وجوب زيارة سيّد الشهداء عليه السلام
واستحباب ما يترتّب عليها من أعمال، هي موضوع المقالة التالية للعلّامة الشيخ حسين
آل عصفور، وقد اخترناها من كتابه (سداد العباد ورشاد العُبّاد)، وفي ما يلي نصّها:
تجب زيارة الحسين عليه السلام على الرجال والنساء من القادرين على ذلك، للتعبير في
جملة من [الروايات] المُعتبرة وغيرها، بأنّها فريضة واجبة على الرجال والنساء.ومَن
لم يقدر على ذلك فليجهّز غيره، والمشهور بين أصحابنا الاستحباب المؤكّد، ومنهم مَن
جمع بالواجب الكفائي كالمحدّث النوري (صاحب الوسائل).
وما زاد على المرّة الواحدة فهو من السُّنن المندوبة. وتتأكّد [زيارة الحسين عليه
السلام] في النصف من شعبان، ويوم مقتله عليه السلام، ويوم عرفة، وكلّ يوم عيد، ونصف
رجب وأوّل يوم منه، وأوّل ليلة من شهر رمضان، وليلة نصفه، وليالي القدر، وفي آخر
ليلةٍ منه، وفي ليلة كلّ جمعة، ويوم الأربعين من مقتله عليه السلام، وهو اليوم
العشرون من صفر.
وينبغي أن يزوروه شُعثاً غُبراً، ويُستحبّ الغسل لزيارته من الفرات وغيره... وينبغي
التسليم عليه من بُعد، ويستحبّ إكثار الصلاة عند قبره نفلاً وفرضاً.وينبغي أن
يستعمل من الآداب ما تضمّنه خبر محمّد بن مسلم، كما في (كامل الزيارات) عن أبي عبد
الله الصادق عليه السلام. قال: «قلتُ له: إذا خرجنا إلى أبيك، أَفَلسنا في حجّ؟قال:
بَلَى.قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟قال: ماذا؟قُلْتُ: من الأشياء التي تلزم
الحاجّ.قال: يَلْزَمُكَ حُسْنُ الصَّحابَةِ (الصّحبة) لِمَنْ يَصْحَبُكَ،
وَيَلْزَمُكَ قِلَّةُ الكَلامِ إِلَّا بِخَيرٍ، وَيَلْزَمُكَ كَثْرَةُ ذِكْرِ الله،
وَيَلْزَمُكَ نَظافَةُ الثِّيابِ، وَيَلْزَمُكَ الغُسْلُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ
الحائِرَ، وَيَلْزَمُكَ الخُشوعُ وَكَثَرْةُ الصَّلاةِ، وَالصَّلاةُ عَلى مُحَمَّدٍ
وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَيَلْزَمُكَ التَّوَقّي لِأَخْذِ ما لَيْسَ لَكَ، وَيَلْزَمُكَ
أَنْ تَغُضَّ بَصَرَكَ، وَيَلْزَمُكَ أَنْ تَعودَ عَلى أَهْلِ الحاجَةِ مِنْ
إِخْوانِكَ إِذا رَأَيْتَ مُنْقَطِعاً، وَالمُواساةُ، وَيَلْزَمُكَ التَّقِيَّةُ
الّتي قِوامُ دينِكَ بِها، وَالوَرَعُ عَمّا نُهيتَ عَنْهُ، وَتَرْكُ الخُصومَةِ
وَكَثْرَةِ الأيْمانِ، والجِدالِ الّذي فيهِ الأَيْمانُ، فَإِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ
تَمَّ زَورتُكَ كَما تَمَّ حَجُّكَ وَعُمْرَتُكَ، وَاسْتَوْجَبْتَ - مِنَ الّذي
طَلَبْتَ ما عِنْدَهُ بِسَعْيِكَ - أَنْ تَنْصَرِفَ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ
وَالرِّضْوانِ».وينبغي الإكثار من الدعاء وطلب الحوائج عند قبره عليه السلام.
ويستحبّ لمن أراد زيارته أن:
* يصوم ثلاثاً، آخرها [يوم] الجمعة.
* ثمّ يغتسل ليلتها ويخرج على غُسلٍ.
* تاركاً الدّهنَ والطِّيب، ملازماً الحزنَ والشّعث والجوع والعطش.
* متجنّباً الطّيّباتِ من الطعام كالحلاوة والأخبصة... وأشباهها، والاقتصار على أكل
الخبز واللَّبن، وترك اللّحم ما دام في كربلاء.
* وإذا أراد الصلاة عنده فليصلّ خلفه؛ ويصلّي من النوافل الراتبة حتّى الصلاة
المقصورة، ويبالغ في الصلاة تماماً.
* وجاء في من أقام عنده كلّ يوم بألف شهر.
* والمُنفق كلّ درهم عنده بألف درهم.
* وفي إنفاق من يجهّز إليه، ولم يخرج لِعِلَّة تصيبه، أن يعطيه الله بكلّ درهم مثل
أُحُد من الحسنات، ويخلف عليه أضعاف ما أنفق.
* وينبغي أن يزوره ماشياً؛ فإنّ له بكلّ خطوة ألف حسنة، وتُمحى عنه ألف سيّئة،
وتُرفع له ألف درجة.
* فإذا أتى الفرات فليغتسل منه.
* وليخلع نعليه، وليمشِ حافياً مشية العبد الذليل.
* فإذا انتهى إلى الحائر فليكبّر أربعاً، ثمّ ليمشِ قليلا فيكبّر أربعاً، ثم يأتي
رأسه وليكبّر أربعاً.
* وجاء في الماشي: «يكتبُ اللهُ له بكلّ خطوةٍ وبكلّ قَدَمٍ يرفعُها ويضعُها عتقُ
رقبةٍ من وُلد إسماعيل عليه السلام». وليبالغ في تكرارها بقدر الإمكان.
* وجاء في القريب [أي في البلاد القريبة من كربلاء] في السنة مرّتين إذا كان غنيّاً.
* وعلى الفقير مرّة.
* وللقريب الملاصق أن يأتيه كلّ جمعة.
* ويكره الجوار عنده لمَن يورثه القسوة.
* ويستحبّ أن يضيف إلى زيارته زيارة ابنه عليٍّ عليه السّلام، وهو أقربُ الشهداء
إليه.
* ثمّ يتبعه بزيارة الشهداء ويومئ إليهم في الأرض، فإنّ حومة الحائر مشتملة عليهم،
وليس لهم أجداث على الحقيقة متميّزة، سوى العبّاس بن عليٍّ عليه السّلام، فإنّ
مشهده على الانفراد كما هو مشاهد الآن.
* وينبغي أن يفعل في زيارته [العبّاس عليه السّلام] مثل ما فعل في زيارة أخيه
الإمام الحسين من الآداب، ومن زيارته من وجهه كما يزار المعصوم، لا زيارته من خلفه
كما تُزار سائر الناس.
* ثم يودّع الحسين عليه السّلام عند منصرفه، ناوياً العود إليه.
* وجاء [في الأخبار] زيارته عليه السلام من بُعد، إمّا بأن يبرز إلى الصحراء، أو
يصعد على سطح، مقدّماً الصّلاة على التسليم، أو مؤخّراً لها عنه، كما جاء في
الأمرين.
* الفقيه الشيخ حسين آل عصفور رحمه الله