الذئّاب الضّارية
من الموارد التي خشيَ منها رسول الله صلّى الله عليه وآله على أمّته، حبّ الجاه
والشّهرة والرئاسة، لما تستتبعه من استدراجٍ إلى الدنيا، وغفلَةٍ عن الدار
الآخرة.وفي هذا السياق مجموعة من الأحاديث الشريفة تحذّر من هذه المُهلكات، يليها
كلامٌ للشيخ النراقي من كتابه (جامع السعادات) حول حبّ الجاه ومزالقه الخطيرة.
- رسول الله صلّى الله عليه وآله: «كَفى بالمرءِ من الإثم أن يُشار إليه بالأصابع،
قالوا: يا رسول الله وإنْ كان خيراً؟ قال: وإنْ كان خيراً فهو شرٌّ له، إلّا مَن
رحمَه الله، وإنْ كان شرّاً فهو شَرّ».
- أمير المؤمنين عليه السلام: في صفة المؤمن: «يكره الرّفعةَ ولا يحبّ السُّمعة».
* وعنه عليه السلام: «آفَةُ العُلَماءِ حُبُّ الرِّئاسَةِ».
- الإمام الصادق عليه السلام: «طلبتُ الرئاسة فوجدتُها في النّصيحةِ لِعبادِ الله».
* وعنه عليه السلام في صفة المؤمن: «لَا يَرْغَبُ فِي عِزِّ الدُّنْيَا ولَا
يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا، لِلنَّاسِ هَمٌّ قَدْ أَقْبَلُوا عَلَيْه، ولَه هَمٌّ قَدْ
شَغَلَه».
* وعنه عليه السلام: «إنَّ حُبَّ الشَّرَفِ والذِّكْرِ لَا يَكُونَانِ فِي قَلْبِ
الْخَائِفِ الرَّاهِبِ».
مهالك الشّهرة
- رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ما ذِئبَانِ ضَاريان أُرسِلا في زَريبة غَنَم،
بأكثرَ فساداً فيها من حبّ المال والجاهِ في دِينِ الرّجل المُسلم».
* وعنه صلّى الله عليه وآله: «بحسب امرئٍ من الشرّ أن يُشار إليه بالأصابع في دينٍ
أو دنيا، إلّا من عصمَه الله تعالى».
- أمير المؤمنين عليه السلام: «ما أرى شيئاً أضرَّ بقلوبِ الرجال من خَفْقِ النّعال
وراءَ ظهورِهم».
- الإمام الصادق عليه السلام: «إِيَّاكُمْ وهَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءَ الَّذِينَ
يَتَرَأَّسُونَ، فَوَاللهِ مَا خَفَقَتِ النِّعَالُ خَلْفَ رَجُلٍ إِلَّا هَلَكَ
وأَهْلَكَ».
* «مَلْعُونٌ مَنْ تَرَأَّسَ، مَلْعُونٌ مَنْ هَمَّ بِهَا، مَلْعُونٌ مَنْ حَدَّثَ
بِهَا نَفْسَه».
* «مَن طلبَ الرئاسةَ بغيرِ حقٍّ، حُرمَ الطاعةَ له بحَقّ».
قال العلماء
«اعلم أنّ حبّ الجاه والشهرة من المُهلكات العظيمة، وطالبهما طالب الآفات الدنيوية
والأخروية، ومن اشتهر اسمه وانتشر صيتُه لا يكاد أن تسلم دنياه وعقباه، إلّا مَن
شهره الله لنشر دينه من غير تكلّف طلبٍ للشهرة منه. ولذا ورد في ذمّهما ما لا يمكن
إحصاؤه من الآيات والأخبار: قال الله سبحانه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ
نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا..﴾
القصص:83. ".."
ومن فساد حبّ الجاه: أنّ مَن غلب على قلبه حبّ الجاه، صار مقصورَ الهَمّ على مراعاة
الخلق، مشغوفاً بالتودّد إليهم والمراءاة لأجلهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله
متلفّتاً إلى ما يعظّم منزلته عندهم، وذلك بذرُ النفاق وأصل الفساد، ويجرّ لا محالةَ
إلى التساهل في العبادات والمراءاة بها، وإلى اقتحام المحظورات للتوصّل بها إلى
اقتناص القلوب».
* (النراقي، جامع السعادات)