عن رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «ابْنَتِي فَاطِمَةُ، فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَيْنِي، وَهِيَ ثَمَرَةُ فُؤَادِي، وَهِيَ رُوحِيَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ، وَهِيَ الْحَوْرَاءُ الْإِنْسِيَّة»[1].
وردَت الرواياتُ الكثيرةُ في بيانِ مكانةِ السيّدةِ الزهراءِ (عليها السلام) ومنزلتِها. وهذا، مضافاً إلى كونِهِ حقيقةً منَ الحقائقِ التي اتّسمَت بها شخصيّتُها، فقد كانَ إرشاداً للناسِ إلى محلِّ حاجتِهِم في الاستفادةِ من خصائصِها المنيرةِ.
وإنَّ منَ الخصائصِ المهمّةِ في شخصيّةِ السيّدةِ فاطمةَ (عليها السلام)، هيَ شخصيّتُها القياديّةُ التي امتازَت بها، والتي ظهرَت في حركتِها خلالَ حياتِها عموماً، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) في هذا الإطارِ: «لقد قامَت فاطمةُ الزهراءُ (عليها السلام) بدورِ القائدِ الحقيقيِّ، وكذلكَ قالَ إمامُنا الخمينيُّ الجليلُ: «لوْ كانَت فاطمةُ الزهراءُ رجلاً، لكانَت رسولاً...»[2]. هذهِ هيَ فاطمةُ الزهراءُ، إنَّها قائدٌ بكلِّ معنى الكلمةِ، ومثلُ رسولٍ منَ الرسلِ، ومَثَلٌ هادٍ لعمومِ البشريّةِ، فقد ظهرَت الزهراءُ الطاهرةُ، هذهِ البنتُ الشابّةُ، وتجلَّت بهذهِ الحدودِ والأبعادِ والحجمِ، وهذهِ هيَ المرأةُ في الإسلامِ... فاطمةُ الزهراءُ (عليها السلام) امرأةٌ إسلاميّةٌ، امرأةٌ في أعلى مراتبِ المرأةِ المسلمةِ؛ أيْ إنَّها في حدودِ قائدٍ. لكنَّ هذهِ المرأةَ نفسَها، التي هيَ من حيثُ الفضائلُ والمناقبُ والحدودُ كانَ يمكنُها أن تكونَ رسولاً، هذهِ المرأةُ نفسُها كانَت أُمّاً، وكانَت زوجةً، وكانَت ربّةَ بيتٍ، ينبغي فهمُ هذهِ الأمورِ...»[3].
فأحاديثُ فضائلِها، ولا سيَّما في ما وردَ على لسانِ أبيها (صلّى الله عليه وآله)، ليسَ من بابِ العاطفةِ والعلاقةِ الرحميّةِ الخاصّةِ، بقدرِ ما هوَ توجيهٌ للأمّةِ وتعريفٌ لها بالمقامِ الخاصِّ للسيّدةِ الزهراءِ (عليها السلام) عندَ اللهِ تعالى ورسولِهِ (صلّى الله عليه وآله)، والدورِ المُلقَى على عاتقِها في حياةِ أبيها، والوظيفةِ التي ينبغي أن تقومَ بها بعدَ وفاتِهِ (صلّى الله عليه وآله).
ولأنَّ التأسّيَ بها مطلوبٌ، فَقَد مَنَّ اللهُ على المؤمناتِ بأن قدّمَ لهنَّ نموذجاً كاملاً منَ النساءِ، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّس سرّه): «إنَّ مختلفَ الأبعادِ التي يمكنُ تصوّرُها للمرأةِ وللإنسانِ، تجسّدَت في شخصيّةِ فاطمةَ الزهراءِ (عليها السلام). لم تكنِ امرأةً عاديّةً، كانَتِ امرأةً روحانيّةً ملكوتيّةً...»[4].
إنَّ طريقَ الزهراءِ (عليها السلام) هوَ طريقُ العظمةِ، هوَ طريقُ رضا اللهِ عزَّ وجلَّ والمراتبِ العُلى، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «قالَ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّسَ سرّه) في إحدى كلماتِهِ، مخاطباً النساءَ بمناسبةِ يومِ المرأةِ: «إنّكُنَّ حينَ رضيتُنَّ بأنْ يكونَ يومُ ولادةِ فاطمةَ الزهراءِ (عليها السلام) يوماً للمرأةِ، فهذا يُرتِّبُ على عواتقكُنَّ مسؤوليّاتٍ وتكاليفَ». يومُكُنَّ، يومُ المرأةِ ويومُ الأمِّ، وهوَ يومُ فاطمةَ الزهراءِ (عليها السلام)، فما معنى هذا؟ إنَّها خطوةٌ رمزيّةٌ وعملٌ رمزيٌّ (شعائريّ)؛ ومعناه أنَّ المرأةَ يجبُ أنْ تسيرَ على هذا الصراطِ، والعظمةَ والجلالةَ وعلوَّ المقامِ والقدرِ، تتحقّقُ للمرأةِ في هذا الدربِ، الدربِ الذي تتوافرُ فيه التقوى والعفافُ والعلمُ والخطابةُ، والصمودُ في مختلفِ الميادينَ التي تحتاجُ إلى الصمودِ وتربيةِ الأبناءِ والحياةِ العائليّةِ، وفيه الفضائلُ والجواهرُ المعنويّةُ كلُّها»[5].
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص113.
[2] صحيفة الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرُّه)، ج7، ص250.
[3] من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 19/3/2017م.
[4] صحيفة الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه)، ج7، ص250.
[5] من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 12/05/2012م.