الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1647 15 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 17 كانون الأول 2024 م

السيّدة الزهراء (عليها السلام) نصيرة الحقّ

وَهِيَ الْحَوْرَاءُ الْإِنْسِيَّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع مختلف فئات الشعب بشأن التطوّرات في المنطقةانتظار الفرجمراقباتمراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

من نحن

 
 

 

التصنيفات
خطبة عيد الفطر السعيد
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

نبارك لمولانا صاحب العصر والزمان (عليه السلام)، ولوليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وللأمّة الإسلاميّة جمعاء، حلول عيد الفطر السعيد، سائلين المولى أن يعيده على الأمّة بالنصر والخير والبركة.

إنّ للعيد مفهوماً عميقاً في الإسلام، فهو ليس مجرّد يوم يُظهِر فيه المرء زينته وفرحته، بل هو مكمِّلٌ عباديّ لما ابتدأه المؤمنون خلال الشهر الكريم، ليتحدّد من خلاله مسارَ الأيّام القابلة، وهذا ما ندركه ممّا ورد عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، كما عن الإمام الرضا (عليه السلام): «إنّما جُعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعاً يجتمعون فيه، ويبرزون لله عزّ وجلّ، فيمجّدونه على ما منّ عليهم، فيكون يوم عيد، ويوم اجتماع، ويوم فطر، ويوم زكاة، ويوم رغبة، ويوم تضرّع»[1].

وهذا يعني، أنّ للعيد جنبة اجتماعيّة، قد تكون مناسبة لتحديد المسارات التي ينبغي للمجتمع المسلم أن يسير عليها، وإلّا فما معنى اجتماع المؤمنين في مثل هذا اليوم؟

مضافاً إلى ذلك، فإنّ للعيد نفحة عباديّة، بل إنّ أساس العيد كونه عباديّاً، كما عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اللَّه صِيَامَه وشَكَرَ قِيَامَه، وكُلُّ يَوْمٍ لَا يُعْصَى اللَّه فِيه فَهُوَ عِيدٌ»[2].

لذا، لا بدّ من الإشارة في هذا اليوم المبارك إلى مسار المرء بعد خروجه من هذا الشهر الشريف، فالإنسان قام بما ينبغي عليه، من صومٍ وطاعةٍ وابتعادٍ عن المحرّمات والموبقات، إلّا أنّ المهمّ ألّا يضيّع ما اكتسبه من فضائل وخصال وبركات، وأن يعمد جاهداً إلى حفظ ما اعتادت عليه نفسه من تلك الأعمال الصالحة، ولا يكون مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾[3].

وإنّ من أبرز ما ينبغي على المرء حفظه والثبات عليه من الدروس العظيمة والجليلة في شهر رمضان المبارك، كي يستطيع الارتقاء أكثر فأكثر، سواء أكان على مستوى إيمانه، أم أخلاقه، أم حياته الدنيا، دروساً ثلاثة:

الدرس الأوّل: الصبر والإرادة
إنّ من أعظم الدروس التي يستقيها المرء في شهر رمضان المبارك الصبر، بل ورد أنّ الصوم هو الصبر، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا نزلت بالرّجل النازلة الشديدة فليصم؛ إنّ الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ يعني الصيام»[4].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «صيامُ شهر الصبر وثلاثة أيّام من كلّ شهر يُذهبن بلابل الصدور، وصيامُ ثلاثة أيّام من كلّ شهر صيامُ الدهر ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾»[5].

الإرادة
إنّ الصوم في نفسه ليس هو الذي يولّد الصبر والإرادة، إنّما هو مقدّمة، تنمو من خلالها قوّة الإرادة، حتّى يصبح المرء أشدّ عزيمة في مواجهة الشدائد والمصاعب، فيكون الصوم بذلك بمثابة الدرس التربويّ التدريبيّ، تُصقَل من خلاله شخصيّة الإنسان.

الدرس الثاني: الانضباط والنظام
اتّخذ الانضباط والنظام في الإسلام حيّزاً كبيراً، نستشعر ذلك في آيات القرآن الكريم التي وصفت بديع خلق الله سبحانه، وبأنّه خَلَقَ ما في هذا الكون ضمن نظامٍ دقيق مُتقَن.

كذلك من خلال الدعوات الواردة في أحاديث النبيّ وآله (صلوات الله عليهم أجمعين)، كما عن الإمام عليّ (عليه السلام) في وصيّته: «أُوصِيكُمَا وجَمِيعَ وَلَدِي وأَهْلِي ومَنْ بَلَغَه كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّه ونَظْمِ أَمْرِكُمْ وصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ»[6].

وفي شهر رمضان المبارك، ثمّة التزامٌ من الصائم بأوقات محدّدة للإفطار والإمساك، وثمّة التزامٌ منه أيضاً في نهار الصوم بالكفِّ عن المفطرات واجتنابها، قال تعالى: ﴿وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[7].

إنّ ذلك كلّه يُسهِم في تقوية حسِّ الانضباط والنظام في نفسه، حتّى يسريَ في أمور حياته.

الدرس الثالث: الأمل والتفاؤل
ذلك أنّ شهرَ رمضان شهرٌ تتفتّح فيه أبواب السماء والرّحمة الإلهيّة؛ ما يزرع في نفس الإنسان الأملَ والتفاؤل، بأن لا ييأسَ ويصيبَه الإحباط، فمهما أخطأ وقصّر وأذنب، فإنّ بابَ رحمة الله تعالى مفتوحٌ لمن أناب وتاب.

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُغَلِّقَهَا عَنْكُمْ، وَأَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُفَتِّحَهَا عَلَيْكُمْ، وَالشَّيَاطِينَ مَغْلُولَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُسَلِّطَهَا عَلَيْكُمْ»[8].
 
في الختام، نبارك لكم جميعاً عيد الفطر السعيد، سائلين المولى أن يتقبّل صيامكم وأعمالكم وطاعاتكم، وأن يحفظ مراجعنا وقادتنا العظام، ولا سيّما الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وأن ينصر المجاهدين في كلّ مكان ويثبّت أقدامهم، وأن يعجّل فرج مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1]  الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص522.
[2]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص551.
[3]  سورة النحل، الآية 92.
[4]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص63.
[5]  الشيخ الصدوق، الأمالي، ص683.
[6]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص421.
[7]  سورة البقرة، الآية 187.
[8]  الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص78.
 

02-05-2022 | 23-58 د | 385 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net