الصّدّيقةُ الكبرى فاطمةُ الزهراءُ (عليها السلام) أعظَمُ سيِّدَةٍ في تاريخِ الإنسانية، وفخرُ الإسلام، ومَفخَرَةُ هذا الدينِ وهذه الأُمّة. وكما يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (حفظه الله): «هي امرأةٌ شابّةٌ تعيشُ حياةً بسيطة، وَتَلْبَسُ ثيابَ الفقراء، وتقومُ بإدارةِ بيتِها ورعايةِ أولادِها. ومعَ ذلك، فهي جَبَلٌ عظيمٌ منَ المعرفة، وبحرٌ زاخِرٌ منَ العِلْم... فما يوجَدُ في الحياةِ الظاهريَّةِ لهذه المرأةِ الجليلةِ هو مِن جهةِ العِلْمِ والحِكمةِ والمعرفة، بحيث حينما تَنظُرونَ في خُطبةٍ كالخُطبةِ الفدكيّة... في حَمْدِ وثناءِ هذه الخُطبة، وفي مقدّماتِها، تَرَونها كُلُّها حِكمَةٌ ومعرفةٌ تجري كالجواهرِ والدُّرَرِ على لسانِ هذه الإنسانةِ العظيمة».
ومِنَ الشواهدِ التي تدُلُّ على عظمتِها:
1- أقوالُ النبيِّ (صلى الله عليه وآله) في حقِّها: وأشهرُها المرويُّ عنه (صلى الله عليه وآله): «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، مَنْ سَرَّهَا فَقَدْ سَرَّنِي، وَمَنْ سَاءَهَا فَقَدْ سَاءَنِي. فَاطِمَةُ أَعَزُّ النَّاسِ عَلَيَّ». ومما نُقِلَ عنِ النبيِّ الأكرمِ (صلى الله عليه وآله) قولُه: «فِدَاهَا أَبُوهَا»، وهذا يدُلُّ على عظيمِ منزِلةِ الزهراءِ (عليها السلام) في نفْسِ النبي. وما نَيْلُها تلك المَنزِلةَ إلّا بالبذلِ والعطاءِ الصادرِ منها، ومواساتِها الفقراء، وما تصدّقتْ به عليهم.
2- أفعالُ النبيِّ (صلى الله عليه وآله): إنَّ فِعْلَ المعصومِ (عليه السلام) حُجّةٌ كقولِه، وهو مِن خَيرِ الشواهدِ على عظمةِ شخصيّةِ السيّدةِ الزهراءِ (عليها السلام). يقولُ الإمامُ الخامنئيّ (حفظه الله): «قبلَ أكثَرِ مِن ألفٍ وأربعمِائةِ سنة، يربّي الرسولُ الأكرمُ(صلى اله عليه وآله) بنتاً تُحرِزُ جدارةَ أن يقبِّلُ الرسولُ يدَها! تقبيلُ الرسولِ يَدَ فاطمةَ الزهراءِ(عليها السلام) يجبُ أن لا يُحمَلَ إطلاقاً على مَحْمِلٍ عاطفِيّ. إنه لَمِنَ الخطأِ والتفاهةِ جِدّاً أن يُتصوَّرَ أنه كان يُقَبِّلَ يَدَها؛ لأنّها بنتُه، ولأنّهُ يحبُّها. شخصيّةٌ بتلكَ المكانةِ السامية، وبما له مِنَ العملِ والحكمة، وباعتمادِهِ على الوحيِ والإلهامِ الإلهيَّين، ينحني ويقبِّلُ يدَ ابنتِه؟ لا، إنَّ هذا شيءٌ آخر، وله معنًى آخر».
كما يؤكِّدُ الإمامُ الخامنئيُّ(دام ظله) على الارتباطِ الوثيقِ بين عظمةِ السيّدةِ الزهراءِ (عليها السلام) وعظمةِ الإسلام، فإنّ الوجودَ المبارَكَ لها دليلٌ على عظمةِ الإسلامِ وعظمةِ التربيةِ الإسلامية، وهذا بُعْدٌ مِن أبعادِ الكمالاتِ المتصوَّرةِ في الزهراءِ (عليها السلام). يقولُ (حفظهُ الله): «إنَّ الإنسانَ كُلّما فكّر وتدبّر أكثرَ في أحوالِ الزهراءِ الطاهرةِ (عليها السلام)، يحتارُ أكثر، وحَيرةُ الإنسانِ ليست ناجمةً عن كيفيّةِ تمكُّن هذا الكائنِ الإنسانيِّ مِن نَيْلِ هذه الرتبةِ مِنَ الكمالاتِ المعنويةِ والمادّيّةِ في سِنِيِّ الشباب ـ وهي بالطبْعِ حقيقةٌ تثيرُ الحَيرةَ أيضاً. بل مِنَ القدرةِ العجيبةِ التي استطاعَ الإسلامُ بها أن يَبلُغَ بتربيتِهِ الرفيعةِ إلى درجةٍ تُمكّنُ امرأةً شابّةً مِن كَسْبِ هذه المنزلةِ العاليةِ في تلك الظروفِ الصعبة. فعظمةُ هذا الكائنِ وهذا الإنسانِ الرفيعِ تثيرُ العُجُبَ والحَيرة، وكذلك عظمةُ الرسالةِ التي أَظهرَتْ هذا الكائنَ عظيمَ القدْرِ وجليلَ المنزلة».
نعزّي الإمامَ صاحبَ العصرِ والزمانِ (عجّل اللهُ فرجَه)، ووليَّ الأمرِ في غيبتِهِ الإمامَ الخامنئيَّ (دام ظلُّه)، والمجاهدين، في ذكرى استشهادِ سيّدةِ نساءِ العالمينَ فاطمةَ الزهراءِ (عليها السلام).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين