الشيخ زين الدين ابن الشيخ محمد شارح (الاستبصار( ابن الشيخ حسن صاحب المعالم ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني العاملي الجبعي المكي. المتوفى سنة 1064.
ولد بجبع سنة 1009 وتوفي بمكة المكرمة 29 ذي الحجة الحرام سنة 1064 ودفن مع والده بالمعلّى عند أم المؤمنين خديجة الكبرى. في أمل الآمل: شيخنا الأوحد كان عالماً فاضلاً متبحراً محققاً ثقة صالحاً عابداً ورعاً شاعراً منشئاً أديباً حافظاً جامعاً لفنون العلم العقلية والنقلية لا نظير له في زمانه, قرأ على أبيه وعلى الشيخ الأجل بهاء الدين العاملي وجماعة من علماء العرب والعجم وجاور بمكة مدة وتوفي بها 1.
أورد الشيخ زين الدين ـ هذا ـ السيد علي خان المدني ترجمة في سلافة العصر وذكر الكثير من شعره, وترجم له أيضاً المحبي في خلاصة الأثر في القرن الحادي عشر ج 2 ص191, وترجم له أيضاً سيدنا الصدر الكاظمي في تكملة أمل الآمل, وجاء ذكره في خاتمة مستدرك الوسائل ص 390.
وفي كتاب (شهداء الفضيلة) عندما ذكر أحفاد الشهيد الثاني قال: الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين ـ الشهيد الثاني.
هو أستاذ صاحب الوسائل, قال في أمل الآمل: شيخنا الأوحد كان عالماً فاضلاً متبحراً, مدققاً محققاً ثقة صالحاً عابداً ورعاً شاعراً منشياً أديباً جامعاً حافظاً لفنون العلم النقليات والعقليات, جليل القدر عظيم المنزلة لا نظير له في زمانه, قرأ على أبيه وعلى الشيخ بهاء الدين العاملي وعلى مولانا محمد أمين الاسترابادي وجماعة من علماء العرب والعجم, جاور مكة وتوفى بها ودفن عند خديجة الكبرى. قرأت عليه جملة من كتب العربية والرياضة والحديث والفقه وغيرها, وكان له شعر رائق وفوائد وحواشي كثيرة وديوان شعر صغير رأيته بخطه, ولم يؤلف كتاباً مدوناً لشدة احتياطه ولخوف الشهرة. انتهى.
وأطراه صاحب الدر المنثور وذكر كثيراً من شعره. وقال صاحب السلافة: انه زينالأئمة وفاضل الأمة وملث غمام الفضل وكاشف الغمة, شرح الله صدره للعلوم شرحاً وبنى له من رفيع الذكر صرحاً إلى زهد أسس بنيانه على التقوى وصلاح أهلّ به ربعه فما أقوى وآداب تحمر خدود الورد من أنفاسها خجلاً وشيم أوضح بها غوامض مكارم الأخلاق وجلا.
رأيته بمكة شرفها الله تعالى والفلاح يشرق من محياه وطيب الاعراق يفوح من نشر رياه وما طالت مجاورته بهاحتى وافاه الأجل, وانتقل من جوار حرم الله إلى جوار الله عز وجل فتوفى سنة اثنتين وستين وألف رحمه الله تعالى.
قال يرثي الحسين عليه السلام بقصيدة مخمسة 2
سـلبت لـوعتي لـذيذ الرقاد | وكـستني ثوب الضنا والسهاد |
ورمـاني دهـري بسهم العناد | وغـرامي مـا إن له من نفاد |
كل يوم وليلة في ازدياد | |
لـي حـزن فـي كل آن جديد | وعـناء يـشيب مـنه الـوليد |
والـتهاب يـذوب منه الحديد | قـد بكى رحمة لحالي الحسود |
ودموع تسح سحّ الغوادي | |
لست أبكي لفقد عصر الشباب | وتقضي عهد الهوى والتصابي |
وصـدود الـكواعب الاتراب | وتـنائي الـخليط والاحـباب |
من سليمى وزينب وسعاد |
قـد نهاني النهى عن التشبيب | وادكـار اهـوى وذكر الحبيب |
فـتفرغت لـلأسى والـنحيب | مـذ أتـى زاجراً نذير المشيب |
معلماً بالفناء حين ينادي | |
قـد نهاني النهى عن التشبيب | أضـرم الحزن في فؤاد الخليل |
بـل بكائي لأجل خطب جليل | |
ورمـى بـالعناء قـلب البتول | وأسـال الـدموع كـل مسيل |
فتردى الهدى بثوب الحداد | |
رزء مـن قـدبكت له الفلوات | واقـشعرّت لـموته المكرمات |
وهـوت مـن بروجها النيرات | والـمـعالي لـفـقده قـائلات |
غاب والله ملجأي وعمادي | |
فـجعة نكست رؤوس المعالي | واستباحت حمى الهدى والجلال |
ورمـت بـالقذى عيون الكمال | قـد أناخت بخير صحب وآل |
عترة المصطفى النبي الهادي | |
يـا لـها فجعة وخطباً جسيما | أوقـعت في حشى الكليم كلوما |
وبـقلب الامـير حـزناً مقيما | وأعـادت جـسم القسيم سقيما |
جفنه للأسى حليف السهاد | |
لهف نفسي على رهين الحتوف | حين أمسى نهب القنا والسيوف |
ثـاوياً جسمه بأرض الطفوف | وهو ذو الفضل والمقام المنيف |
وسليل الشفيع يوم المعاد | |
مـنعوه ورود مـاء الـفرات بـعد تـقتيل اهـله والحمات |
وسـقوه كـاس الفنا والممات |
وأحـاطت بـه خيول الطغات | |
بمواضي الضبا وسمر الصعاد |
ومن شعره
ولما رأينا منزل الحي قد عفا | وشطّت أهـاليه وأقوت معالمه |
لبسنا جلابيب الكآبة والأسى | وأضحى لسان الدمع عنا يكالمه |
ومن شعره
فـارقت أوطـاني وأهل مودتي | وخـرائـداً غـيداً لـهنّ وفـاء |
مـن كـل مائسة القوام إذا بدت | لـجمال بـهجتها تـغار ذُكـاء |
مـا اسـفرت والليل مرخٍ ستره | إلا تـهـتك دونـهـا الـظلماء |
تـرمي القلوب بأسهم تصمي وما | لـجراحهن سـوى الوصال دواء |
شـمس تغار لها الشموس مضيئة | ولـها قـلوب الـعاشقين سـماء |
هـيفاء تختلس القلوب إذا رنت | فـكـأنما لـحـظاتها الـصهباء |
ومـعاشر مـا شان صدق ولائهم | نـقض الـعهود ولا الوداد مِراء |
مـا كنت أحسب قبل يوم فراقهم | ان سـوف يقضى بعد ذاك بقاء |
فـسقى ثرى وادي دمشق وجادها | مـن هـاطل المزن الملث حياء |
فـيها أهـيل مـودتي وبـتربها | لـجليل وجـدي والـسقام شفاء |
ورعـى لـيالينا الـتي في ظلها | سـلفت ومـقلة دهـرنا عـمياء |
أتـرى الـزمان يجود لي بايابها | ويـتاح لـي بـعد الـبعاد لقاء |
فـإلى متى يا دهر تصدع بالنوى | اعـشار قـلب مـا لـهنّ قواء |
وتـسومني مـنك الـمقام بـذلّة | ولـهـمتي عـما تـسوم إبـاء |
فـأجابني لولا التغرب ما | ارتقى رتـب الـمكارم قـبلك الابـاء |
فـاصبر على مرّ الخطوب | فإنما مـن دون كـل مـسرّة ضـراء |
واتـرك تـذكرك الـشآم فـإنما | دون الـشآم وأهـلها بـيداء3 |
ادب الطف ـ الجزء الخامس 110 _ 117
1-عن أعيان الشيعة ج 33 ص 302.
2- ذكرها الشيخ علي بن محمد بن الحسن. شقيق المترجم له في كتابه (الدر المنثور) والشيخ الاميني في شهداء الفضيلة ص 157.
3- نزهة الابصار ج 3 ص 466