للفقيه العارف الشيخ محمد البهاري الهمداني: "..كما يلاقي ربَّه في الدنيا في حال الإحرام بغير زيِّهِ وعادته مُغبرَّاً حَاسِرَ الرأس حافي القدمين فكذلك سيلاقي ملائكة ربّه بعد الموت, فينبغي أن يكون قصده عند ارتداء ثوبيْ الإحرام تنظيف الروح من دَرن المَعاصي ويعقد ثوبَيْ الإحرام بقصد التوبة الصحيحة".
في الميقات: عندما يَصلُ الحاجّ إلى الميقات ينزع ثيابه في الظاهر ويلبس ثوبيْ الإحرام, وأما في الباطن فينبغي أن يكون قصده أنّه خَلَعَ عن نفسه ثياب المعصية والكفر والرياء والنفاق ولَبِسَ ثوب الطاعة والعبودية, وعندما يقول لبيك ينبغي أن يتنبّه إلى أنّ قوله هذا إجابة للنداء الذي وُجّه إليه فينوي أولا:قَبلت كلّ طاعةٍ لله تعالى. وثانيا يعيش التردد بين قبول هذا العمل منه وعدم قبوله ليستحضرَ قضية سيّد الساجدين عليه السلام حين أُغمي عليه حين التلبية فسُئل عن ذلك قال: "أخاف أن يقول ربي:لا لبيك".
في الحرم: عندما يدخل الحرم يجب أن يكون حاله حالَ الرجاء والأمن من السخط والغضب الإلهيين كحال المذنب الذي وصل إلى حصن حصين والتجأ إلى ملجأ أمين.
الطواف: عندما يبدأ الطواف يجب أن تستولي على جميع ذرات وجوده الهيبة والعظمة والخوف والخشية والرجاء وطلب العفو والرحمة وإذا لم ترجف الأعضاء الخارجية فلا اقلّ من أن يرتجف القلب مثل الملائكة الذين يطوفون دائماً حول العرش, وان الطواف ليس منحصراً بالطواف الجسماني بل هناك طواف هو أصل الطواف الحقيقي وهو طواف القلب حول ذكر ربّ البيت.
الحجر والمستجار والحطيم: عند تقبيل الحجر والالتصاق بالمستجار وعند استلام الحطيم والتشبث بأذيال ستار الكعبة يجب أن يكون حاله حال المذنب الفارّ من خوف الأذى أو خوف أن يُكوَى أو يُقتل فالتجأ إلى عظيم ليعفو عن ذنبه.
السعي: عندما يأتي إلى السعي يجب أن يكون سعيه أن يجعل هذا السعي بمنزلة التردد في بيت السلطان برجاء عطائه ومنِّه.
عرفات: في عرفات فليتذكّر المحشر من خلال ازدحام الخلق وارتفاع أصواتهم بأنواع التضرّع والنحيب والالتماس باختلاف الألسنة وتوسّل كل فئةٍ منهم بأئمتهم طلباً للشفاعة, فليبذل جهدَه في كمال التضرّع والإلحاح في عرفات حتى لا يبتلى هناك في المحشر وليقوِّ ظنَّه كثيراً بحصول مراده لأنّ يوم الموقف الشريف عظيم والنفوس مجتمعة والقلوب منقطعة إلى الله وأيدي الأولياء ممتدة إلى الله جلّ شانه, والرقاب مُشرئبة نحوه والعيون باكية من خوفه, والمفاصل مرتجفة من هيبته, واليوم يوم إحسان وهو يوم تقليد الوسام لرئيس وزراء الدولة العتيدة مهدي آل محمد عجل الله فرجه الشريف. ورد في الحديث:"إنّ من أعظم الذنوب أن يحضرَ أحدٌ عرفات ويظن انه لا يُغفر له".
الإفاضة من عرفات: وعندما يفيض من عرفات يتوجه إلى الحرم فلينتبه إلى أن هذا الإذن الثاني بدخول الحرم سبب للتفاؤل بقبول حجّه وقربه من ربّه وأمنه من العذاب الإلهي, وحينما يصل إلى منى فليَرمِ الجمار ملتفتاً إلى أن روح هذا العمل في الباطن إبعاد الشيطان.
وداع الحرم: عندما يودع الحرم يجب أن يكون في منتهى التضرع مشوش الحال بحيث أن كل ما رآه أدرك انه مثل من يترك شخصاً عزيزاً ويرحل عنه.مثل ترك إبراهيم إسماعيل وهاجر.ويكون قراره انه سيرجع في أول أزمنة التمكن من الرجوع إلى هذا المكان الشريف ويكون حذراً من أن يودع المضيف سبحانه بما ينافي الأدب فيصبح المضيف لا يرضى برجوع هذا الضيف إلى بيته أبد الآبدين.ورغم أن هذا المضيف سريع الرضا إلا أنّ على الضيف مراعاة الأدب إلى أقصى الحدود.
الهي أسالك بجميع مسائلك أن تصلي على محمد وال محمد وتنجيني من النّار وتمنَّ عليّ بالجنة وتوسع عليّ من الرزق الحلال الطيب وترزقني في عامي هذا وفي كل عام الحج والعمرة وتغضّ بصري وتحصن فرجي وتوسع رزقي وتعصمني من كل سوء يا ارحم الراحمين.