عن خصائص الصدقة وآثارها العبادية والمعنوية والاجتماعية نذكر هذا النص للمرجع
الديني الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني في كتابه هداية العباد:
القول في الصدقة: قد تواترت النصوص على نَدبِ الصَّدقة والحثّ عليها خصوصاً
في أوقات مخصوصة كالجمعة وعرفة وشهر رمضان، وعلى طوائفَ مخصوصة كالجيران والأرحام،
بل ورد في الخبر لا صدقة وذو الرحم محتاج.وهي دواء المريض ودافعة البلاء وقد أُبرم
إبراماً، وبها يُستنزل الرزق ويُقضى الدين، وتُخلف البركة، وتزيد في المال، وبها
تَدفع مَيْتة السُّوء والداء والحر، والغَرق والهدم والجنون إلى سبعين باباً من
السوء، وبها في أول كل يوم يُدفع نحوسة ذلك اليوم وشروره، وفي أول كل ليلة تدفع
نحوسة تلك الليلة وشرورها. ولا يستقل قليلها فقد ورد:تصدقوا ولو بقبضة أو ببعض قبضة
ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة، ولا يستكثر كثيرها فإنها تجارة رابحة. ففي
الخبر :" إذا أملقتم تاجروا الله بالصدقة".
مسألة 1: يُعتبر في الصدقة قصدُ القربة، والأقوى أنه لا يعتبر فيها العقد
المشتمل على الإيجاب والقبول كما نُسب إلى المشهور، بل تكفي المعاطاة، فتتحقق بكل
لفظ أو فعل من إعطاء أو تسليط قصد به التمليك مجاناً مع نية القربة، ويشترط فيها
الاقباض والقبض وبعد القبض تكون لازمة لمكان قصد القربة.
مسألة 2: لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض وإن كانت على أجنبي على الأصح.
مسألة 3: تحلّ صدقة الهاشمي لمثله ولغيره مطلقاً حتى الزكاة المفروضة
والفطرة، وأما صدقة غير الهاشمي للهاشمي فتحل في المندوبة وتحرم في الزكاة المفروضة
والفطرة، وأما المفروضة غيرهما كالمظالم والكفارة ونحوها فالأحوط عدم إعطائها لهم
وتنزههم عنها.
مسألة 4: يعتبر في المتصدق البلوغ والعقل وعدم الحجر لفلس أو سفه. نعم في
صحة صدقة من بلغ عشر سنين وجه، لكنه لا يخلو عن إشكال.
مسألة 5: لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر ولا الإيمان،
بل ولا الإسلام، فيجوز على الغني وعلى المخالف وعلى الذميّ وإن كانا أجنبيين. نعم
لا يجوز على الناصب ولا على الحربي وإن كانا قريبين.
مسألة 6: الصدقة المندوبة سراً أفضل، فقد ورد: "أن صدقة السر تطفيء غضب
الرب وتطفي الخطيئة كما يطفئ الماء النار وتدفع سبعين باباً من البلاء".
مسألة 7: يستحب المساعدة والتوسط في إيصال الصدقة إلى المستحق، فعن مولانا
الصادق عليه السلام : "لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لأوجروا كلهم من غير أن
ينقص صاحبه من أجره شيئاً".
مسألة 8: يكره كراهة شديدة أن يتملك من الفقير ما تصدق به بشراء أو اتهاب أو
بسبب آخر، بل قيل بحرمته. نعم لا بأس بأن يرجع إليه بالميراث.
مسألة 9: يكره رد السائل ولو ظن غناه، بل أعطاه ولو شيئاً يسيراً، فعن
مولانا الباقر عليه السلام: أعط السائل ولو كان على ظهر فرس.
مسألة 10: يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج، بل مع الحاجة أيضاً،
وربما يقال بحرمة الأول ولا يخلو من قوة، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من
فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر.