«إنّني أدعو جميعَ المسلمينَ في العالمِ، لتحديدِ واختيارِ الجُمعةِ الأخيرةِ في شهرِ رمضانَ الكريم -الذي هو في حدِّ ذاتِهِ فترةٌ محدَّدةٌ، يمكنُ أيضاً أن يكونَ العاملَ المحدِّدَ لمصيرِ الشعبِ الفلسطينيّ-؛ وتسميتِها بيومِ القدسِ العالميّ، وذلك خلالَ حفلٍ يدلُّ على تضامنِ المسلمينَ في جميعِ أنحاءِ العالم، تعلِنُ تأييدَها للحقوقِ المشروعةِ للشعبِ المسلم. أسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أن ينصُرَ المسلمينَ على الكافرين».
هذا نَصُّ بيانِ الإمامِ الخمينيِّ في الإعلانِ عن يومِ القدسِ العالميّ، وكانت مسيرةُ يومِ القدسِ الأولى عامَ 1979م في طهران، وما زالت المسيراتُ والاحتفالاتُ بهذه المناسَبةِ تعمُّ أرجاءَ العالَم، مذكِّرةً بمظلوميّةِ شعبِ فلسطين، ومؤكِّدةً على استمرارِ المواجَهةِ مع الكيانِ المؤقَّتِ الغاصب. ولو أردنا أن ننظرَ اليومَ إلى ثمارِ هذا الإحياء، فسوف نجد:
1. مؤشّراتُ الغدِ الأفضل: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «النموُّ المتزايدُ لقوى المقاومةِ في أكثرِ المناطقِ الإسلاميّةِ حسّاسيّة، وتصاعُدُ قدراتِها الدفاعيّةِ والهجوميّة، وتنامي الوعيِ الذاتيِّ والدافعِ والأملِ بين الشعوبِ المسلمة، وتزايدُ التوجُّهِ نحوَ تعاليمِ الإسلامِ والقرآن، والتطوّرُ العلميّ، وتصاعُدُ روحِ الاستقلالِ والاعتمادِ على الذاتِ بينَ الشعوب، كُلُّها مؤشّراتٌ مبارَكةٌ تبشِّرُ بغَدٍ أفضل».
2. الوحدةُ ضرورةٌ للمواجَهة: يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ: «إنَّ الوحدةَ اليومَ هي أعظمُ سلاحٍ الفلسطينيّين. إنّ محورَ هذه الوحدةِ يجبُ أن يكونَ الجهادَ الداخليَّ وعدمَ الثقةِ بالأعداء. والسياساتُ الفلسطينيّةُ ينبغي ألّا تعتمدَ على العدوِّ الأساسِ للفلسطينيّين؛ أي أمريكا والإنجليزَ والصهاينةَ الخبثاء. الفلسطينيّون، سواءٌ في غزّةَ أو في القدسِ أو في الضفّةِ الغربيّة، وسواءٌ كانوا في أراضي ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانيةِ وأربعين، أو في المخيّمات، يشكّلونَ بأجمعِهم جسداً واحداً، وينبغي أن يتّجهوا إلى استراتيجيّةِ التلاحُم، بحيثُ يدافعُ كلُّ قطاعٍ عن القطاعاتِ الأخرى، وأن يستفيدوا حينَ الضغطِ على تلك القطاعاتِ مِن كلِّ ما لديهم من معدّات».
3. الفشلُ مصيرُ الخيانة: لقدِ اتّجهتْ بعضُ الحكوماتِ العربيّةِ للتطبيعِ، وبشكلٍ بشعٍ جدّاً، ولعلّ هذا أوجبَ القلقَ عند بعضِهم في تأثيرِه على المواجَهة، لكنَّ الإمامَ الخامنئيَّ (دام ظلّه) يشيرُ بوضوحٍ إلى أنَّ هذا مصيرُه الفشلُ حتماً، يقول (دام ظلّه): «إنَّ تكامُلَ المسلمينَ حول محورِ القدسِ الشريف، هو كابوسُ العدوِّ الصهيونيِّ وحُماتِه الأمريكيّين والأوروبيّين. إنّ مشروعَ «صفقة القرن» الفاشلَ، ثمّ المحاولةُ لتطبيعِ عددٍ من البلدانِ العربيّةِ الضعيفةِ علاقاتِها معَ العدوِّ الصهيونيّ؛ إنّما هيَ مساعٍ متخبِّطةٌ للفرارِ من ذلك الكابوس.
إنّني أقولُها بشكلٍ قاطع: سوف تبوءُ هذه المساعي بالفشل، وإنَّ الخطَّ البيانيَّ الانحداريَّ باتّجاهِ زوالِ العدوِّ الصهيونيِّ قد بدأَ، وسوفَ لن يتوقّف».
4. ضَعفُ الكيانِ المؤقَّت: لم يعدْ لهذا الكيانِ تلكَ المهابَةُ حتّى لدى بعضِ ضعافِ النفوس، يقول الإمامُ الخامنئيُّ: «إنَّ الأملَ في النصرِ اليومَ هو أكثرُ ممّا مضى. موازينُ القوى تغيّرتْ بقوّةٍ لصالحِ الفلسطينيّین. العدوُّ الصهيونيُّ يضعفُ عاماً بعد عام، وجيشُه الذي كانَ يقولُ عنه إنّه «الجيشُ الذي لا يُقهر» هو اليومَ بعد تجربةِ الأيّامِ الثلاثةِ والثلاثينَ في لبنان، وتجربةِ الاثنينِ وعشرينَ يوماً، وتجربةِ الأيّامِ الثمانيةِ في غزّة، قد تبدّلَ إلى «جيشٍ لن يذوقَ طعمَ الانتصار». هذا الكيانُ المتبجِّحُ في وضعِه السياسيِّ، قد اضطُرَّ خلالَ عامَينِ إلى إجراءِ أربعةِ انتخابات، وفي وضعِهِ الأمنيِّ بعد هزائمِه المتلاحقةِ، ورغبةِ اليهودِ المتزايدةِ في الهجرةِ العكسيّةِ، يشهدُ فضيحةً تلوَ فَضيحة».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين