ابو القاسم كافي الكفاة اسماعيل بن أبي الحسن عباد بن العباس بن حمد بن ادريس الديلمي الاصفهاني القزويني الطالقاني وزير مؤيد الدولة ثم فخر الدولة وأحد كتاب الدنيا الأربعة وقيل فيه والقائل أبو سعيد الرستمي.
فمن شعره قصيدته المقصورة أو لها
ورث الوزارة كابراً عن كابر | موصولة الأسناد بالاسناد |
يروي عن العباس عبّـاد وزا | رته وإسماعيل عن عباد |
ولد لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة 326 باصطخر فارس وتوفي ليلة الجمعة 24 من صفر سنة 385 بالري هكذا أرخ مولده ابن خلكان وياقوت في معجم الأدباء وشيّع في موكب مهيب مشى فيه فخرالدولة والقواد وحمل الى اصبهان ودفن هناك.
ولي الوزارة ثماني عشرة سنة وشهرا. عده ابن شهر اشوب في شعراء أهل البيت المجاهرين وله عشرة آلاف بيت في مدح آل رسول الله وقد نقش على خاتمه.
قال جرجي زيدان في تاريخ اداب اللغة العربية: هو ابو القاسم اسماعيل بن عباد بن العباس الطالقاني كان اديبا منشئاً وعالما في اللغة وغيرها وهو اول من لقب بالصاحب من الوزراء لانه كان يصحب ابن العميد فقيل له صاحب ابن العميد، ثم اطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة وبقي علما عليه. وقد وزّر اولاً لمؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه بعد ابن العميد. فلما توفي مؤيد الدولة تولى مكانه اخوه فخرالدولة فاقرّ الصاحب على وزارته وكان مبجلا عنده نافذ الأمر وكان مجلسه محط الشعراء والأدباء يمدحونه أو يتنافسون أو يتقاضون بين يديه.
وله من التصانيف : المحيط باللغة سبع مجلدات رتبه على حروف المعجم والكافي بالرسائل وجمهرة الجمرة وكتاب الاعياد ، وكتاب الامامة ، وكتاب الوزراء وكتاب الكشف عن مساوئ شعر المتنبي، وكتاب الأسماء الحسنى وكان ذا مكتبة لا نظير لها.
ومن شعره
عـين جودي على الشهيد القتيل | واتـركي الـخد كالمحل المحيل |
كـيف يشفي البكاء في قتل مولا | ي امــام الـتـنزيل والـتأويل |
ولـو انّ البحار صارت دموعي | مـا كـفتني لـمسلم بـن عقيل |
قـاتـلوا الله والـنـبي ومـولا | هـم عـليا إذ قاتلوا ابن الرسول |
صـرعواحوله كـواكب دجـن | قـتلوا حـوله ضـراغمَ غـيل |
اخـوة كـل واحـد مـنهم لـي | ث عـرين وحـدّ سـيفٍ صقيل |
أو سـمعوهم طعنا وضربا ونحرا | وانـتهابا يـاضلً مـتن سـبيل |
والـحسين الـممنوع شـربة ماء | بـين حـرالظبى وحـر الـغليل |
مـثـكل بـابنه وقـد ضـمّه وه | و غـريق مـن الـدماء الهمول |
فـجمعوه مـن بـعده بـرضيعٍ | هـل سـمعتم بـمرضعٍ مـقتول |
ثـم لـم يـشفهم سوى قتل نفس | هـي نـفس الـتكبير والـتهليل |
هي نفس الحسين نفس رسول ال | لـه نـفس الوصي نفس البتول |
ذبـحوه ذبـحَ الأضـاحي فيا قل | ب تـصدّع عـلى العزيز الذليل |
وطـأوا جـسمه وقـد قـطّعوه | ويـلهم مـن عـقاب يـوم وبيل |
أخــذوا رأسـه وقـد بـضّعوه | إن سـميَ الـكفار فـي تضليل |
نـصبوه عـلى الـقنا فـدمائي | لا دمـوعي تـسيل كـلّ مسيل |
ومن شعره
شفـيع اسماعـيل فـي الآخـرة | محمد والعـترة الطاهـرة |
وقال
انا وجميع مَن فوق التراب | فداء تراب نعل أبي تراب |
وجاء في روضات الجنات أن أمويا وفد على الصاحب ورفع اليه رقعة فيها
أيا صاحب الدنيا ويا ملك الارض | أتاك كريم الناس في الطول والعرض |
لـه نسب مـن آل حـرب مؤثل | مـرائره لا تستميل الـى الـنقـض |
فـزوّده بالـجدوى ودثّره بالعطا | لتقضي حـق الدين والشرف المحض |
فلما تأملها الصاحب كتب في جوابها
أنا رجل يرمونني الناس بالرفـض | فلا عاش حر بيّ يدب على الأرض |
ذروني وآل المصطفى خيره الورى | فـإنّ لهم حبي كـما لـكم بغـضي |
ولـو أن عضوي مال عن آل أحمد | لشاهدت بعضي قـد تبرأ من بعضي |
ومن شعره في الأمام أمير المؤمنين عليه السلام
أبا حسن لوكان حُـبّك مـدخلي | جهنم كان الفوز عندي جحيمها |
وكيف يخاف النار مَن هو | موقن بـأنك مـولاه وأنت قسـيمها |
ومن شعره
مواهب الله عندي جاوزت أملي | وليس يبلغها قولي ولا عملي |
لكـنّ أشرفها عندي وأفـضلها | ولايتي لأمير المـؤمنين علي |
وألف الثعالبي (يتيمة الدهر) بأسمه لذاك تجد جل ما فيها مدحا له . كانت داره لا تخلو في كل ليلة من ليالي شهر رمضان من ألف نفس تتناول طعام الافطار على مائدته.
