منتخبات من كتاب "محاسبة النفس" للفقيه العارف الشيخ إبراهيم الكفعمي:
يا نفس: كفى بالغفلة ضلالاً، وكفى بجهنم نَكالاً، وكفى بالقناعة مُلكاً،
وكفى بالشِّرَهِ هلكاً، وكفى بالقرآن داعياً، وبالشَّيب ناعياً، وكفى بالتواضع
شَرفاً، وبالتكبّر تلَفاً، وكفى بالرّجل سعادةً أن يعزف عما يفنى، وَيَتَوَلَّهَ
بما يبقى، وكفى بالظّلم سالباً للنعمة، وجالباً للنقمة.
يا نفس: كيف [تبقين] على حالتك، والدّهرُ في إحالتك، فكوني لهواك غالبة،
ولنجاتك طالبة، وبمالك مُتبرِّعة، وعن مال غيرك مُتورِّعة، جميلةَ العفو إذا قدرتِ،
عاملةً بالعدل إذا مَلكتِ، لعقلكِ مُسعِفة، ولهواكِ مُسَوِّقَة، وكوني في الفتنة
كابن اللّبون لا ضرعٌ فيُحلب، ولا ظهرٌ فيُركب.
يا نفس: كذبَ من ادَّعى اليقين بالباني، وهو موصِلٌ للفاني، كلا لن يفوز
بالجنّة إلا السّاعي لها، ولن ينجو من النّار إلا التاركُ عملَها، ولن يلقى جزاء
الشرّ إلا عاملُه، ولن يُجزى جزاء الخير إلا فاعلُه، ولن يجوز الصّراط إلا مَن جاهد
نفسه، ولن يحرز العلم إلا مَن يُطيل دَرْسَه.
يا نفس: ليس بخيرٍ من الخير إلا ثوابُه، وليس بشرٍّ من الشرّ إلا عقابُه،
وليس مع الصّبر مُصيبة، ولا مع الجزع مَثوبة، وليس لمُتكبّرٍ صديق، وليس لشَحيح
رفيق، وليس لك بأخ من احتجت إلى مداراته، أو أحوجَك إلى مماراته، ليس شيءٌ أعزّ من
الكبريت الأحمر إلا ما بقي من عمر المؤمن، ولا ثوابَ عند الله أعظم من ثواب السلطان
العادل والرجل المُحسن.
يا نفس: لم يوفَّق من بخل على نفسه بخَيره، وخلّف مالَه لغيره، ومَن أصلح
نفسَه ملَكَها، ومن أهملَها أهلكَها، ومن أكرمَها أهانَتْهُ، ومن وثق بها خانته،
ومن ملكَه هواه ضلّ، ومن استعبده الطمعُ ذلّ، ومن أطاع نفسَه قتلها، ومن عصاها
وصلَها، ومن ملكها علا أمرُه، ومن ملكَتْه ذلّ قدرُه.
يا نفس: من أخذ بالحزم استَظهر، ومن أضاعه تهوّر، ومن أسرع المسير أدركَ
المقيل، ومن أيقن بالنّقلة تأهب للرحيل، ومن بخل بماله ذلّ، ومن بخل بذنبه جَلّ،
ومن أُعجب برأيه ضَلّ، ومن ركب هواه زَلّ، ومن زرع العدوانَ حصد الخسران، ومن عمل
للمعاد ظفر بالسّداد، ومن فعل ما شاء، لقيَ ما شاء.
يا نفس: من منع بِرّاً مَنَعَ شُكْراً، ومن أَحقرَ رمّة اكتسبَ مَذمَّةً،
ومن لزِمَ الاستقامة لم يُعدم السّلامة، ومن أعطىَ التوبة لم يُحرم القَبول، ومن
أخلصَ العملَ لم يُعدم المأمول، ومن فعل الخير فبنفسِه بدأ، ومن فعل الشّرَّ فعلى
نفسِه اعتدىَ.
واعلمي: أنه لم يضع امرؤٌ مالَه في غير محلّه، أو معروفَه في غير أهله، إلا
حَرَمه الله حَمدَهم، وكان لغيره ودُّهُم.