بسم الله الرحمن الرحيم
ليلة عرفة: روي انه يستجاب فيها كل دعاء بخير، وللعامل فيها بطاعة الله تعالى أجر سبعين ومائة سنة، وهي ليلة المناجاة، وفيها يتوب الله على من تاب. ويستحب فيها أن يدعو بالدعاء الذي أوله: "اللهم يا شاهد كل نجوى....".
وأما يوم عرفة، اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو يوم دعا الله فيه إلى طاعته وعبادته، وبسط لهم موائد إحسانه وجوده، والشيطان فيه ذليل حقير طريد غضبان أكثر من أي وقت سواه.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"الحج عرفة"، وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام:"الحج الأكبر الموقف بعرفة ورمي الجمار".
لماذا سميت عرفة؟
عرفات، جبل الرحمة والمغفرة، هضبة تبعد عن الكعبة (مدينة مكة) حوالي 21 كيلو متر، يقصدها الحجيج لأداء حج التمتع، بعد ارتدائهم لملابس الإحرام ويقفون في هذه المنطقة من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة إلى أوان غروب الشمس، منهمكين بالدعاء والتضرع، لينزل الله تعالى عليهم رحمته، ويعطيهم الرخصة مرة أخرى للدخول إلى الحرم. وفي رواية عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن عرفات لم سميت عرفات؟
فقال: إن جبرائيل عليه السلام خرج بإبراهيم عليه السلام يوم عرفة، فلما زالت الشمس قال جبرائيل: يا إبراهيم اعترف بذنبك، واعرف مناسكك، فسميت عرفات لقول جبرائيل اعترف فاعترف".
الوقوف بعرفة:
قبل الإسلام كانت جرهم تتأسى بإبراهيم عليه السلام فيطوفون بالبيت ويقفون على عرفات، وجاء الإسلام فجعل الحج عرفة، فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج.
إحدى أهم الألطاف التي يحصل عليها الحجاج من رحلة الحج المعنوية، هو غفران الذنوب، ففي اليوم التاسع من شهر ذي الحجة الحرام، يأتي الحجيج من كل فج عميق ويجتمعون في عرفات، ويطلبون من الله تعالى أن يغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم ويطهرهم من الأدران، فهم في دعاء وبكاء وتوسل.
عن علي عليه السلام قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما حج حجة الوداع، وقف بعرفة فأقبل الناس بوجهه فقال: مرحبا بوفد الله – ثلاث مرات – الذين إن سألوا أعطوا، وتخلف نفقاتهم، ويجعل لهم في الآخرة بكل درهم ألفا من الحسنات، ثم قال: يا أيها الناس ألا أبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إنه إذا كانت هذه العشية باهى الله بأهل هذا الموقف الملائكة، فيقول: "يا ملائكتي انظروا إلى عبيدي وإمائي أتوني من أطراف الأرض، شعثا غبرا، هل تعلمون ما يسألون؟ فيقولون: ربنا يسألونك المغفرة، فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، فانصرفوا من موقفكم مغفورا لكم ما سلف".
صوم يوم عرفة:
ورد النهي عن الصوم في يوم عرفة في بعض الروايات من الفريقين، ولعل السبب في ذلك يعود إلى ضرورة أن يكون الفرد نشيطا أثناء الدعاء والتضرع، لأن الفرد الصائم يستحوذ عليه الضعف ولا يجد القدرة على الدعاء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يصوم عرفة، وفعل ذلك الخلفاء وبعض الصحابة أيضا تأسيا به صلى الله عليه وآله وسلم، وقال الشيخ الكفعمي في المصباح: يستحب الصوم يوم عرفة، لمن لا يخاف الضعف في الدعاء.
ويستحب الاغتسال قبل الزوال، وزيارة الإمام الحسين عليه السلام فيه وفي ليلته، ومن أعمال هذا اليوم قراءة الأدعية المأثورة عن الأئمة عليه السلام وهي كثيرة والمشهور منها دعاء عرفة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام وكذلك دعاء الإمام السجاد عليه السلام في هذا اليوم.