الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الغلوّ والتقصير في القرآن والحديث
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

ورد في الكتاب العزيز والسنّة المطهّرة ذمّ الغلوّ والتقصير، وكذلك العداوة والضغينة لأصفياء الله وحججه، قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ)1.

 وقال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ)2.

 وقال تعالى على لسان المقصّرة في معرفة أصفياء الله: (قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْء إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ)3.

 وقال تعالى على لسانهم: (مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ)4.

 وأيضاً: (مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ)5.

 وأيضاً: (فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ)6.

 وأيضاً: (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولاً)7.
 
 فيبرز القرآن الكريم أهم العوامل الموجبة لجحود الصراط الإلهي وهو قصور معرفة الأُمم بشخصيات الحجج الإلهية واقتصارهم في المعرفة على الحيثية البشرية. وقد أجاب تعالى عن هذا القصور بقوله: (وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنْظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ)8.

 أي أنّ أصفياء الله وإن كانت حقائقهم ملكية، إلاّ أنّ صورتهم ولباسهم في الخلقة هي الصورة البشرية. وقال تعالى في ذمّ الفرقة الثالثة المنطوية على عداوة أصفياء الله: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ)9.
 والضغينة المنهي عنها في القرآن الكريم هي في مقابل المودّة المأمور بها في كتابه العزيز: (قُلْ لاَ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)10.

 وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذَا لاَ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا)11.

 وقال تعالى على لسانهم: (أأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْ ذِكْرِى بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ)12.

 و(وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُل مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم)13.
 
 أمّا الروايات: فقد روي في زيارته عجّل الله تعالى فرجه الشريف: " الحمد لله الذي هدانا لهذا وعرّفنا أولياءه وأعداءه، ووفّقنا لزيارة أئمّتنا ولم يجعلنا من المعاندين الناصبين، ولا من الغلاة المفوّضين، ولا من المرتابين المقصّرين "14.

 وفي الزيارة الجامعة: "فالراغب عنكم مارق، واللازم لكم لاحق، والمقصّر في حقّكم زاهق"15.

 وكذلك ما ورد في الصلوات الشعبانية: " اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، المتقدّم لهم مارق، والمتأخّر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق"16.

 وروى الكليني أيضاً في مصحّح محمد بن سنان، قال: " كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: يا محمد، إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيته، ثمّ خلق محمّداً وعليّاً وفاطمة فمكثوا ألف دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض17 أمورها إليهم، فهم يحلّون ما يشاؤون، ويحرّمون ما يشاؤن ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى. ثمّ قال: يا محمّد، هذه الديانة التي من تقدّمها مرق ومن تخلّف عنها محق ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمّد"18.

 قال المجلسي19 في شرح الحديث: والديانة الاعتقاد والمتعلّق بأُصول الدين، من تقدّمها أي تجاوزها بالغلوّ، مرق أي خرج من الإسلام، ومن تخلّف عنها أي قصّر ولم يعتقدها، محِق أي أبطل دينه أو بطل، ومن لزمها واعتقد بها لحق أي بالأئمّة أو أدرك الحقّ، خذها إليك أي احفظ هذه الديانة لنفسك.

 وروى المجلسي هذه الرواية عن محمّد بن سنان بطريق آخر مثل ما تقدّم، إلاّ أنّ فيه: "وفوّض أمر الأشياء إليهم في الحكم والتصرّف والإرشاد والأمر والنهي في الخلق; لأنّهم الولاة، فلهم الأمر والولاية والهداية، فهم أبوابه ونوّابه وحجّابه، يحلّلون ما يشاء ويحرّمون ما شاء، ولا يفعلون إلاّ ما شاء، عبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، فهذه الديانة التي من تقدّمها غرق في بحر الإفراط، ومن نقصّهم عن هذه المراتب التي رتّبهم الله فيها زهق في بر التفريط، ولم يوفِ آل محمّد حقّهم فيما يجب على المؤمن من معرفتهم. ثمّ قال: خذها يا محمّد20; فإنّها من مخزون العلم ومكنونه".
 
 وروى المجلسي في البحار في باب معرفتهم بالنورانية رواية طويلة في فضائل أمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السلام) ومقاماتهم ورتبهم، قال (عليه السلام): "يا سلمان وياجندب! قالا: لبيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك. قال (عليه السلام): من آمن بما قلت وصدّق بما بيّنت وفسّرت وشرحت وأوضحت ونوّرت وبرهنت فهو مؤمن ممتحن، امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام، وهو عارف مستبصر قد انتهى وبلغ وكمل، ومن شكّ وعَنَدَ وجَحَدَ ووقف وتحيّر وارتاب فهو مقصّر وناصب"21.

 وفي صدر الرواية قال صلوات الله عليه مخاطباً إيّاهما: "مرحباً بكما من وليّين متعاهدين، لستما بمقصّرين إلى أن قال (عليه السلام): - إنّه لا يستكمل أحد الإيمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية، فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه بالإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب"22.

