الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
فإنّكم مسؤولون
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، ولَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِه الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ، فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا"[1].

يحدّد أمير المؤمنين (عليه السلام) منهجًا خاصًّا لسلوك أصحاب المواقع السّياسية والاجتماعيّة وفيه الكثير من التشدّد والرّقابة الذّاتية مقدِّماً نفسه النّموذج الأرقى والأعلى في امتثال هذه المنظومة الأخلاقية والسّلوكية؛ والّتي تدور بنودها بين الحدّ الواجب الّذي لا يُترك؛ والحدّ الّذي لا يكون واجبًا لكنّه يُكمل الصّورة الأنقى لمن يتصدّى للشّؤون العامّة في الأمّة.

إنّ كلَّ ما يذكره الإمام في هذا المجال يستند إلى فلسفة خاصة ورؤية فريدة صاغها الإمام بسلوكه قبل كلامه؛ وأكّد عليها على كلِّ من عمل معه وقدّمها للبشرية نموذجًا لا يُستغنى عنه ويُبيّن وجوه العدالة في الحكم الإسلامي أو في نظرة الإسلام العادلة لإدارة المجتمع والحياة، إنّ هذه الفلسفة تعني أنَّ من هو في موقع متقدّم سياسيًّا وإجتماعيَّا عليه أن يتحلَّى بصفاتٍ أخلاقيةٍ رفيعةٍ، وكلّما ارتفع بين النّاس مقامه كلّما أصبح أكثرَ حاجةً للرُّقي الأخلاقي وتنزيه النّفس عن الوقوع في الشّبهات؛ لأنّ الموقع ليس للجَني المادّي ولا للاستعلاء المعنوي للتسلّط على النّاس والمحكومين؛ ولا للزّهو الذّاتي الّذي يُغرق الإنسان في عُجبه وكبريائه؛ ولا لأي معنى من هذا القبيل؛ وإنّما هو مسؤوليّة شرعيّة يُسأل الإنسان عنها بين يدي الله تعالى يوم الحساب, وهي مسؤولية إنسانيّة واجتماعيّة لها أعباء يُفترض تحمُّلها من أجل تحقيق الرّضى الإلهي قبل رضى النّاس، وهي حلقة من حلقات اكتمال عقد العدالة الاجتماعية, فإذا اختلَّ في مكان ما فإنه سيُلحق الأذى بالمحكومين وعموم النّاس؛ وقد يُلحق الأذى بالدّين نفسه مما يُعدّ خيانة.

إنّ التأمّل في المنهج العلوي في هذا المضمار يحدّد اتجاهًا ومستلزمات، أمّا الاتجاه العام فهو أنّ صاحب الموقع عليه أن يكون أقرب إلى الفقراء والمحتاجين والمظلومين لأنّهم يحتاجونه, وأن يكون أبعد عن أصحاب الأموال والأغنياء والمواقع الاجتماعية المرموقة والطبقات التي تميّز نفسها؛ لأنّهم في الغالب يسعَوْن للاستفادة من علاقاتهم لمصالحهم الشّخصية أمّا في المستلزمات فأمور:

1- الرّقابة الشّديدة لنفسه وأهوائه وضبطهما حتّى لا تسوقان صاحب الموقع إلى تجيير مكانته لشهوة أو لذّة أو أيّ مكسَبٍ دنيوي.

2- الخشية من الله والحساب واستحضار مفهوم العقاب الالهي؛ بل واستحضاره في القلب والعقل والسّلوك والطّلب من الله تعالى أن يعصِمه من الوقوع في المزالق والشّبهات.

3- الابتعاد عن كلِّ ما يُلحق بسمعته الأذى ويقلّل هيبته بين النّاس؛ لأنّ في ذلك إضعافًا للموقع وتقليلاً لشأنه ممّا يتيح الاستهتار والتّجاوز لعموم النّاس لاحقًا

4- مواساة الفقراء والمعوزين في المأكل والملبس وشؤون الحياة الخاصّة؛ بما يجعله قادرًا على تقديم الأُسوة والقدوة وقادرًا على إقناع الفقراء أنّه منهم؛ وملتفت إليهم كي يصبروا ويتحمّلوا بطيب خاطرٍ فلا تزداد النّقمة في قلوبهم.

5- إلتزام التّقوى والورع وبذل الجهد للحصول على هاتَين الصّفتين على أن تكونا ظاهرتين في مسلكه وتعاطيه مع النّاس؛ وهذا يستلزم برنامجًا عباديًّا شديدًا ليكون الظّاهر مطابقًا للواقع؛ وإلّا فينقلب عكس المراد.

إنّ هذه التّعاليم تُعتبر من مفاخر النّهج العلويّ الّذي يضع المجتمع وطبقة المسؤولين على خطّ العدالة؛ وهي أسمى وأرقى قاعدة يطلبها الإسلام في مجال التّطبيق والممارسة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

[1] نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، ص418.

20-12-2017 | 14-49 د | 1343 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net