ليالي القدر: من غرائب الغفلة أننا نعرف أنّ ليلة القدر "تنزل الملائكة والروح
فيها بإذن ربهم من كل أمر"، ونعرف أن إمام زماننا يُطلق عليه اسم "صاحب
الأمر"ولا نربط بين المعلومتين اللتيْن هما وجهان لحقيقة واحدة، فالأمر هو نفسه
الأمر الذي يعتبر إمام الزمان صاحبه بإذن الله تعالى،والروايات المصرّحة بذلك كثيرة
منها:عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام:"ليس شيءٌ يخرُجُ من عند الله عزّوجلّ حتى
يبدأَ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم بعليّ عليه السلام ثم بواحدٍ واحد ،لكيلا
يكون آخرنا أعلم من أولنا".قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"انّ الله عزوجل
اختار من الأيام يوم الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر"وقال
لأصحابه: "آمنوا بليلة القدر، إنها تكون لعليّ بن أبي طالب وولده الأحد عشر من
بعدي" وعن علي عليه السلام قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟فقلت:لا يا رسول الله، فقال:ان الله تبارك وتعالى
قدَّر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة فكان فيما قدّر عزّوجل ولايتك وولاية الأئمة
من ولدك إلى يوم القيامة".وقال صلى الله عليه وآله وسلم:"يا علي ليلة القدر خُصّصنا
ببركتها ليست لغيرنا". وعن الباقر عليه السلام: "ان رسول الله نهى ان تغفل
عن ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين أو ينام احد تلك الليلة". وفيها أعمال وعامة
وأعمال خاصة لكل ليلة تراجع في مصادرها.
شهادة أمير المؤمنين عليه السلام: بين التاسع والحادي والعشرين من شهر رمضان
المبارك يومان تتفطر فيهما قلوب المؤمنين أسىً ولوعة لشهادة سيد الوصيين علي عليه
السلام ، مصابٌ طالما أبكى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كيف أكون مقتدياً برسول
الله إذا لم يبكني دماً؟بل هل يمكن لأحد أن يدعي الإسلام إذا لم يخفق قلبه بحب أمير
المؤمنين علي عليه السلام ؟وهل يدرك احد ليلة القدر إذا لم يُدْمِ قلبَه مصابُ
شهيدها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله عهد إليّ عهداً في عليٍّ"،
فقلت: يا رب بينِّه لي، فقال: "اسمع"، فقلت: سمعت، فقال: "إن علياً راية الهدى،
وإمام الأولياء، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبَّني
ومن أبغضه أبغضني، فبشِّره بذلك، فجاء عليّ فبشرته"، فقال: يا رسول الله أنا عبد
الله وفي قبضته، فإن يعذبني فبذنوبي، وإن يتمّ الذي بشرتني به فالله أولى بي، قال:
فقلت، "اللهم أجْلِ قلبَه واجعل ربيعه الإيمان"، فقال الله عز وجل: "قد فعلت به ذلك،
ثم إنه رفع إلي أنه سيخصّه من البلاء بشئ ٍلم يخصّ به أحد من أصحابي"، فقلت: يا رب
أخي وصاحبي، فقال: "إن هذا شئ قد سبق إنه مبتلى ومبتلى به"