لقد رَسم الإمامُ الخمينيُّ (قدّس سرّه) خطوطاً عامّةً للثورة الإسلامية المبارَكة، وتحدَّثَ عنها الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) في العديدِ من خطاباتِه، ومِن أهمّها مسألةُ فِلِسطين، فالإمامُ يرى ضرورةَ: «الاهتمامِ الخاصِّ بمحارَبةِ النظامِ الصُّهيونيِّ الغاصبِ للقدس. وقد كانت محارَبةُ "إسرائيلَ" تحتلُّ مكانةً خاصّةً في رؤيةِ الإمامِ -في النهجِ الحكوميّ-. ومِنَ الأمورِ التي لم يكن من الممكنِ التغاضي عنها أبداً بالنسبةِ إلى الشعوبِ المسْلمةِ مِن وجهةِ نظرِ إمامِ الأُمّة».
وهذه القضيّةُ تمتازُ بثوابتَ تَحَدَّثَ عنها الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) أيضاً، منها:
1. إنها امتثالٌ للواجبِ الإنسانيِّ والإلهيّ: فهي واجبٌ لا يمكنُ التخلُّفُ عنه. يقول الإمامُ الخامنئيّ: «إنّ قضيّةَ فلسطينَ هي بالنسبةِ إلينا قضيّةٌ إنسانيّةٌ وإسلاميّة. هي قضيّةٌ إنسانيّة؛ لأنَّ حفنةً من المجرمينَ المعادينَ للبشريّةِ قد اجتمعوا في هذه المنطقةِ ولا هَمَّ لهم سوى ارتكابِ الجرائمِ، والاعتداءِ والتسلُّط، والتآمرِ على الشعوبِ والحكوماتِ الثوريّة. إنّهم يقدّمونَ العَونَ اليومَ إلى أعدائنا. إنّهم يساعدون الأشخاصَ الذين تشتركُ حدودُهم معنا، ويتآمرون ضِدَّنا. إنّهم منشغلونَ بتقديمِ المساعَدات. إنّهم يشكّلونَ قاعدةَ التآمرِ الأمريكيِّ ضِدَّ إيرانَ وثورتِها في هذه المنطقة. وفضلاً عن ذلك، فإنّ قضيّةَ فلسطينَ -يا إخوتَنا وأخواتِنا- هي قضيّةٌ إسلاميّةٌ بالنسبة إلينا. لقد أوجب الإسلامُ علينا أن ندافعَ عن البلدانِ المسلمة، أوجب علينا أن نهتمَّ بحقوقِ المظلومينَ والمستضعفين، أوجب علينا أن نسارعَ بأموالِنا وأرواحِنا إلى مساعدةِ الشعبِ الذي يُطلِقُ صرختَهُ منذ ثلاثينَ سنةً، منادياً «یا للمسلمين»، دونَ أن يُجيبَهم أحد».
2. الجهادُ هو سبيلُ النصرِ في فلسطين: لقد حاول الغربُ المستكبرُ أن يَفرِضَ معادلاتٍ لِحَلِّ القضيّةِ الفلسطينيّة، ولكنها مع مرورِ الزمنِ باءتْ بالفشل؛ لأنَّ الطريقَ الوحيدَ هو زوالُ الكِيانِ الغاصبِ عن طريقِ الجهادِ والمقاومة. يقول الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «إنَّ مَنْ يَظُنُّ أنَّ بإمكانِهِ إنقاذَ فلسطينَ باللجوءِ إلى أمريكا وحلفائِها، فهو يعيشُ في وهمٍ يُؤسَفُ عليه. فكما يُعتبَرُ إنقاذُ فلسطينَ عن طريقِ الكيانِ الغاصبِ أمراً مستحيلاً، فإنَّ ذلك غيرُ ممكنٍ كذلكَ باللجوءِ إلى أمريكا وحلفائِها. وإنَّ كلَّ حركةٍ تنتهي إلى الاعتمادِ على داعمي هذا الكيانِ الغاصب، هي حركةٌ منحرفةٌ قطعاً، وتنطوي على خطأٍ فادح».
3. الإيمانُ الراسخُ بأنّ الهزيمةَ هي مصيرُ هذا الكيانِ الغاصب: وذلك وَفقَ قواعدِ السُّننِ الإلهيّةِ التي يشيرُ إليها الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «علينا أنْ نتعلَّمَ ذلك مِن وعدِ الله. فقد خاطب اللهُ تعالى بني إسرائيلَ في سورةِ بني إسرائيلَ قائلاً: ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإذا جاءَ وَعْدُ اُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا اُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُول﴾[1]. إنَّ كُلَّ أُمَّةٍ تنهضُ للسيرِ في الطريقِ الطبيعيِّ لسان التاريخ ملتزمة الصلاح، ومستخدمة سلاحَ الحقِّ والحقيقةِ والمطالبةِ بالعدالة، فإنَّ اللهَ سوف يُعينُها، ولكنَّ أيَّ أمَّةٍ تثيرُ الفساد، وتطغى على المستضعَفين، وتتجاهلُ القِيَمَ الإنسانيّة، فإنَّ هذه الأمَّةَ محكومةٌ بالفَناءِ والزوال».
وقِوامُ ذلك الإرادةُ الراسخةُ والعزيمةُ القويّة، وذلك كما يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «إنَّ إرادةَ البشر، والعزمَ المنبثقَ مِن الإيمان، يسهّلُ كلَّ المشاكل، ويجعلُ كلَّ المعجزاتِ ممكنة».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] سورة الإسراء، الآيتان 4 و5.