الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الغلوّ والتقصير في قول بعض أعلام الإمامية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الشيخ المفيد في شرح اعتقادات الصدوق عند قوله: اعتقادنا في الغلاة والمفوّضة، وإنّ علامة المفوّضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم المشايخ والعلماء إلى القول بالتقصير... قال: (والغلاة من المتظاهرين بالإسلام، هم الذين نسبوا أمير المؤمنين وذرّيته إلى الإلوهية والنبوّة إلى أن قال وأمّا نصّه (رحمه الله) أي الصدوق بالغلوّ على من نسب مشايخ القمّيين وعلمائهم إلى التقصير، فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلوّ الناس; إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصّراً، وإنّما يجب الحكم بالغلوّ على من نسب المحقّين إلى التقصير، سواء كانوا من أهل قمّ أم من غيرها من البلاد وسائر الناس. وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التقصير، وهي ما حكي عنه أنّه قال: أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام)، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر، مع أنّه من علماء القمّيين ومشيختهم.

 وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين، وينزلون الأئمّة (عليهم السلام) عن مراتبهم، ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيراً من الأحكام الدينية حتّى ينكت في قلوبهم، ورأينا من يقول إنّهم كانوا يلتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون، ويدّعون مع ذلك أنّهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه، ويكفي في علامة الغلوّ نفي القائل به عن الأئمّة (عليهم السلام) سمات الحدوث وحكمه لهم بالإلهية والقدم... ولا يحتاج مع ذلك إلى الحكم عليهم وتحقيق أمرهم بما جعله أبو جعفر (رحمه الله) سمة للغلوّ على كلّ حال)1.
 
 وعلّق المجلسي على قولَي الصدوق والمفيد بقوله: (ولكن أفرط بعض المتكلّمين والمحدّثين في الغلوّ لقصورهم عن معرفة الأئمّة (عليهم السلام) وعجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم وعجائب شؤونهم، فقدحوا في كثير من الرواة الثقاة لنقلهم بعض غرائب المعجزات، حتّى قال بعضهم: من الغلوّ نفي السهو عنهم، أو القول بأنّهم يعلمون بما كان وما يكون، وغير ذلك، مع أنّه قد ورد في أخبار كثيرة " لا تقولوا فينا ربّاً، وقولوا ما شئتم ولن تبلغوا).

 وورد: "إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان". وورد: "لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله"، وغير ذلك ممّا مرّ وسيأتي. فلابدّ للمؤمن المتديّن أن لا يبادر بردّ ما ورد عنهم من فضائلهم ومعجزاتهم ومعالي أمورهم إلاّ إذا ثبت خلافه بضرورة الدين أو بقواطع البراهين أو بالآيات المحكمة أو بالأخبار المتواترة، كما في باب التسليم وغيره2.

وفي صحيحة زرارة قال: "دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فسألني ما عندك من أحاديث الشيعة؟ قلت: إنّ عندي منها شيئاً كثيراً قد هممت أن أوقد لها ناراً ثمّ أحرقها. قال: ولِمَ؟ هات ما أنكرت منها. فخطر على بالي الأُمور. فقال لي: ما كان علم الملائكة حيث قالت: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك...)3.

 وقال المجلسي في شرح معنى الحديث: (لعلّ زرارة كان ينكر أحاديث من فضائلهم لا يحتملها عقله، فنبّهه (عليه السلام) بقصّة الملائكة وإنكارهم فضل آدم عليهم وعدم بلوغهم إلى معرفة فضله، على أنّ نفي هذه الأُمور من قلّة المعرفة، ولا ينبغي أن يكذب المرء بما لم يحط به علمه، بل لا بدّ أن يكون في مقام التسليم، فمع قصور الملائكة مع علوّ شأنهم عن معرفة آدم لا يبعد عجزك عن معرفة الأئمّة (عليهم السلام)4.

 وقال الوحيد البهبهاني5 في فوائده: (إعلم أنّ الظاهر أنّ كثيراً من القدماء سيما القمّيين منهم والغضائري، كانوا يعتقدون للأئمّة (عليهم السلام) منزله خاصّة من الرفعة والجلالة، ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم، وما كانوا يجوّزون التعدّي عنها، وكانوا يعدّون التعدّي ارتفاعاً وغلوّاً على حسب معتقدهم، حتّى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلوّاً، بل ربما جعلوا مطلق التفويض إليهم، أو التفويض الذي اختُلف فيه كما سنذكر - أو المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خوارق العادات عنهم، أو الإغراق في شأنهم وإجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص وإظهار كثير قدرة لهم وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ارتفاعاً أو مورثاً للتهمة به، سيما بجهة أنّ الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مدلسين. وبالجملة، الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأُصولية أيضاً، فربما كان شيء عند بعضهم فاسداً أو كفراً أو غلوّاً أو تفويضاً أو جبراً أو تشبيهاً، أو غير ذلك، وكان عند آخر ممّا يجب اعتقاده، أو لا هذا ولا ذاك).

 وقال صاحب تنقيح المقال6 ما ملخّصه: وإنّ أكثر ما يُعدّ اليوم من ضروريات المذهب في أوصاف الأئمّة (عليهم السلام) كان القول به معدوداً في العهد السابق من الغلوّ; وذلك أنّ الأئمّة (عليهم السلام) حذّروا شيعتهم من القول في حقّهم بجملة من مراتبهم; إبعاداً لهم عمّا هو غلوّ حقيقة، فهم منعوا الشيعة من القول بجملة من شؤونهم حفظاً لشؤون الله جلّت عظمته، حيث كان أهمّ من حفظ شؤونهم ; لأنّه الأصل وشؤونهم فرع شأنه، نشأت من قربهم لديه ومنزلتهم عنده، وهذا هو الجامع بين الأخبار الثمينة من الشؤون لهم والنافية لها.
 
* آية الله الشيخ محمد سند – بتصرّف يسير


1- تصحيح الاعتقاد: 63 - 66.
2- البحار 25 / 347.
3-  بصائر الدرجات: 65.
4- البحار 25 / 282.
5- الفائدة الثانية 1 / 128 - 129 من منهج المقال.
6- تنقيح المقال، الفائدة الخامسة والعشرون من المقدّمة.

12-09-2014 | 14-36 د | 1480 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net