الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
إنصاف النّفس
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في عهده لمالك الأشتر: "امْلِكْ هَوَاكَ وشُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ، فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ"[1].

إنّ أدنى ما ينبغي للإنسان أن يُحسنه هو الانتفاع بوجوده في هذه الدّنيا لمصلحة تعود عليه، وإلّا فسوف يكون ظالمـًا لنفسه، فأصل جلْب المنفعة للذّات أمرٌ غير مُستنكَر بل ومطلوب، ولكن أيّ منفعة هذه الّتي تستحق أن يُبذل العمر والوقت لأجلها؟

عندما يدور الأمر بين المنفعة الدّائمة والمؤقّتة، الفانية والأبديّة، فإنّ العقل يقتضي العمل على تحصيل الدائمة الأبدية دون المؤقّتة الفانية، والغافل هو الّذي يُخطئ فلا يتبع العقل في ذلك، فلا يُحسن الانتفاع من نفسه، حتّى إذا انتهى أوان العمل لم يجد شيئًا، قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): "فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤٌ بِنَفْسِه، فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ مَنْ سَمِعَ فَتَفَكَّرَ، ونَظَرَ فَأَبْصَرَ وانْتَفَعَ بِالْعِبَر"[2], إذًا هذه النّفس هي أغلى ما يملكه هذا الإنسان وهي رأسماله الّذي به يبدأ تجارته، ولذا وصف الله عز وجل المعاملة معه من قِبَل الصالحين بالتّجارة لأنّهم يضعون هذه النّفس وهي رأسمالهم في مقابل الرّضى الإلهي والجنة، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ[3]، وقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [4].

وفي خطاب الإمام لمالك الأشتر أمر البُخل بهذه النفس، والبخل صفة مذمومة ولكن إذا كان يتعلّق بهذه النّفس؛ فإنّه يصبح صفة حسنة بل مطلوبة، مع أنّ بذل النفس يكون مطلوبًا ومرغوبًا في أحيانٍ أخرى. ويبيّن الإمام قاعدة ذلك؛ وتتمثّل في التّعامل مع النّفس بالعدل والإنصاف، فهنا حالات:

الأولى: أن تحبّ النّفس أمرًا يكون محبوبًا لله عز وجل، فهنا مُقتضى العدل لهذه النّفس أن تُعطى ما تحبّ، ولا يَصح البُخل بها، بل تُبذل هذه النّفس لأنّ في ذلك عوضًا أعظم، وأعلاه درجةً بذلُ المرء نفسَه في سبيل الله عز وجل فليس فوق ذلك برّ.

الثانية: أن تحبَّ النّفسُ أمرًا يكون مبغوضًا عند الله عزّ وجل، فهنا لا يكون العدل مع النفس والإنصاف لها أن تُعطى ما تُحب، بل الصّحيح أن تُمنع من ذلك وتُردع عنه، فهنا البخل بها وإمساكها مطلوب، لأنّ الاستجابة لها سوف يُلحق الضّرر بها، والمتمثّل بخسران الدّنيا والآخرة.

الثالثة: أن تكره النّفس أمرًا يكون محبوبًا عند الله عزّ وجل، وهنا العدل مع النّفس أن تُجبر على فعله وأن تُبذل لأجله، ولا يصحّ البخل بها، لأنّ حرمانها ما ينالها من فعل ما هو محبوب عند الله عزّ وجلّ ظلمٌ لها.

الرّابعة: أن تكره النّفس أمرًا ويكون مكروهًا ومبغوضًا عند الله عزّ وجل، وهنا الاستجابة للنّفس تكون مطلوبة ويجب على الإنسان أن يمسكها ولا يبذلها؛ لأنّ الإنصاف لها والعدل معها أن لا يُلحق بها الضّرر لا سيّما مع كرهها لذلك.

وبهذا؛ يتّضح أنّ قواعد التّجارة مع الله عز وجل تفترض الحفاظ على ما يملكه الإنسان من رأسمال والحرص على عدم التّفريط به، وذلك يتمّ من خلال التّدقيق في كلّ بذل لهذه النّفس, أن لا يكون في معصية الله عزّ وجل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

[1] نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، ص 427.
[2] المصدر نفسه، ص 213.
[3] سورة التوبة، الآية 111.
[4] سورة البقرة، الآية 207.

27-12-2017 | 14-45 د | 1319 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net