«أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ وكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ -
وكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ وكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإِخْلَاصُ لَهُ
وكَمَالُ الإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ». النص الاتي اضاءة على
العبارة المشار اليها في كتاب مفتاح السعادة في شرح نهج البلاغة للسيد محمد تقي
الحسيني النقوي:
إعلم انّه جُعل أساس الدّين المعرفة باللَّه وكتبه ورسله إذ بمعرفة اللَّه تعالى
تعرف الأنبياء وبمعرفتهم تعرف الأحكام فاصل المعرفة المعرفة باللَّه تعالى ثمّ فرّع
على هذا الأصل فروعاً أربعة .الاوّل: التّصديق باللَّه تعالى لانّ التّصديق لا يعقل
بدون المعرفة . الثاني: التوحيد فانّه متفرّع على التصديق المتفرّع على المعرفة .
الثالث: الاخلاص له تعالى المتفرّع وجوده على التوحيد المتفرع على التّصديق المتفرع
على المعرفة . الرّابع: نفى الصّفات المتفرّع على الاخلاص المتفرّع على التّصديق
المتفرع على المعرفة قوله اوّل الدّين معرفته : انّما خصّت المعرفة باوّل الدّين
لانّه لولا المعرفة لم يكن دين حقيقة إذ الدّين كما قلنا هو الالتزام بالاحكام
الشّرعيّة والنواميس الالهيّة، ممتثلاً لأوامره تعالى فإذا لم يعرف اللَّه كيف
يلتزم بدينه مضافاً إلى انّ الغاية القصوى من ايجاد الخلق المعرفة كما أشار اليه في
كتابه: ﴿﴾اي ليعرفون. وحيث انجرّ الكلام إلى المعرفة والبحث عنها فلا باس بالإشارة
- إلى كيفيّتها ولنقدّم فيه روايات وردت عن المعصومين عليهم السلام ثمّ نعقبها بما
يليق في المقام، فنقول: محمد بن الحسن عن عبد اللَّه ابن الحسن العلوي وعلي بن
إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني جميعا عن الفتح بن يزيد عن أبي
الحسن عليه السلام قال سألته عن أدنى المعرفة فقال : «الاقرار بانّه لا اله غيره
ولا شبه له ولا نظير وانه قديم مثبت موجود غير مفند وانّه ليس كمثله شيء». وقال صدر
الدّين الشيرازي قده في شرحه على أصول الكافي عند شرح هذا الحديث المراد بالرّجل هو
الكاظم عليه السلام كانوا لم يسمّونه باسمه ، خوفاً من أعدائه وكان مستوراً محبوساً
ثم قال قده : الاجتزاء الاكتفاء وقد أشرنا إلى انّ للايمان مراتب والَّذى كلَّف به
من العقائد جميع المكلَّفين قوّيهم وضعيفهم وعليه يتوقّف صحّة اعمالهم كصومهم
وصلاتهم وزكاتهم وحجّهم وطاعاتهم ومبرّاتهم وكفّهم عن معاصيهم وسيئاتهم وبدونه لا
ينتفعون بالطاعات ولا يثابون بترك السيّئات ولا يقع لهم النجاة من العذاب يوم
الجزاء والحساب هو ان يعتقدوا انّ لهم اله واحد لا شريك له في ملكه وانّه دائم لا
يزول وانّه قادر على كلّ شيء فعّال لما يريد عالم بالجزئيات فيسمع ويرى ويجيب
الدّعوات ويقضى الحاجات وانّه ارفع واجلّ من كلّ شيء فليس كمثله شيء وهو السّميع
البصير فهذه عقائد يجب على كلّ بالغ « عاقل » ان يعتقدها إذ لا يصعب على أحد منهم
دركه ولا حاجه إلى تقرير الأدلة الكلاميّة بل الغرائز مجبولة على الاذعان بها
والقبول عند القاء الملقى ايّاها عليهم وتلقينهم بها لولا بدع المبتدعين ووساوس
المضلين فيقع الاحتياج عند ذلك إلى من يحرس هذه العقائد ويحفظها عن تحليل أهل
البلاغ ولو بمقدمات جدّية ومسلَّمات عند الخصم.