الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
مقتطفات من حياة إبرهيم خليل الرحمن عليه السلام
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

من أجمع ما يتضمن قصة الخليل (عليه السلام) ما جاء في "روضة الكافي" بسنده عن علي بن إبراهيم القمي، عن زيد الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: إن إبراهيم (عليه السلام) كان مولده بكوثاريا وكان أبوه من أهلها، وكانت أم إبراهيم وأم لوط (عليهما السلام)، سارة وورقة أختين، وهما ابنتان للاحج، وكان لاحج نبيا منذرا، ولم يكن رسولا.

 وكان إبراهيم (عليه السلام) في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه وانه تزوج سارة ابنة1 لاحج، وهي ابنة خالته، وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة وحال حسنة، وكانت قد ملكت إبراهيم (عليه السلام) جميع ما كانت تملكه، فقام فيه وأصلحه وكثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثاريا رجل أحسن حالا منه.

 وإن إبراهيم لما كسر أصنام نمرود وأمر به نمرود فأوثق، وعمل له حايرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه، ثم اعتزلوها حتى خمدت النار. ثم أشرفوا على الحاير فإذا إبراهيم (عليه السلام) سليما مطلقا من وثاقه.

 فأخبر نمرود خبره، فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (عليه السلام) من بلاده، وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيم (عليه السلام) عند ذلك فقال: إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم!

 واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم (عليه السلام) ماله! وأخبر بذلك نمرود، فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله ويخرجوه وقال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم (!) وأضر بآلهتكم. فأخرجوا إبراهيم ولوطا (عليهما السلام) معه من بلادهم إلى الشام.

 فخرج إبراهيم - ومعه لوط لا يفارقه - وسارة، وقال لهم "إني ذاهب إلى ربي سيهدين" يعني إلى بيت المقدس. فتحمل إبراهيم بماشيته وماله، وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيرة منه عليها. ومضى حتى خرج من سلطان نمرود، وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له: عزارة، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه، فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لإبراهيم (عليه السلام): إفتح هذا التابوت لنعشر ما فيه، فقال له إبراهيم (عليه السلام): قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه. فأبى العاشر إلا فتحه، وغضب إبراهيم (عليه السلام) على فتحه.

 فلما بدت له سارة - وكانت موصوفة بالحسن والجمال - قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم (عليه السلام): هي حرمتي وابنة خالتي. فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): الغيرة عليها أن يراها أحد! فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى اعلم الملك حالها وحالك. فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه، فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت، فأتوا ليذهبوا به فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): إني لست أفارق التابوت حتى يفارق روحي جسدي! فأخبروا الملك بذلك، فأرسل الملك: أن احملوه والتابوت معه.

 فحملوا إبراهيم (عليه السلام) والتابوت وجميع ما كان معه حتى ادخل على الملك، فقال له الملك: افتح التابوت! فقال له إبراهيم (عليه السلام): أيها الملك إن فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي.

 فغصب الملك إبراهيم (عليه السلام) على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها، فأعرض إبراهيم (عليه السلام) وجهه عنها وعنه - غيرة منه - وقال: اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي! فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه! فقال له الملك: إن إلهك هو الذي فعل بي هذا؟ فقال له: نعم إن إلهي غيور يكره الحرام، وهو الذي حال بينك وبين ما أردته من الحرام. فقال له الملك: فادع إلهك يرد علي يدي، فإن أجابك فلن أعرض لها.

 فقال إبراهيم (عليه السلام): إلهي رد إليه يده ليكف عن حرمتي، قال: فرد الله عز وجل إليه يده. فأقبل الملك نحوه ببصره ثم عاد بيده نحوها فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه، وقال: اللهم احبس يده عنها. قال: فيبست يده ولم تصل إليها. فقال الملك لإبراهيم (عليه السلام): إن إلهك لغيور، وإنك لغيور، فادع إلهك يرد إلي يدي، فإنه إن فعل لم أعد! فقال إبراهيم (عليه السلام): أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله!

 فقال له الملك: نعم، فقال إبراهيم: نعم. فقال إبراهيم (عليه السلام): اللهم إن كان صادقا فرد يده عليه. فرجعت إليه يده. فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى، ورأى الآية في يده، عظم إبراهيم (عليه السلام) وهابه وأكرمه واتقاه، وقال له: قد أمنت من أن أعرض لها أو لشئ مما معك فانطلق حيث شئت، ولكن لي إليك حاجة! فقال إبراهيم (عليه السلام): ما هي؟ فقال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما، فأذن إبراهيم (عليه السلام) فدعا بها فوهبها لسارة، وهي هاجر أم إسماعيل (عليه السلام).