ورثاه السيد الرضي بقصيدة لم يسمع اذن الزمان بمثلها وأولها
أكذا المنون يقطر الابطالا أكذا | الزمان يضعضع الاجبالا |
قال ياقوت الحموي : مدح الصاحب خمسمائة شاعر من أرباب الدواوين . وقال ابن خلكان: }
كان نادرة الدهر وأعجوبة العصر في فضائلة ومكارمه وكرمه وكتب عنه الكتاب وألفوا فيه واخيرا كتب العلامة البحاثة الشيخ محمد حسن ياسين عنه ثم جمع ديوانه ونشر بعض رسائله فأفاد وأجاد. ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الادب من ذكر أحوال الصاحب بن عباد. ورثاه ابو سعيد الرستمى بقوله
أبعدا بن عباد يهشّ الى السرى | أخو أمل أو يسمّاح جواد |
أبـى الله إلا أن يموتا بمـوته | فما لهما حتى المعاد معاد |
ومن شعر الصاحب في ذلك قوله
وكم شامت بي بعد موتي جاهلا | يظل يسل السيف بعـد وفـاتي |
ولو علـم المسكين مـاذا يناله من | الظلم بعدي مات قبل مماتي |
لم يكن للصاحب من الأولاد غير بنت ، زوّجها من الشريف ابي الحسين علي بن الحسين الحسني، قال الداودي صاحب (العمدة): صاهر الصاحب كافي الكفاة ، ابا الحسن علي بن الحسين الاطرش الرئيس بهمدان ـ من أهل العلم والفضل والأدب ـ على ابنته، ينتهي نسبه الى الحسن السبط عليه السلام، وكان الصاحب يفتخر بهذه الوصلة ويباهي بها ، ولما ولدت ابنة الصاحب من ابي الحسين ابنه عبادا ووصلت البشارة الى
الصاحب قال
أحـمد الله لـبشر | جاءنا عند العشيّ |
إذ حباني الله سبطا | هـو سـبط للنبيّ |
مـرحباً ثَمت أهلا | بـغلام هـاشميّ |
وقال في ذلك قصيدة أولها
الحمد لله حمـدا دائما أبـدا قد | صار سبط رسول الله لي ولدا |
وكان الصاحب على تعاظمه وعلوّ مكانه سهل الجانب لأخوانه ، فانه كان يقول لجلسائه : نحن بالنهار سلطان وبالليل اخوان.
وفي كتاب خاص الخاص للثعالبي تحت عنوان: فيما يقارب الاعجاز من إيجاز البلغاء ، قول الصاحب بن عباد في وصف الحر : وجدتُ حراً يشبه قلب الصب ويذيب دماغ الضب وجاء في يتيمة الدهر ان الضرابين رفعوا الى الصاحب قصة في ظلامة وقد كتبوا تحتها : الضرابون. فوّقع تحتها: في حديد بارد. ودخل عليه رجل لا يعرفه، فقال له الصاحب : أبو مَن : فأنشد الرجل:
وتتفق الاسماء في اللفظ والكنى | كثيراً ولكن لا تلاقي الخلائق |
فقال له : اجلس أبا القاسم.
* ادب الطف ـ الجزء الثاني146_ 150