مقتطف من كتاب الخصائص الحسينية للعالم الرباني الشيخ جعفر ألتستري في خصائص العين
الباكية والدمع الجاري على الإمام الحسين بن علي عليه السلام: وهي أمور تظهر من
الروايات:
الأول: أنها أحبُّ العيون إلى الله تعالى،
والثاني: أن كلّ عين باكية يوم القيامة لشدة من الشدائد إلا عين بكت على الإمام الحسين عليه السلام فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة،
الثالث: أن تلك العين لا بدَّ ان تنعم بالنظر إلى الكوثر إلا ان تنظر فحسب وإلا فكل شخص ينظر إلى الكوثر،
الرابع: ان العين تصير محلّ
مسّ الملائكة فإنهم يأخذون الدمع منها كما جاء في الأحاديث.
خصائص الدمع الجاري في عزاء سيد الشهداء عليه السلام:
الأول: أنها أحبّ القطرات إلى الله تعالى كما في الرواية،
الثاني: أن قطرة منها لو سقطت في جهنم لأطفأت حرَّها،
الثالث: ان الملائكة لتلقى تلك الدموع وتجمعها في قارورة،
الرابع: أنها تدفع إلى خزنة الجنان فيمزجونها بماء الحيوان الذي هو من الجنة في عذوبته ألف ضعف،
الخامس: انه لا تقدير لثوابها
فكل شيء له تقدير خاص إلا أجر الدمعة.
إلا الدمعة فينا...
وإذا سمعت هذه الكيفيات والخواص العجيبة مع الإضافة التي وردت في الرواية:من أن لكل
شيء ثواباً إلا الدمعة فينا، أي لم يبين بعد ثوابها إذ لا أحد يذكر لها، فلا تتعجب
ولا تستكثر هذا المقدار الكثير من الثواب والخواص والفضائل على هذا العمل القليل
فان هذا في الحقيقة ليس عطاء لهذا الباكي على هذه القطرة من حيث هي هي بل عطاء
للحسين عليه السلام على ما بذله.ولا تستكثر منه ذلك عليه السلام فانك قد سمعت في
أخبار أسخياء الملوك أنهم بذلوا على خدمة جزئية أو على مدحهم بقصيدة ما بقي أعجوبة
الدهر فقد أعطى معن بن زائدة مائة ألف درهم لمن مدحه ببيت واحد وهو قوله:
أيا جودُ مَعنٍ ناجِ مَعناً بحاجتي
فليس إلى مَعنٍ سواك شفيع
ثم ضاعفه في اليوم الثاني وكذلك في اليوم الثالث ثم أرسل إليه في اليوم الرابع
فقالوا انه فرَّ خوفاً من ان تستَّرد عطيتك فقال: لو بقي لصرفت جميع خزائني في
عطائه.فإذا أعطى معن بن زائدة خزائنه كلها التي لا يملك سواها وهو فقير إليها لمن
مدحه ببيت شعر لساناً لا قلباً فكيف لا يعطي من لا تنفذ خزائنه ولا تزيده كثرة
العطاء إلا جوداً وكرماً مثل ذلك لمن بذل فيه روحه وجسده ويده ورأسه وجميع جوارحه
وأوصاله وأعضاءه وأولاده وراحته وحياته وهو مع ذلك مكروبٌ عطشان ومتحير في أمور
عياله وأطفاله ونسائه والجروح متواترة عليه من السنان واللسان والسهام والشتم
والسيوف والسبّ والأحجار والرضّ والطعن والغدر والضرب وحرق خيامه، فكيف عطاء خالق
الخلق والسماوات والأرض؟ وهو الأجود من كل جواد لمن بذل جميع وجوده في سبيله تبارك
وتعالى.