أورد الشيخ محمد بن يعقوب الكليني في
الأصول من الكافي رواية طويلة عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في صفة
الإمام المفترض الطاعة رفعها أحد أصحابه عبد العزيز بن مسلم نورد منها فقرات:
يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ جَهِلَ الْقَوْمُ وخُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ إِنَّ الله عَزَّ
وجَلَّ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّه ص حَتَّى أَكْمَلَ لَه الدِّينَ وأَنْزَلَ عَلَيْه
الْقُرْآنَ فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ بَيَّنَ فِيه الْحَلَالَ والْحَرَامَ
والْحُدُودَ والأَحْكَامَ وجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْه النَّاسُ كَمَلاً فَقَالَ
عَزَّ وجَلَّ: ﴿ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ﴾، وأَنْزَلَ فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ وهِيَ آخِرُ عُمُرِه صلى الله عليه وآله وسلم
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾، وأَمْرُ الإِمَامَةِ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ
ولَمْ يَمْضِ صلى الله عليه وآله وسلم حَتَّى بَيَّنَ لأُمَّتِه مَعَالِمَ دِينِهِمْ
وأَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ وتَرَكَهُمْ عَلَى قَصْدِ سَبِيلِ الْحَقِّ وأَقَامَ
لَهُمْ عَلِيّاً عليه السلام عَلَماً وإِمَاماً ومَا تَرَكَ لَهُمْ شَيْئاً
يَحْتَاجُ إِلَيْه الأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَه فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الله عَزَّ وجَلَّ
لَمْ يُكْمِلْ دِينَه فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ الله ومَنْ رَدَّ كِتَابَ الله فَهُوَ
كَافِرٌ بِه، هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الإِمَامَةِ ومَحَلَّهَا مِنَ الأُمَّةِ
فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ إِنَّ الإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وأَعْظَمُ
شَأْناً وأَعْلَى مَكَاناً وأَمْنَعُ جَانِباً وأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ
يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يُقِيمُوا
إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ إِنَّ الإِمَامَةَ خَصَّ الله عَزَّ وجَلَّ بِهَا
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عليه السلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ والْخُلَّةِ مَرْتَبَةً
ثَالِثَةً وفَضِيلَةً شَرَّفَه بِهَا وأَشَادَ بِهَا ذِكْرَه فَقَالَ:
﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماما﴾، فَقَالَ الْخَلِيلُ عليه السلام
سُرُوراً بِهَا: ﴿ومِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ قَالَ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى:
﴿لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فَأَبْطَلَتْ هَذِه الآيَةُ إِمَامَةَ
كُلِّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وصَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ ثُمَّ أَكْرَمَه
الله تَعَالَى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِه أَهْلِ الصَّفْوَةِ والطَّهَارَةِ
فَقَالَ: ﴿ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ نافِلَةً وكُلاًّ جَعَلْنا
صالِحِينَ. وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ
فِعْلَ الْخَيْراتِ وإِقامَ الصَّلاةِ وإِيتاءَ الزَّكاةِ وكانُوا لَنا عابِدِينَ﴾،
فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِه يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً فَقَرْناً
حَتَّى وَرَّثَهَا الله تَعَالَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ جَلَّ
وتَعَالَى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوه وهذَا
النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا والله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فَكَانَتْ لَه
خَاصَّةً فَقَلَّدَهَا صلى الله عليه وآله وسلم عَلِيّا عليه السلام بِأَمْرِ الله
تَعَالَى عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَ الله فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِه الأَصْفِيَاءِ
الَّذِينَ آتَاهُمُ الله الْعِلْمَ والإِيمَانَ بِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿وقالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ الله إِلى
يَوْمِ الْبَعْثِ﴾ فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ عليه السلام خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فَمِنْ
أَيْنَ يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ إِنَّ الإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ
الأَنْبِيَاءِ وإِرْثُ الأَوْصِيَاءِ إِنَّ الإِمَامَةَ خِلَافَةُ الله وخِلَافَةُ
الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلم ومَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام
ومِيرَاثُ الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ عليه السلام .