 فسار إبراهيم (عليه السلام) بجميع ما معه، وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم (عليه السلام) إعظاما لإبراهيم وهيبة له، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم (عليه السلام): أن قف ولا تمش قدام الجبار المتسلط وهو يمشي خلفك، ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه وهبه فإنه مسلط، ولا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة! فوقف إبراهيم (عليه السلام) وقال للملك: امض، فإن إلهي أوحى إلي الساعة: أن أعظمك وأهابك، وأن أقدمك أمامي وأمشي خلفك إجلالا لك!

 فقال له الملك: أوحى إليك بهذا؟ فقال إبراهيم (عليه السلام): نعم. فقال له الملك: أشهد أن إلهك لرفيق حليم كريم، وانك ترغبني في دينك! وودعه الملك.

 فسار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات وقد خلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات. ثم إن إبراهيم (عليه السلام) لما أبطأ عليه الولد قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا؟! فابتاع إبراهيم (عليه السلام) هاجر من سارة فتزوج بها، فولدت إسماعيل (عليه السلام)2.

 وروى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن أبيه عن هشام عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: إن إبراهيم (عليه السلام) كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من هاجر إسماعيل اغتمت سارة من ذلك غما شديدا لأنه لم يكن له منها ولد، فكانت تؤذي إبراهيم في هاجر وتغمه، فشكى إبراهيم ذلك إلى الله عز وجل، فأوحى الله إليه، إنما مثل المرأة مثل الضلع الأعوج، إن تركتها استمتعت بها وإن أقمتها كسرتها. ثم أمره أن يخرج إسماعيل وأمه، فقال: يا رب إلى أي مكان؟ قال: إلى حرمي وأمني وأول بقعة خلقتها من الأرض وهي مكة. فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل. وكان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلا قال: يا جبرئيل إلى ها هنا؟ إلى ها هنا؟ فيقول: لا، امض، امض، حتى أتى مكة، فوضعه في موضع البيت.

 وقد كان إبراهيم (عليه السلام) عاهد سارة: أن لا ينزل حتى يرجع إليها، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرة، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلوا تحته، فلما سترهم ووضعهم وأراد الانصراف منهم إلى سارة قالت له هاجر: يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟!

فقال إبراهيم: الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان حاضر عليكم. ثم انصرف عنهم فلما بلغ كداء - وهو جبل بذي طوى - التفت إليهم إبراهيم فقال: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)3ثم مضى وبقيت هاجر.

 فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل وطلب الماء، فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى ونادت: هل في الوادي من أنيس؟! فغاب عنها إسماعيل، فصعدت على الصفا ولمع لها السراب في الوادي وظنت أنه ماء وسعت، فلما بلغت المسعى غاب عنها، ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا فعادت حتى بلغت الصفا، حتى فعلت ذلك سبع مرات، فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجله، فعادت حتى جمعت حوله رملا فزمته بما جعلته حوله فلذلك سميت زمزم.

 وكانت جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات، فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير والوحش على الماء فنظرت جرهم إلى تعكف الطير على ذلك المكان فاتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي في ذلك الموضع قد استظلوا بشجرة، وقد ظهر الماء لهما. فقالوا لهاجر: من أنت وما شأنك وشأن هذا الصبي؟ فقالت: أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه، أمره الله أن ينزلنا ها هنا.

 فقالوا لها: أيتها المباركة أفتأذني لنا أن نكون بالقرب منكما؟ فلما زارهم إبراهيم (عليه السلام) في اليوم الثالث قالت هاجر: يا خليل الله إن ها هنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا، أفتأذن لهم في ذلك؟ فقال إبراهيم: نعم. فأذنت، فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم، فأنست هاجر أم إسماعيل بهم.

 فلما زارهم إبراهيم في المرة الثالثة نظر إلى كثرة الناس حولهم فسر بهم سرورا شديدا. وكانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كل واحد منهم شاة وشاتين فكانت هاجر وإسماعيل يعيشان بها.

* الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي – بتصرف


1- قد علق العلامة المجلسي في الجزء 26 من مرآة العقول على ذلك بأنه لا بد وأن تكون ابنة ابنة لاحج، ولعل السقط من النساخ حيث تصور أنها زائدة.
2- روضة الكافي: 304 - 306 ط النجف الأشرف، وانظر تفسير القمي 1: 206، 207 ط النجف الأشرف.
3- إبراهيم: 37.

29-07-2015 | 15-31 د | 1499 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net