قالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا﴾[1].
تتحدَّثُ الكثيرُ منَ الآياتِ عَنِ ارتباطِ الإيمانِ بالعملِ الصالح. ومِنْ أعظمِ ثمارِ ذلكَ هو تلكَ المحبّةُ التي يجعلُها اللهُ عزَّ وجلَّ لمن جمعَ الأمرَين، وتلكَ المكانةُ في قلوبِ الناسِ انطلاقاً مِنَ التحلِّي بهاتَينِ الصفتَين، وهذا الانجذابُ لكمالِ صفتَي الإيمانِ والعملِ الصالح؛ لذا يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه) في التعريفِ بالتعبئةِ وتشخيصِها: إنّها «التوفيقُ بينَ الإيمانِ والعمل؛ العملِ الجهاديِّ وليسَ مجرَّدَ العملِ الشخصيّ. الإيمانُ المجرَّدُ عَنِ العملِ هو إيمانٌ بمستوىً متدنٍّ مِن وجهةِ نظرِ الإسلام. الإيمانُ الكاملُ والحقيقيُّ هو المصحوبُ بالجهادِ في ميادينِ العمل؛ ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [2]. المؤمنُ الحقيقيُّ هو الذي يُرفِقُ الإيمانَ بالجهادِ والهجرةِ والنُصرة. بهذا يمكنُ تشخيصُ التعبئةِ ومعرفتُها»[3].
ومِنَ الصفاتِ الأساسِ للتعبويّ:
1ـ الوعيُ والبصيرة: وذلكَ لارتباطِ العملِ والإيمانِ بهما، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «التعبئةُ تشكيلٌ يتحوّلُ فيه الأشخاصُ المتفرّقونَ إلى مجموعةٍ ضخمةٍ ومنسجمة، وإلى مجموعةٍ واعية، ذاتِ التزام، بصيرةٍ ومحيطةٍ بشؤونِ البلادِ وحاجاتِ الشعب»[4].
2ـ الروحُ العظيمة: إنّ إخلاصَ التعبويِّ ينشأُ مِنَ الارتباطِ بالأهدافِ الإلهيّة، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «للتعبئةِ تعريفُها المحدّد: أبناءُ الشعبِ الذين يتواجدونَ في الساحةِ بأهدافٍ إلهيّةٍ سامية، وبروحٍ لا تعرفُ الكللَ والملل، وأينَما اقتضتِ الضرورة، ويُطلقونَ مواهبَهُم، ويقدِّمونَ كلَّ ما لديهم، ولا يخافونَ مِن أخطارِ هذا الدرب، بمعنى أنَّهُم يضعونَ أرواحَهُم على الأكُفّ. هذا الكلامُ سهلٌ بالأقوال، كأنْ نقولَ إنَّ فلاناً وضعَ روحَه على كفِّه، ولكنَّه ليسَ بهذهِ السهولةِ على المستوى العمليّ. التعبويُّ هو الشخصُ المستعدُّ لهذا العملِ الصعب؛ أي بذلِ الروحِ وحتّى بذلِ الأشياءِ التي هي أعزُّ أحياناً مِنَ الروح»[5].
3ـ العملُ للهِ عزَّ وجلّ: إذِ التعبويُّ لا يبتغي مِنَ الدنيا نصيباً أو مِنَ الناسِ أجراً، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «مجموعةٌ مِن أفضلِ الناسِ وأكثرِهِم إيماناً يدخلونَ إلى أيِّ ساحةٍ يحتاجُ فيها البلدُ والنظامُ إليهم. يضعونَ كلَّ طاقاتِهم على أكفِّهم ويقدِّمونَها في الساحةِ مِن دونِ المطالبةِ بأجرٍ أو ثمنٍ ومِن دونِ أنْ يحقِّقَ ذلكَ لهُم عنواناً أو شهرة. هذا شيءٌ على جانبٍ كبيرٍ منَ الأهمّيّة»[6].
4ـ الحضورُ الدائمُ والمستمرّ: فالتعبويُّ في سعيٍ دائمٍ لاغتنامِ فُرصِ العملِ الصالح، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «إحدى خصائصِ خصلةِ التعبويّةِ والحركةِ التعبويّةِ هيَ المشاركة؛ أي عدمُ التغيُّبِ عَنِ المكانِ الذي ينبغي لنا أنْ نحضُرَ فيه. هذه واحدةٌ مِن أكثرِ خصائصِ التعبويّةِ بداهةً...» [7].
إنَّ مَنِ امتلكَ هذه الصفاتِ كانَ مصداقاً لمنْ ينتصرُ اللهُ عزَّ وجلَّ له، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «حركةُ التعبئةِ في بلدِنا منتصرةٌ حقّاً. الشرطُ الأساسً لهذا الانتصار، هوَ أنْ نعتبرَ جميعُنا -الشبابُ وغيرُ الشباب- أنَّ التقوى وحُسنَ العملِ واجبٌ ومسؤوليّةُ علينا. التقوى الشخصيّةُ والتقوى الاجتماعيّةُ والجمعيّة، ... راقبوا أنفسَكم؛ قوموا بالمراقبةِ الشخصيّةِ، وكذلكَ بالمراقبةِ الجمعيّة. إذا حصلَ هذا، فاللهُ سبحانّه يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾[8]»[9].
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] سورة مريم، الآية 96.
[2] سورة الأنفال، الآية 74.
[3] كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في لقاء الطلبة غير الإيرانيِّين بحوزة قمّ، بتاريخ 25/10/2010م.
[4] كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظله) بتاريخ 26/11/1997م.
[5] كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء قادة قوّات التعبئة، بتاريخ 25/11/2015م.
[6] كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء حشدٍ من التعبويّين، بتاريخ 25/11/2009م.
[7] كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظله)، بتاريخ 23/06/2010م.
[8] سورة النحل، الآية 128.
[9] كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء قادة التعبئة وأفرادها من أنحاء البلاد كافّة، بتاريخ 23/11/2016م.