 وروى الشيخ الطوسي في الغيبة بطريقين23، عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري، قال: "وجّه قوم من المقصرة والمفوضة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد (عليه السلام)، قال كامل: فقلت في نفسي أسأله لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي وقال بمقالتي. ثمّ سرد الرواية وفيها لقياه بالإمام العسكري وتشرّفه بلقيا الحجّة (عج) معه، ثمّ قال (عج): وجئت تسأله عن مقالة المفوضة؟ كذّبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)24.. الحديث".

 وفي زيارة عاشوراء المعروفة، قال (عليه السلام) تعليماً للزائر: "ولعن الله أمةً دفعتكم عن مقامكم وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها"25.

 وروى الصفّار بسنده عن الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "يا أبا حمزة للا تضعوا عليّاً دون ما وضعه الله، ولا ترفعوه فوق ما رفعه الله، كفى لعليّ أن يقاتل أهل الكرّة وأن يزوّج أهل الجنّة"، وكذا رواه الصدوق في الأمالي26.
 وروى الشيخ في الأمالي عن الأصبغ بن نباتة قال: "دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): وزادني إواراً وغليلاً اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم؟ قال: في شأنك والبلية من قبلك، فمن مفرط غال ومقتصد قال ومتردّد مرتاب لا يدري أيقدم أو يحجم. قال: فحسبك يا أخا همدان، ألا أنّ خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي.. الحديث"27.

 وروى السيّد شرف الدين في تأويل الآيات، بسنده عن الصادق (عليه السلام) قال: "قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).. وإنّه ليس عبدٌ من عبيد الله يُقصّر في حبّنا لخير جعله الله عنده"28.

 وروى ابن شهرآشوب في المناقب عن الحسن بن عليّ (عليهما السلام) أنّه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وتشهّد ثمّ قال: "أيّها الناس، إنّ الله اختارنا لنفسه وارتضانا لدينه واصطفانا على خلقه وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله لا ينقصنا أحدٌ من حقّنا شيء إلاّ انتقصه الله في عاجل دنياه وآجل آخرته"29.

 وهو يشير (عليه السلام) إلى انتقاصهم من مقاماتهم التي ذكرها (عليه السلام). وروى الكليني في الموثق عن عبد الخالق الصيقل، قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّوجلّ: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)30 ؟ فقال: لقد سألتني عن شيء ما سألني أحد إلاّ من شاء الله. قال: من أمّ هذا البيت وهو يعلم أنّه البيت الذي أمر الله عزّوجلّ به وعَرِفَنا أهل البيت حقّ معرفتنا كان آمناً في الدنيا والآخرة"31. ومفهوم قوله (عليه السلام): إنّ المقصّر في معرفتهم لا يكون آمناً في الآخرة.

روى الكليني في الكافي عن ضريس الكناسي، قال: "سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول وعنده أُناس من أصحابه -: عجبت من قوم يتولّونا ويجعلونا أئمّة ويصفون أنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمّ يكسرون حجّتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصونا حقّنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حقّ معرفتنا.
 
* آية الله الشيخ محمد السند


1 - سورة المائدة 5: 77.
2 -  سورة النساء 4: 171
3 - سورة يس 36: 15
4 - سورة المؤمنون 23: 24
5 - سورة المؤمنون 23: 33 - 34
6 - سورة التغابن 64: 6
7 - سورة الإسراء 17: 94
8 - سورة الأنعام 6: 8 - 9.
9 - سورة محمّد 47: 29.
10 - سورة الشورى 42: 23.
11 - سورة النساء 4: 53 - 55
12 - سورة ص 38: 8 - 9.
13 - سورة الزخرف 43: 31.
14 -  مصباح الزائر لابن طاووس: 444. ط. مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
15 - الفقيه 2 / 368، والتهذيب 6 / 97 ط. النجف الأشرف.
16 - الصحيفة السجادية.  
17 -  ليس المراد من التفويض هنا التفويض العزلي الباطل، بمعنى عزل قدرة الباري عن الأشياء - والعياذ بالله بل المراد إقدارهم، وهو تعالى أقدر منهم فيما أقدرهم عليه، نظير إيكال قبض الأرواح إلى عزرائيل، وتنزيل الوحي والعلم إلى جبرائيل، ونفخ الصور والإحياء إلى إسرافيل.
18 - أُصول الكافي 1 / 441.
19 - البحار 25 / 342.
20 - البحار 25 / 339 ح 21.
21 - البحار 26 / 6 ح 1.
22 - البحار 26 / 1.
23 - الغيبة: 159 و 160.
24 - سورة الإنسان 76: 30.
25 - مصباح المتهجّد للشيخ الطوسي بسنده عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن الإمام الباقر (عليه السلام)
26 - بصائر الدرجات: 223، الأمالي للصدوق: 284 ط. قم مؤسسة البعثة.
27 - أمالي الشيخ الطوسي: 626 ط قم. مؤسسة البعثة / المجلس 30.
28 - تأويل الآيات الظاهرة / السيد شرف الدين الحسيني الأسترآبادي: 439 - سورة الأحزاب
29 - نور الثقلين / الحوزي 4 / 474.
30 - سورة آل عمران 3: 97.     
31 - الكافي 4 / 545، وفي تفسير العياشي في ذيل الآية .

11-08-2014 | 17-15 د | 1857 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net