* في (المقنعة) للشيخ المفيد، عن الإمام الباقر عليه السّلام: «أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَات وَسَارَ
إِلَى مِنى، دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ عَنْ
لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَامَ خَطِيباً، فَقَالَ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ:... اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَّهُ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ شَهْرُ
رَمَضَانَ، وَهُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ، فَصَامَ نَهَارَهُ، وَقَامَ وِرْداً مِنْ
لَيْلِهِ، وَوَاظَبَ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهَجَرَ إِلَى جُمُعَتِهِ، وَغَدَا إِلَى
عِيدِهِ، فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَفَازَ بِجَائِزَةِ الرَّبِّ عَزَّ
وَجَلَّ».
وقال الإمام الصادق عليه السلام: «فَازُوا، وَاللهِ، بِجَوَائِزَ لَيْسَتْ
كَجَوَائِزِ الْعِبَادِ».
* وفي (هداية الأمّة) ما ملخّصه: «سُئل الصّادق عليه السّلام كيف تكونُ ليلة القدر
خيراً من ألف شهر؟ قال: (العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ العَمَلِ فِي
أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيلَةُ القَدْرِ).
وأمّا آداب ليلة القدر وأحكامها، فهي اثنا عشر:
1) أنّها في شهر رمضان.
2) أنّها في العَشر الأواخر، وفي كثيرٍ من الرّوايات تصريحٌ بأنّها ليلة ثلاث
وعشرين.
3) يُستَحبّ كثرة الدّعاء فيها.
4) يُستحبّ الغُسل فيها مرّتين؛ من أوّل اللَّيل وآخره.
5) يُستحبّ إحياؤها بالعبادة: قال الصّادق عليه السّلام: «..فَاطْلُبْهَا فِي
لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَصَلِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ
مِنْهُمَا مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَأَحْيِهِمَا إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَى النُّورِ».
6) قيل للصّادق عليه السّلام: «إن لم أقدِر على ذلك - يعني إحياء اللَّيلتَين -
وأنا قائمٌ، قال: فَصَلِّ وأنت جالسٌ، قال: فإنْ لم أستطع؟ قال: فعَلَى فِراشِكَ،
قال: فإنْ لم أستطع؟ قال: لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكْتَحِلَ أَوّلَ اللَّيلِ بِشَيءٍ
مِنَ النَّوْمِ، إنَّ أَبوابَ السَّماءِ تُفْتَحُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ».
7) قال رجلٌ للصّادق عليه السّلام: «اللَّيلة الَّتي يُرجَى فيها ما يُرجَى، فقالَ
عَليه السّلامُ: فِي إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، وَثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ، قيل: فإنْ لَم
أقوَ عَلى كلتَيهما؟ قال: مَا أَيْسَرَ لَيْلَتَيْنِ فَيْمَا تَطْلُبْ، قيل: فربّما
رأينا الهلالَ عندَنا وجاءَنا مَن يُخبرنا بخلاف ذلك، قال: مَا أَيْسَرَ أَرْبَعَ
لَيَالٍ تَطْلُبُهَا فيهَا.
8) كان أبو جعفر الباقر عليه السّلام إذا كان ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين،
أخذَ في الدّعاء، حتّى يزولَ اللَّيل، فإذا زال اللَّيل، صلَّى.
9) سُئل الصّادق عليه السّلام عن ليلةِ القدر كانت أو تكونُ في كلِّ عام، فقال عليه
السّلام: «لَوْ رُفِعَتْ لَيْلَةُ القَدْرِ، لَرُفِعَ القُرْآنُ».
10) تُستَحبّ الاستعاذةُ من قضاء السّوء فيها، فقد رُوي: أنّه يُقدَّر ما يكون من
أمر السَّنة فيها، من خيرٍ أو شرّ، وأنّ لله تعالى فيه المشيئة، يَمحو ما يشاءُ
ويُثبِتُ وعندَه أمُّ الكتاب.
11) تسُتحبّ قراءة العنكبوت والرّوم فيها.
12) سُئل أحدهما عليهما السّلام عن علامة ليلة القدر، فقال: «عَلَامَتُهَا أَنْ
تَطيبَ رِيْحُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَرْدٍ دَفِئَتْ، وَإنْ كَانَتْ فِي حَرٍّ
بَرَدَتْ فَطَابَتْ». وروي: «أنَّ يَومَها مِثْلُ لَيْلَتِهَا».
الأيّام العشرة الأخيرة من شهر رمضان
* عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ، ثُمَّ اعْتَكَفَ
فِي الثَّانِيَةِ فِي الْعَشْرِ الْوُسْطَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ فِي الثَّالِثَةِ فِي
الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ».
وفي الخبر أنه صلّى اللهُ عَليه
وآلِه كانَ إذا دخلَ العشرُ الأواخر «شَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَحْيَا اللَّيْلَ،
وَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ».
* هذا وقد خُصَّت كلّ ليلة من اللّيالي العَشر الأخيرة بدعاءٍ خاصّ، أوردها الشيخ
المفيد بتمامها في (المقنعة)، والشيخ الطوسي في (المصباح)، والمحدّث القمّي في (مفاتيح
الجنان).
* وفي (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «تَقُولُ فِي الْعَشْرِ
الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ - فِي كُلِّ لَيْلَةٍ: أَعُوذُ بِجَلَالِ
وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ، أَوْ يَطْلُعَ
الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هَذِه، ولَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي
عَلَيْه».
* وفي (هداية الأمّة) للحرّ العاملي: «وَرُوِيَ: أَنَّهُ يُقَالُ فِي آخِرِ
جُمُعَةٍ مِنْهُ: (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ صِيَامِنَا
إِيَّاهُ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاجْعَلْنِي مَرْحُوماً، وَلَا تَجْعَلْنِي مَحْرُوماً)،
فَإِنَّهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، ظَفِرَ بِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا بِبُلُوغِ
شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ قَابِلٍ، وَإِمَّا بِغُفْرَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ».