سمي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة بيوم التروية، فلماذا سمي بذلك؟
التروية لغةً واصطلاحاً
ورد في كتاب لسان العرب: "وتَرَوّى القوم ورووا: تزوّدوا بالماء، ويوم التروية: يوم قبل يوم عرفة، وهو الثامن من ذي الحجّة، سُمّي به لأنّ الحُجّاج يَتَروّوْن فيه من الماء وينهضون إلى مِنىً، ولا ماء بها فيتزوّدون ريّهم من الماء، أي يسقون ويستقون".
عن عبيد الله بن علي الحلبي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألته لم سُمّي يوم التروية يوم التروية؟ قال: "لأنّه لم يكن بعرفات ماء، وكانوا يستقون من مكّة من الماء لريّهم، وكان يقول بعضهم لبعض: ترويتم ترويتم، فسُمّي يوم التروية لذلك".
وقال الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ إبراهيم عليه السلام أتاه جبرائيل عند زوال الشمس من يوم التروية فقال: يا إبراهيم ارتوِ من الماء لك ولأهلك، ولم يكن بين مكّة وعرفات ماء، فسُمّيت التروية بذلك...".
خروج يوم التروية
قال الإمام الصادق عليه السلام: "يخرج الناس إلى منىً من مكّة يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجّة، وأفضل ذلك بعد صلاة الظهر، ولهم أن يخرجوا غداة أو عشية إلى الليل، ولا بأس أن يخرجوا ليلة يوم التروية، والمشي لمن قدر عليه في الحجّ فيه فضل، والركوب لمن وجد مركباً فيه فضل أيضاً، وقد ركب رسول الله صلى الله عليه وآله ".
من أعمال يوم التروية
1ـ الصيام: وفيه فضل كثير، قال الإمام الصادق عليه السلام: "صوم يوم التروية كفّارة سنة...".
2ـ الغسل: وهو مستحبّ.
وفي هذا اليوم من ذي الحجة يوم التروية سنة ستين للهجرة أعلن مسلم بن عقيل حركته في الكوفة قبل الأجل بينه وبين الناس، وذلك بسبب استشهاد هانئ بن عروة واجتمع إليه أربعة آلاف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر: "يا منصور أمت".
وقد نجحت حركته في بدايتها واقبل الثوار نحو قصر الإمارة، فتحز عبيد الله بن زياد وغلق الأبواب لعدم قدرته على المواجهة، لأنه لم يكن معه إلا خمسون رجلا من الشرطة وبعض الأشراف والموالي، لكنه عمد إلى حيلة استطاع من خلالها تفتيت القوة المجتمعة حول مسلم بن عقيل إذ صاح الخائفون المتحصنون معه في القصر: يا أهل الكوفة اتقوا الله ولا توردوا على أنفسكم خيول الشام، فقد ذقتموهم وجربتموهم، فتفرق الأربعة آلاف ولم يبقى منهم إلا ثلاثمائة مقاتل. وروى أن الرجل كان يأتي ابنه أو أخاه أو ابن عمه فيقول له: انصرف، والمرأة تأتي زوجها فتتعلق به حتى يرجع.
وفي نفس اليوم الثامن من ذي الحجة سنة ستين توجه الإمام الحسين عليه السلام من مكة إلى العراق بعد مقامه بمكة من اليوم الثالث من شعبان وكان قد اجتمع إليه مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز ونفر من أهل البصرة، وكان عليه السلام قد طاف وسعى واحل إحرامه وجعلها عمرة لما بلغه أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر، وأمره على الحاج وأوصاه بالفتك بالحسين أينما وجده، فكره الإمام الحسين عليه السلام أن تستباح به حرمة البيت.
وخطب الإمام الحسين عليه السلام في مكة خطبته الشهيرة التي قال فيها: "الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله وصلى الله على رسوله خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة،...... إلى أن قال: ألا من كان فينا باذلا مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى".
وروي انه عليه السلام قال لعبد الله بن الزبير: إن أبي حدثني أن بمكة كبشا به تستحل حرمتها فما أحب أن أكون ذلك الكبش، ولئن اقتل خارجا منها بشبر أحب إلي من أن اقتل فيها، وأيم الله لو كنت في ثقب هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم، والله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت.