الشريف ابو يعلى محمد بن محمد بن صالح الهاشمي العباسي البغدادي الشاعر المشهور الملقب نظام الدين، كان شاعراً مجيداً وله اتصال بنظام الملك، له ديوان شعر كبير في اربع مجلدات ومن غرائب نظمه كتاب (الصادح والباغم) وهو على أسلوب (كليلة ودمنة) نظمه للامير سيف الدولة صدقة بن دبيس صاحب الحلة. نقل سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص ان ابن الهبارية 1 الشاعر اجتاز بكربلا فجعل يبكي على الحسين وأهله وقال يديهأ: ـ
أحـسين والمبعوث جدك بالهدى | قـسماً يكون الحق عنه مسائلي |
لـو كنت شاهد كربلا لبذلت في | تـنفيس كربك جهد بذل الباذل |
وسـقيت حد السيف من أعدائكم | عـللا وحـد السمهري البازل |
لـكنني أخـزت عنك لشقوتي | فـبلابلي بـين الـغري وبابل |
هبني حرمت النصر من أعدائكم فـاقل مـن حـزن ودمع سائل ثم نام في مكانه فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فقال له يا فلان جزاك الله عني خيراً، ابشر فان الله تعالى قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين عليه السلام.
توفى بكرمان سنة 504 وعن انساب السمعاني انه توفي سنة 504 والصحيح 509 وقال: له في رثاء الحسين ومدح آل الرسول اشعار كثيرة.
وذكره السيد في الاعيان فقال: ابو يعلى نظام الدين محمد بن محمد بن صالح ابن حمزة بن عيسى المعروف بابن الهبارية الهاشمي العباسي البغدادي قال: وقد طبع كتابه (الصادح والباغم) في الهند ومصر وبيروت (2) وقال غيره: هو أحد شعراء بغداد المفلقين، لازم خدمة نظام الملك صاحب المدرسة النظامية وأحد وزراء الدولة السلجوقية واتصل بغيره من الرؤساء وشعره في غاية الرقة ولكنه يغلب عليه الهزل والهجاء إلا أنه اذا نظم في الجد والحكمة التي بالعجب كما في كتابه (الصادح والباغم) وله كتاب (الفطنة في نظم كليلة ودمنة).
وترجم له العماد الاصفهاني في (خريدة القصر) فقال:
الشريف ابو يعلى محمد بن محمد بن صالح ابن الهبارية العباسي الشاعر وديوان شعره اربعة اجزاء.
وترجم له صاحب دائرة المعارف الاسلامية فقال: ولد في بغداد حوالي منتصف القرن الخامس الهجري (العاشر الميلادي) وتعلم في المدارس التي انشئت في ذلك العهد وخاصة في النظامية التي اسسها نظام الملك عام 459 هـ (1067) م ولم يكن يهتم بما كان يجري فيها من المناظرات الكلامية.
ومن قوله:
إنـما المال منتهى أمل ألخا | مـل، والود مطلب الأشراف |
لا أحـب الفج الثقيل ولو جا | د بـبـذل الـمئين والآلاف |
وأحب الفتى يهش الى الضي | ف بـأخلاقه العذاب اللطاف |
أريـحياً طـلق المحيا حيياً | ماء أخلاقه من الكبير صاف |
ولو اني لو أحظ منه بغير | ال شـم شيئاً، لكان فوق الكافي |
قال: وحكي لي: ان ابا الغنائم ابن دارست حمل ابن الهبارية على هجو نظام الملك فأبى، وقال: هو منعم في حقي فكيف أهجوه؟ فحمله على أن سأل (نظام الملك) شيئاً، صعبت عليه أجابته الى ذلك، فقال ابن الهبارية
لا غرو إن ملك (إبن إس | حـاق، وسـاعده القدر |
وصفت له الدنيا، وخص | (أبـو الـغنائم) بـالكدر |
فـالدهر كـالدولاب لي س | يــدور إلا بـالبقر |
فلما سمع (نظام الملك) هذه الأبيات، قال: هذه إشارة الى أنني من (طوس) فإنه يقال لأهل (طوس) «البقر» واستدعاه، وخلع عليه وأعطاه خمسمائة دينار فقال ابن الهبارية لـ (تاج الملك) : ألم أقل لك؟ كيف أهجموه، وإنعامه بلغ هذا الحد الذي رأيته؟
وقال
يـا أيـها الصاحب الأجل إن | لم يكن وابل فطل 1 |
الـمال فـان، والذكر باق | والوفر فرع، والعرض أصل |
فـاجعله دون العيال ستراً | فالصون في أن يكون بذل |
لا تـحقرن شـاعراً تـراه | فـعـقدة الـشعر لا تـحل |
يؤنسـه إن مله صاحب فهو | على الوحدة في أهل |
ما ضره عندي ولا عابه | إن غلبتــه دولة الجهل |
أقول وذكر له العماد في الخريدة كثيراً من الشعر في الهزل والخمر والمجون ورتبة على الحروف وقد اكتفينا بهذه الباقة من الوان شعره، قال ابن خلكان: ومحاسن شعره كثيرة وله كتاب نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة، وديوان شعره كبير يدخل في اربع مجلدات، ومن غرائب نظمه كتاب الصادح والباغم نظمه على أسلوب كليلة ودمنة، وهو أراجيز وعدد بيوته الفا بيت، نظمها في عشر سنين، ولقد أجاد فيه كل الاجادة، وسير الكتاب على يد ولده الى الامير ابي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس الاسدي صاحب الحلة وختمه بهذه الابيات.
هـذا كتاب حسن | تـحار فيه الفطن |
أنـفقت فـيه مده | عـشر سنين عده |
منذ سمعت باسمكا | وضـعته برسمكا |
بـيـوته ألـفـان | جـمـيعها مـعان |
لـو ظل كل شاعر | ونـاظـم 2ونـاثر |
كـعمر نوح التالد | في نظم بيت واحد |
مـن مثله لما قدر | ما كل من قال شعر |
أنـفذته مـع ولدي | بل مهجتي وكبدي |
وأنـت عند ظني | أهـل لـكل مـن |
وقـد طـوى اليكا | تـوكـلاً عـليكا |
مـشـقة شـديدة | وشـقـة بـعـيدة |
ولـو تركت جيت | سـعياً ومـا ونيت |
إن الـفخار والعلا | إرثك من دون الملا |
* أدب الطف / الجزء الثالث / 22-26
1- الهبارية بفتح الهاء وتشديد الباء الموحدة نسبة الى هبار جده لأمه.
2-وهو في نحو 2000 بيتاً نظمها في عشر سنين، وطبع في باريس سنة 1886 م وفي مصر سنة