في الثاني والعشرين من شهر ذي القعدة للعام الخامس للهجرة وبعد أن انهزم الأحزاب في معركة الخندق وغادرت آخر مجموعة من جيوشهم أرض المدينة خائفة ذعرة, نادى مناديا على لسان النبي صلى الله عليه واله وسلم: من كان سامعا مطيعا فلا يصلينّ العصر إلا ببني قريظة.
وكان ذلك على خلفية تعاون بني قريظة مع الأحزاب في وقعة الخندق للقضاء على النبي صلى الله عليه واله وسلم والمسلمين, بعد أن كان عقد معهم ميثاق تعايش, في أن يعيشوا جميعا بأمان, فنقضوا العهد - جريا على عادتهم في نقض العهود والمواثيق- فعقد النبي صلى الله عليه واله وسلم رايته لعلي عليه السلام وخرج معه الجيش لحربهم.
فتحصن بنو قريظة في حصونهم, ونشبت بينهم وبين المسلمين حربا, غير أن المسلمين حاصروا حصونهم ومنعوا من دخول المعونات عليهم, وبقي الأمر على هذه الشاكلة قرابة خمسة عشر يوما.
حاول بنو قريظة أن يفاوضوا النبي صلى الله عليه واله وسلم حتى وصلوا إلى أن يدفعوا إليه ما يملكون ويتركون حصونها ويخرجون, كما فعل صلى الله عليه واله وسلم ببني النضير وقينقاع, غير أن النبي صلى الله عليه واله وسلم أجاب: لا, إلا أن تنزلوا على حكمي.
وفعلا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم, ووافقوا على تحكيم سعد بن معاذ, فهو يحكم فيهم.
وجاء سعد لينفذ حكمه, فحكم بأن يقتل رجالهم, وتسبى ذراريهم ونساؤهم, وتقسم أموالهم.
وقد اقر النبي صلى الله عليه واله وسلم سعد في حكمه, ونفذه فيهم, وهكذا يكون النبي صلى الله عليه واله وسلم قد تخلص من قبيلة يهودية كانت تكن كل ألوان الخيانة والكره والبغض له وللمسلمين والإسلام.