الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الإمام الحسن المجتبى (ع) والقيادة المعصومة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

إن قرار الحرب والسلم، من أخطر القرارات، التي تواجه القائد والمتصدي لسياسة الأمة، لأن اتخاذ موقف في أي منهما يشكل تحديا فائق الدقة، بحيث يتوقف عليه مصير أمة بأكملها، أو فئة في كل كيانها، فقد تكون العاقبة الزوال والفناء، وقد تكون النجاح والفلاح.

من هنا، لا بد وأن يتمتع القائد بالقدرة العالية، والحكمة الكافية، التي تؤهله لاتخاذ الموقف المناسب، الذي تقتضيه مصلحة الشعب أو الأمة التي يقودها.

إلا أن ميزان النجاح والفشل لا يتمثل بمجرد كسب جولة في المعركة، أو انتصار في الحرب بالمعنى العسكري والميداني، كما هو شائع بين الناس على العموم. وإنما يتحدد ميزان الربح والخسارة، في مدى قدرة المتصدي للمسألة العامة، على إيصال الأمة، والفئة التي يقودها، إلى شاطئ الأمان، بحيث تحقق الهدف المرجو والغاية والمنشودة.

وعلى هذا الأساس يكون الحكم على مدى نجاح القائد، وجدارته بالموقع الذي يشغله، لأنه بمقدار ما يؤمن للفئة استمرارية أطول، وصمودا في وجه النوائب أشد، وبمقدار ما يؤسس لمرحلة لاحقة تتقوى فيها دعائمها، بمقدار ما يستحق القائد الثناء والمدح، وإن خسر جولة بحسب ظاهر الأمور.

وفي المقابل، فإنه بمقدار ما يعجل في هلاكها وزوالها، من خلال مواقفه المتهورة والمتسرعة، بمقدار ما يستحق الإهانة والنسيان، وإن ربح جولة في معركة، أو كسب المعركة كلها بحسب ظاهر الأمور.

والمثال على نجاح القائد، في اتخاذ القرار الصائب، حركة الإمام الحسين عليه السلام في سنة 61 للهجرة، إذ أن معركته كانت خاسرة من الناحية الميدانية والعسكرية المباشرة، إذ قد انتهت باستشهاده، واستشهاد كافة إخوانه وأبنائه وأصحابه، بالإضافة إلى سبي نسائهم، ولا يتوهم عاقل أنه ربح المعركة في الميدان بهذا القتل والسبي.

إلا أن أثر الواقعة كان كبيرا على الأمة الإسلامية كلها، وعلى بني أمية بشكل خاص، حيث اندلعت الحركات الناقمة على حكم الأمويين، ولم تهدأ إلا بزوال ملكهم. كما أنها أعادت إلى الدين بهجته ورونقه في قلوب الناس وضمائرهم، وأدت إلى عودة المفاهيم الصحيحة للإسلام بعدما اندثرت معالمه وحقائقه، ودخلت عالم النسيان، أو كادت، ولهذا كانت حركته عليه السلام خالدة، وانتصرت على المستوى الاستراتيجي.

وأما يزيد بن معاوية فيمثل النوع الثاني من القيادة، فإنه قد ربح المعركة ظاهريا ضد الإمام الحسين عليه السلام ، ولكن العاقبة كانت وخيمة عليه، وعلى ملك بني أمية عموما، ذلك أن قراره حرب الإبادة على أهل البيت عليهم السلام قد أدى إلى زوال الحكم الأموي، كما أشرنا، كما أدت بيزيد إلى الوقوع في مهملات التاريخ، الناقم على كل سلوكه وتصرفاته، ذلك أن مأساة كربلاء وقد دفعت به إلى الاعتقاد بقدرته على فعل ما يشاء، فكان، أن ضرب الكعبة بالمنجنيق، وأن يعمل القتل والسبي وإعاثة الفساد في المدينة وأهلها، فازدادت النقمة عليه، فصار بذلك مثالا للقائد الأرعن، الذي لا يكون مصير أمثاله إلا كمصيره.

والتاريخ مليء بالشواهد على كل من النموذجين للقائد والقيادة، والإمام الحسن عليه السلام يمثل النموذج الأول بأرقى معانيه، وأسمى درجاته، ومعاوية يمثل النموذج الثاني بأجلى مظاهره.

فالقائد الحكيم إذن، هو القادر على اتخاذ الموقف المناسب، والذي تقتضيه مصلحة الأمة أو الجماعة، مهما كان قاسيا ومرا، بالنسبة إليه، على المستوى الشخصي، فإن المهم بالنسبة إليه هي الجماعة وإيصالها إلى أهدافها لا الفرد من خلال مصلحته الآنية.

وتتجلى حكمة القائد بحسن قراءته للوقائع والأحداث، المحيطة به من عديد وعتاد، ومدى التزام مناصريه بقرارته، وإيمانهم بحقانية القضية المدروسة، ومدى تفانيهم في نصرتها، على نحو يكون قراره منسجما مع هذه الأمور، بما يناسب الهدف الأسمى للجماعة والأمة، التي يقودها.

من ناحية أخرى، لا بد من دراسة موقع الخصوم، ومدى تماسكهم وترابطهم، وإيمانهم بالقضية، التي يقاتلون لأجلها، بالإضافة على مدى التفافهم حول القائد المحرك لهم، وإمكانية الانتصار عليهم، سواء على المستوى الميداني في الحرب إن نشبت، أو على المستوى الفكري النظري، إن كان الملجأ هو الحوار والمجادلة.

فإذا أحسن القائد قراءة مواقع المعسكرين قراءة واقعية وعقلانية، استنادا إلى الميزان الذي يتحرك على أساسه، أمكنه أن يتخذ القرار المنطقي الصائب، والذي يخدم هدفه الأسمى، وغايته الكبرى.

وعلى هذا الأساس فإن الحكم على صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية سلبا أو إيجابا، خاضع لا محالة، لدراسة هذه العوامل من كافة الجوانب، ومقارنتها مع النتائج التي أدت إليها.


* سماحة الشيخ حاتم اسماعيل

15-07-2014 | 10-54 د | 1382 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net