عن الإمام الصادق (عليه السلام): قال:"نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الحسين
بن علي (عليهما السلام) وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إن لقتل الحسين حرارة في
قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا، ثم قال (عليه السلام) بأبي قتيل كل عبرة، قيل: وما
قتيل كل عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى".
تشكل السيرة الحسينية التي تتلى في عاشوراء مدخلا لتحريك العاطفة نحو الاستدلال
والتفكير في مسألة الحق والباطل، وتمتاز ثورة كربلاء بأحداثها التي جرت بأنها تفتح
بابا من أبواب الارتباط العاطفي بالحدث على أن ينتقل بالإنسان من العاطفة إلى معرفة
الحق من الباطل، وصولا إلى معرفة التكليف والواجب ومن ثم العمل عليه.
ولذا لا بد في عاشوراء من التأكيد على مسألة البكاء والإبكاء لأنه أساس في إحيائها
بمفاد ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وهو ما يؤكد عليه الإمام الخامنئي
(دام ظلّه) حيث يقول:"إن الهدف من عاشوراء ليس مجرد الحديث عن الذكرى وحسب، بل
تبيانها بكل أبعادها وجزئياتها التي لا عدّ لها ولا حصر، إذن إحياء هذه الذكرى هو
في الحقيقة عمل ذو فضل عظيم، ومن هنا كانت مسألة البكاء والإبكاء على مصاب الحسين
عليه السلام سائدة حتى زمن أئمتنا عليهم السلام، وينبغي أن لا يفكر أحد بعدم جدوى
البكاء، وما إلى ذلك من العادات القديمة، في زمن الفكر والمنطق والاستدلال، فهذا
فكر خاطئ، لأن لكل شيء مكانه، ولكل سهمه في بناء شخصية الإنسان، العاطفة من جهة
والمنطق والاستدلال من جهة أخرى، أمور كثيرة لا تحل إلا عن طريق العاطفة والمحبة،
ولن يؤثر فيها المنطق والاستدلال".
والخطوة المكملة للإحياء والتي تشكل الثمرة المترتبة على المرور السنوي على أحداث
عاشوراء تتجلى في استنهاض الناس من الظلم والطغيان ولذا يؤكد الإمام الخامنئي (دام
ظلّه) على الاستفادة من إحياء عاشوراء في استنهاض الناس لما فيه حياة هذا الدين
يقول:"لقد ظهرت الآثار العميقة لهذه الحادثة منذ اليوم الأوّل لوقوعها، وبها عرف
البعض وظائفه، إذ قامت حركة التوّابين، وبدأت حوادث الجهاد الطويل لبني هاشم وبني
الحسن عليهم السلام، حتى أنّ ثورة العباسيين بدأت باسم الحسين بن علي عليه السلام.
وفي مثل هذا العصر، أيضاً، خُرِقت حُجب الظلام عندما وصل الحقّ إلى الحُكم، وأُجبر
العالم على قبول وجوده في شكل نظام إسلامي... كان هذا من بركات عاشوراء. لقد استطاع
إمامنا العظيم قدس سره - وبالاستعانة بشهر محرم وحادثة عاشوراء - أن يوصل نداء الحق
من قلبه إلى أسماع الناس ويغيّرهم، واستخلص الدروس من محرم فطرح قضيّة انتصار الدم
على السيف، وحقّق ما أراده"
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين