المجالد بن سعيد الهمداني، والصقعب بن زهير، وفُضيل بن خديج، والحسن بن عقبة المرادي...: إنّ المغيرة بن شعبة لمّا ولي الكوفة كان يقوم على المنبر، فيذمّ عليّ بن أبي طالب وشيعته، وينال منهم، ويلعن قتلة عثمان، ويستغفر لعثمان ويزكّيه، فيقوم حجر بن عديّ فيقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ وإنّي أشهد أنّ من تذمّون أحقّ بالفضل ممّن تُطرُون، ومن تزكّون أحقّ بالذمّ ممّن تعيبون. فيقول له المغيرة: يا حجر! ويحك! اكفف من هذا، واتّق غضبة السلطان وسطوته، فإنّها كثيراً ما تقتل مثلك، ثمّ يكفّ عنه. فلم يزل كذلك حتى كان المغيرة يوماً في آخر أيّامه يخطب على المنبر، فنال من عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ولعنه، ولعن شيعته، فوثب حجر فنعر نعرةً أسمعت كلّ من كان في المسجد وخارجه. فقال له: إنّك لا تدري أيّها الإنسان بمن تولع، أوَهرمت! مر لنا بأعطياتنا وأرزاقنا، فإنّك قد حبستها عنّا، ولم يكن ذلك لك ولا لمن كان قبلك، وقد أصبحت مولعاً بذمّ أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين. فقام معه أكثر من ثلاثين رجلاً يقولون: صدق والله حجر! مر لنا بأعطياتنا، فإنّا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يُجدي علينا. وأكثروا في ذلك. فنزل المغيرة ودخل القصر، فاستأذن عليه قومه، ودخلوا ولاموه في احتماله حجراً، فقال لهم: إنّي قد قتلته. قال: وكيف ذلك؟! قال: إنّه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيهاً بما ترونه، فيأخذه عند أوّل وهلة، فيقتله شرّ قتلة. إنّه قد اقترب أجلي، وضعف عملي، وما أُحبّ أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم، وسفك دمائهم، فيسعدوا بذلك وأشقى، ويعزّ معاوية في الدنيا، ويذلّ المغيرة في الآخرة، سيذكرونني لو قد جرّبوا العمّال.

- الطبقات الكبرى - في ذِكر أحوال حجر بن عديّ -: ذكر بعض رواة العلم أنّه وفد إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) مع أخيه هانئ بن عديّ، وشهد حجر القادسيّة وهو الذي افتتح مَرج عَذرا، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء. وكان من أصحاب عليّ بن أبي طالب وشهد معه الجمل وصفّين. فلمّا قدم زياد بن أبي سفيان والياً على الكوفة دعا بحجر بن عديّ فقال: تعلم أنّي أعرفك، وقد كنت أنا وإيّاك على ما قد علمت - يعني من حبّ عليّ بن أبي طالب - وإنّه قد جاء غير ذلك، وإنّي أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فأستفرغه كلّه، أملِكْ عليك لسانك، وليسعك منزلك... وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون: إنّك شيخنا وأحقّ الناس بإنكار هذا الأمر. وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه، فأرسل إليه عمرو بن حريث - وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة وزياد بالبصرة - أبا عبد الرحمن: ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت؟ فقال للرسول: تُنكرون ما أنتم فيه؟ إليك وراءك أوسع لك، فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد، وكتب إليه: إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل... فأرسل إليه الشرط والبخاريّة فقاتلهم بمن معه، ثمّ انفضّوا عنه وأُتي به زياد وبأصحابه فقال له: ويلك ما لك؟ فقال: إنّي على بيعتي لمعاوية لا أُقيلها ولا أستقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا ثمّ وفدهم على معاوية، وبعث بحجر وأصحابه إليه... فقال معاوية بن أبي سفيان: أخرجوهم إلى عذرا فاقتلوهم هنالك. قال: فحُملوا إليها، فقال حجر: ما هذه القرية ؟ قالوا: عذراء، قال: الحمد لله! أما والله إنّي لأوّل مسلم نبّح كلابها في سبيل الله، ثمّ أُتي بي اليوم إليها مصفوداً. ودُفع كلّ رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله، ودُفع حجر إلى رجل من حمير فقدّمه ليقتله فقال: يا هؤلاء! دعوني أُصلّي ركعتين، فتركوه فتوضّأ وصلّى ركعتين، فطوّل فيهما، فقيل له: طوّلت، أجزعت؟ فانصرف فقال: ما توضّأت قط إلاّ صلّيت، وما صلّيت صلاةً قطّ أخفّ من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفاً مشهوراً وكفناً منشوراً وقبراً محفوراً وكانت عشائرهم جاؤوا بالأكفان وحفروا لهم القبور، ويقال: بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهمّ إنّا نستعديك على أُمّتنا، فإنّ أهل العراق شهدوا علينا، وإنّ أهل الشام قتلونا. قال: فقيل لحجر: مدّ عنقك، فقال: إنّ ذاك لَدَمٌ ما كنت لأُعِينَ عليه، فقُدّم فضُربت عنقه... عن محمّد قال: لمّا أُتي بحجر فأُمر بقتله، قال: ادفنوني في ثيابي، فإنّي أُبعث مخاصِماً.


* الشيخ محمد الريشهري

03-05-2013 | 16-43 د | 1763 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net