للفقيه الكبير السيّد اليَزدي صاحب العروة الوثقى: الحجُّ هو أحد أركان الدين ومن
أوكد فرائض المسلمين قال تعالى:
﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيلا﴾. وغير خفيٍّ على الناقد
البصير ما في الآية الشريفة من فنون التأكيد، وضروب الحثِّ الشّديد، ولا سيما ما
عُرض به تاركُه من لزوم كُفْره وإعراضه عنه بقوله عزّ شأنه و﴿من
كفر فان الله غني عن العالمين﴾
"وعن الصادق عليه السلام في قوله عزّ من قائل:
﴿ومن كان في هذه اعمى فهو في الآخرة أعمى
وأضل سبيلا﴾ قال: "ذلك الذي
يُسوِّفُ نفسَه الحجَّ، يعني حجة الإسلام حتى يأتيه الموت". وقال عليه السلام: "من
ماتَ وهو صحيحٌ مُوسِر لم يحجّ، فهو ممن قال الله تعالى:
﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾
وقال عليه السلام: "من ماتَ ولم يحجّ حجةَ الإسلام لم يمنعه من ذلك حَاجةٌ
تَجحفُ به، أو مرضٌ لا يُطيقُ فيه الحجَّ، أو سلطان يَمنعه،فلْيَمت يهوديّاً أو
نَصرانيّاً". والحجُّ فَرْضُه ونَفْلُه(مستحبه) عظيمٌ فَضلُه، خَطيرٌ أجره،جَزيلٌ
ثوابهُ، جَليلٌ جَزاؤُه، وكَفاهُ ما تَضمّنه من وُفُود العبد على سيّده ونزوله في
بيته، ومحلِّ ضِيافته وأمنه، وعلى الكريم إكرام ضيفه، وإجارة المُلتجئ إلى بيته.
فعن الصادق عليه السلام:"الحاجّ والمُعتَمِر وفدُ الله إنْ سألوه أعطاهم، وإنْ
دعوَه أجابهم وإنْ شفَعوا شفّعَهم، وإنْ سَكتوا ابتدأهم، ويُعوَّضون بالدّرهم ألف
ألفِ درهم". وفي آخر: "فإن ماتَ متوجّهاً غفرَ الله له ذنوبَه وإن ماتَ مُحِْرماً
بَعثَه الله مُلبِّياً، وان ماتَ بأحد الحرمين بَعَثه الله من الآمنين، وإن ماتَ
مُنصَرِفاً غَفَرَ الله له جميعَ ذنوبه". وعنهم عليهم السلام: "الحاجّ مغفورٌ له،
وموجوبٌ له الجنّة، ومُستأنَفٌ له العمل، ومحفوظٌ في أهله وماله، وإنّ الحجَّ
المبرور لا يعدلُه شيءٌ ولا جزاءَ له إلا الجنّة، وإنّ الحاجّ يكون كيومِ ولدته
أُمُّه، وإنّه يمكثُ أربعةَ أشهرٍ تُكتب له الحسنات، ولا تُكتب عليه السيئات إلا أن
يأتيَ بمُوجبِة فإذا مضتِ الأربعةُ أشهر خُلط بالنّاس، وأنّ الحاجّ يَصدرون على
ثلاثة أصناف:صنفٌ يُعتَقُ من النّار، وصنفٌ يَخرجُ من ذنوبه كهيئة يوم وَلَدَتْه
أُمُّه، وصنفٌ يُحفَظُ في أهله وماله فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ، وأنّ الحاجّ إذا
دخلَ مكةَ وكَّل الله به مَلكَين يحفظان عليه طوافَه وصلاتَه وسعيَه فإذا وقفَ
بعرفة ضربا على منكبه الأيمن ثمّ قالا:أمّا ما مضى فقد كُفِيَته فانظر كيف تكون ما
تستقبل".
ويُستحب تكرار الحجّ والعمرة وإدمانهما بقدر القدرة فعن الصادق عليه السلام:
"قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنهما ينفيان
الفقرَ والذنوب كما ينفي الكير خبثَ الحديد". ويُستحب الحجّ بنفسه كذا يُستحب
الإحجام بماله فعن الصادق عليه السلام: "إذا لم يحجّ أَحجَّ بعضَ أهله أو بعضَ
مُواليه"، ويقول لنا:"يا بنيَ إن استطعتم فلا يقف النّاسُ بعرفات إلا وفيها
من يدعو لكم فإنَّ الحاجّ ليشفعَ في وُلْدِه وأَهلِه وجِيرانه".