من توجيهات الشيخ النراقي للحجاج:
ينبغي للحاج عند توجهه إلى الحج مراعاة أمور:
أولاً: أن يجرِّد نيتَه لله بحيث لا يشوبها
شيء من الأغراض الدنيوية ولا يكون باعثه على التوجه إلى الحجّ إلا امتثال أمر الله
ونَيْل ثوابه والاستخلاص من عذابه.
ثانياً: أن يتوب إلى الله توبةً خالصة، ويرّدَ
المظالم، ويقطع علاقة قلبه عن الإلتفات الى ما وراءه ليكون متوجّهاً إلى الله بوجه
قلبه.
ثالثاً: وليكتب وصيتَه لأهله وأولاده، ويتهيأ
لسفر الآخرة، وأن يعظّم في نفسه قدر البيت وقدر ربّ البيت ناوياً ان لم يصل وأدركته
المنيّة في الطريق لَقِيَ الله وافداً اليه بمقتضى وعده.
رابعاً: أن يكون الهمّ مُجرداً لله تعالى،
والقلب مُطمئّناً مُنصرفاً إلى ذكر الله تعالى، وأن يكون زاده حلالاً ويوسّع فيه
ويطيبّه ولا يَغتمّ ببذله وإنفاقه إذ إنفاق المال في طريق الحجّ نفقة في سبيل الله
والدرهم منه بسبعمائة درهم.
خامساً: أن يحسّن خُلُقَه ويطيّب كلامَه
ويُكثر تواضعَه ويجتنب سوءَ الخُلقُ والغِلظة في الكلام والرفث والفسوق والجدال
سادساً: أن يكون أَشْعَثَ أَغْبَر غير متزيّن
ولا مائل الى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب من المتكبّرين ويَمشي إن قَدِرَ خصوصاً
بين المشاعر، والركوب أفضل لمن ضعف بالمشي ففي الخبر: "تركبون أحبّ اليّ فانّ ذلك
أقوى على الدعاء والعبادة".
سابعاً: أن تكون نفقة الحج والعمرة حلالاً
طيباً فعنهم عليه السلام: "إنا أهل بيت حجّ صرورتنا ومهور نسائنا وأكفاننا من طُهور
أموالنا".
ثامناً: استحباب نية العود إلى الحج عند
الخروج من مكة وكراهة نية عدم العود.عن الصادق عليه السلام: "يا عيسى إني أحبّ أن
يراك الله فيما بين الحجّ إلى الحجّ وأنت تتهيأ للحج".
تاسعاً: أن لا يخرج من الحرمين الشريفين بعد
ارتفاع النهار إلا بعد أداء الفرضين بهما.
عاشراً: ومن أهم ما ينبغي رعايته في هذا
السفر،احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النية وإخلاص السريرة وأداء حقيقة
القربة والتجنب عن الرياء والتجرد عن حبّ المدح والثناء وان لا يجعل سفره هذا على
ما عليه من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة والافتخار بل وصلة إلى التجارة
والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفح الأمصار وان يراعي أسراره الخفية ودقائقه الجلية.
فعنه صلى الله عليه وآله وسلم في ثواب الحاج: "إذا توجهت إلى سبيل الحجثم ركبت
راحلتك وقلت: بسم الله الرحمن الرحيم ومَضت بك راحلتك لم تضع راحلتُك خفّاً وترفع
خفّاً إلا كتب الله لك حسنة ومحا عنك سيئة، فإذا أحرمتَ ولبّيتَ كتبَ الله لك بكل
تلبية عشرَ حسنات ومحا عنك عشر َسيئات، فإذا طفت بالبيت أسبوعاً كان لك بذلك عند
الله عهد وذكر يستحي أن يعذبك بعده، فإذا صلّيت عند المقام ركعتين كتبَ الله لك
بهما ألفي ركعة مقبولة، فإذا سعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط كان لك بذلك عند
الله عزوجل مثل أجر من حجّ ماشياً من بلاده ومثل أجر من اعتق سبعين رقبة مؤمنة،
فإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس فلو كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر
لغفرها لك، فإذا رميت الجمار كتب الله لك بكل حصاة عشرَ حسنات.
فإذا ذبحت هديك كتب الله لك بكل قطرة من دمها حسنة، فإذا طفت بالبيت للزيارة أسبوعاً
وصليت عند المقام ركعتين ضرب ملكٌ كريم بين كتفيك وقال: أمّا ما مضى فقد غفرَ الله
لك فاستأنف العمل فيما بينك وبين عشرين ومائة يوم.
تقبل الله أعمالكم.
* (الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه)