قالَ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّهُ): «يومُ القدسِ يومُ اصطفافِ جبهةِ الحقِّ ضدَّ الباطلِ، والعدلِ في مواجهةِ الظلمِ... يومُ صرخةِ الأمّةِ الإسلاميّةِ ضدَّ السَّرطانِ الصِّهيونيِّ القاتلِ».
إنَّ مسألةَ القدسِ وفلسطينَ ليستْ مسألةً سياسيّةً فحسبُ، بلْ هيَ مسألةٌ إيمانيّةٌ، دينيّةٌ، شرعيّةٌ. ولذا كانتْ كلماتُ سيِّدِ شهداءِ الأمّةِ في العامِ المنصرمِ، وبمناسبةِ يومِ القدسِ، تؤكِّدُ ذلكَ، إذْ يقولُ سيِّدُنا الشَّهيدُ الأسمى (قُدِّسَ سرُّهُ): «يومُ القدسِ آخرُ يومِ جمعةٍ منْ شهرِ رمضانَ، كما أعلنَهُ سماحةُ الإمامِ الخمينيُّ (رضوانُ اللهِ تعالى عليهِ). هذا الموقفُ الذي أعلنَهُ الإمامُ في ذلكَ الحينِ، في الحقيقةِ، هوَ تعبيرٌ متقدِّمٌ عنْ موقفٍ قديمٍ وتاريخيٍّ لجميعِ مراجعِنا الدِّينيّةِ، منذُ إرهاصاتِ قيامِ الكيانِ الصِّهيونيِّ في فلسطينَ المحتلَّةِ.
يعني، منْ قبلِ عامِ 1948، لمّا بدأتْ ملامحُ الحركةِ الصِّهيونيّةِ، والعصاباتُ الصِّهيونيّةُ، ومجازرُها في فلسطينَ المحتلَّةِ، وصولاً إلى تأسيسِ الكيانِ عامَ 1948 وما بعدَهُ، وإلى اليومِ، مراجعُنا الكبارُ والعِظامُ في النَّجفِ الأشرفِ، في العراقِ، في قُمَّ، في مشهدَ، في إيرانَ، في لبنانَ، في كلِّ الأماكنِ... علماؤُنا، وأسماؤُهم معروفةٌ وكبيرةٌ، كلُّهم أجمعوا وما زالوا، وهذا هوَ المهمُّ أيضاً، وما زالوا حتَّى اليومِ على هذا الإجماعِ، على رفضِ هذا الكيانِ، وعدمِ شرعيّتِهِ، على اعتبارِ إسرائيلَ دولةً غاصبةً ومُحتلَّةً لكلِّ فلسطينَ، منَ البحرِ إلى النَّهرِ، وعلى حقِّ الشَّعبِ الفلسطينيِّ في استعادةِ أرضِهِ ومقدَّساتِهِ، وإقامةِ دولتِهِ منَ البحرِ إلى النَّهرِ، وعلى وجوبِ رفضِ هذا الكيانِ، ومقاومةِ هذا الكيانِ، وتحريرِ هذهِ الأرضِ والمقدَّساتِ.
هذهِ أمورٌ نهائيّةٌ، ومنْ موقعٍ إيمانيٍّ، ودينيٍّ، وشرعيٍّ، وفقهيٍّ، وقرآنيٍّ، ونبويٍّ، ولا يتسلَّلُ إلى هذا الموقفِ أيُّ تبديلٍ، أوْ تغييرٍ، أوْ تعديلٍ».
وهذا المنطلقُ الدِّينيُّ هوَ الذي يؤكِّدُهُ الأمينُ العامُّ لحزبِ اللهِ، الشَّهيدُ السَّيِّدُ هاشمُ صفيُّ الدِّينِ (قُدِّسَ سرُّهُ)، إذْ يقولُ: «نحنُ، منذُ بدايةِ العدوانِ على غزَّةَ، عملْنا بإرشاداتِ أئمَّتِنا ووصاياهُم، بأنْ نكونَ للمظلومِ عوناً، وللظَّالمِ خصماً، واعتبرْنا أنَّ معركتَنا هيَ معركةُ إسنادٍ، وشُهداؤُنا همْ شهداءُ على طريقِ القدسِ.
هذهِ القضيَّةُ هيَ قضيَّةٌ دينيَّةٌ، وإنسانيَّةٌ، وأخلاقيَّةٌ، وذاتُ أبعادٍ متعدِّدةٍ، وكلُّ مَنْ يقفُ في وجهِ هذا العدوِّ، إذا قُتِلَ، فإنَّهُ يُقتَلُ في سبيلِ اللهِ».
ويقولُ: «الظَّالمونَ يتحكَّمونَ في العالمِ اليومَ، ويُهيمنونَ على كلِّ شيءٍ، وهمُ الآنَ يُحرِّكونَ أدواتِ الحروبِ في كلِّ العالمِ، بعدَ أنْ عملوا على السَّيطرةِ، والهيمنةِ، بالاستكبارِ والاستعلاءِ، وتعميمِ ثقافتِهِم القبيحةِ والسَّيِّئةِ.
وما نراهُ اليومَ يُؤكِّدُ صوابيَّةَ الشِّعاراتِ التي أطلقَتْها المقاومةُ... ومنْ مفرداتِها: الاستكبارُ العالميُّ، الخبثُ الغربيُّ، وتحديداً البريطانيُّ، والاستعلاءُ الإسرائيليُّ. هذه الشِّعاراتُ يجبُ أنْ نفهمَها كمضامينَ، ووقائعَ، ومحرِّكاتٍ للمواقفِ، وضرورةِ أنْ نُواصِلَ مواجهةَ هذا الخبثِ، والاستعلاءِ، والظُّلمِ الإسرائيليِّ».
رحمَ اللهُ الشُّهداءَ جميعاً، ولا سيَّما الشُّهداءُ على طريقِ القدسِ، ونحنُ على يقينٍ أنَّ نصراً سيثمرُ منْ جهادِهِم وشهادتِهِم.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين