هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني ثم الدمشقي الحنبلي (661- 728م)،
وتيمية لقب لجدته، ولد في حران، وعاش فيها طفولته، ثم نشأ في دمشق وعاش فيها باقي
عمره، سوى سنوات قليلة ذهب فيها إلى مصر، بعدما جاوز الخامسة والأربعين من عمره، ما
لبث إن عاد بعدها إلى دمشق.
وقد كان بذيئا شتاما لكل من خالفه الرأي، فقد أفتى مرة في مسألة، وأفتى فقيه آخر
بخلافه، فرد عليه ابن تيمية، قائلا: من قال هذا فهو كالحمار الذي في داره، وقصصه
الحافلة بأمثال ذلك كثيرة.
وقد كثرت مخالفاته حتى لعلماء العامة، وفتاواه الشاذة في مختلف المسائل، حتى وصل
بهم الأمر أن شكوه إلى قاضي دمشق، وبينوا فساد عقائده، فأرسل القاضي في طلبه فامتنع
عن الحضور، ولجأ إلى أمير دمشق الذي أرسل بطلب مخالفيه، فاختفى منهم جماعة، وقبض
على آخرين فضربهم، فسكت الباقون وتمهدت الأمور وسكنت الأحوال[1]، وكان إذا أراد أن
يتحدث عن العلامة الحلي نعته بابن المنجس، بدلا من اسمه الواقعي وهو ابن المطهر.
هذا في الوقت الذي يروي ابن تيمية نفسه عن النبي’ أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله
كفر.
إلا أنه رغم كل ذلك، قد حاز على لقب شيخ الإسلام، في ما بعد، والظاهر أن لفتواه
الشهيرة بكفر الشيعة والنصيرية وهدر دمائهم، سببا هاما في هذا اللقب، فقد "كان
الناس إذا أرادوا أن يكيدوا لشخص، دسوا إليه من رماه بالتشيع، فتصادر أملاكه،
وتنهال عليه العقوبات والإهانات حتى يظهر التوبة على الرفض[2]".
في هذه الأجواء الشديدة على الشيعة والنصيرية أعلن ابن تيمية فتواه بأن "قتالهم
أولى من قتال الأرمن، لأنهم عدو في دار الإسلام، وشر بقائهم أضر". واستنادا إلى هذه
الفتوى جهز آقوش جيشا كبيرا بلغ 50 ألف محارب، وساعده في ذلك التنوخيون والدروز،
وفتكوا بشيعة كسروان، وعندما فر من الكسروانيين نحو ثلاثمائة رجل بحرمهم وأولادهم
وأموالهم، واجتمعوا في مغارة نيبيه فوق انطلياس غربي مغارة اللبانة، ودافعوا عن
أنفسهم، فلم يقدر الجيش عليهم، أمر نائب دمشق أن يبنوا على المغارة سدا من الحجر
والكلس وهالوا عليه تلا من التراب، ووضعوا عليه حراسة مشددة طيلة أربعين يوما، حتى
هلكوا داخل المغارة[3].
وقد بلغ من عداء ابن تيمية لأهل البيت وشيعتهم، أنه ما ترك فضيلة وردت بحق علي× إلا
وحاول مناقشتها، وتضعيف سندها، وإن أجمع المسلمون على صحتها وتواترها.
* سماحة الشيخ حاتم اسماعيل
[1] ابن تيمية، حياته
وعقائده ص80
[2] لبنان من الفتح العربي إلى الفتح العثماني ص218
[3] نفسه ص226- 227