جاء في أعلام العرب ج 3 ص 121:
محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين1. الحر العاملي، من كبار المجتهدين، والأعلام الخالدين ولد في قرية مشغرة من جبل عامل ليلة الجمعة 8 رجب سنة 1033 هـ وقرأ على أبيه الحسن وعمه محمد الحر وجده لأمه عبد السلام بن محمد الحر وخال أبيه علي بن محمود وغيرهم، وأخذ في قرية جباع عن عمه أيضاً وعن علي زين الدين بن محمد بن الحسن صاحب المعالم وعلي بن حسين بن الحسن بن يونس بن ظهير الدين العاملي وغيرهم وأقام في بلاده أربعين سنة وحج فيها مرتين ، ثم سافر إلى العراق فزار مراقد الأئمة ثم رحل لزيارة الامام الرضا في خراسان وفي طريقه مرّ باصفهان واجتمع فيها بكثير من علمائها وكان أكثرهم انساً به وصحبة له الامام الكبير محمد باقر المجلسي مؤلف بحار الانوار المتوفى 1111 واجاز كل منهما صاحبه هناك ولما وصل إلى مشهد خراسان ومضى على مكوثه مدة اختير لمنصب قاضي القضاة وشيخ الاسلام في تلك الديار ثم حج أيضاً مرتين وزار الأئمة في العراق وكان قدومه المشهد الرضوي ـ كما قال ـ سنة 1073.
قال المحبي: قدم مكة في سنة 1087 و1088 وفي الثانية منهما قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف وكان صاحب الترجمة قد انذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم.. فلما حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فألتجا الى السيد موسى بن سليمان أحد أشراف مكة الحسينين وسأله ان يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله اليها"1.
وتوفي الحر بالمشهد الرضوي بطوس سنة 1104 هـ ودفن في إحدى غرف صحن الإمام وعلى قبره ضريح يزار.
وللحر تصانيف في غاية الأهمية وقد رزق حظاً فيهما كما قال السيد الأمين ـ لم يرزقه غيره ؟ فكتابه "وسائل الشيعة" عليه معول الدارسين والباحثين من عصره إلى اليوم وذلك لالمامه وحسن ترتيبه وتبويبه قال عنه في السلافة: "علم لا تباريه الأعلام وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام.. وتصانيفه في جبهات الايام غرر وكلماته في عقود السطور درر..".
وقال عنه في المستدرك: "عالم فاضل محقق مدقق ، متبحر جامع كامل صالح ، ورع ثقة فقيه محدث حافظ ، شاعر أديب ، جليل القدر عظيم الشأن أبو المكارم والفضائل شيخنا الحر العاملي صاحب الوسائل الذي منّ على جميع أهل العلم بتأليف هذا الكتاب الشريف" ، ومؤلفاته كثيرة ومنها ما هي موسوعات ضخمة مهمة:
1 ـ الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ، وهو أول كتاب ألفه طبع مرتين في ايران ، ثم في النجف ـ مطبعة النعمان.
2 ـ تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة من أوسع كتب الحديث وأشهرها ، اشتمل على جميع احاديث الاحكام الشرعية الموجودة في الكتب الأربعة وسائر الكتب المعتمدة التي تزيد على سبعين كتاباً.
وقد عُني العلماء بالشرح والتعليق والاستدراك على كتاب الوسائل ومنها: شرح السيد الحسن الصدر الكاظمي ومنه ثلاث مجلدات في شرح المجلد الأول. ومستدرك الوسائل للنوري محمد الحسين بن محمد تقي المتوفى 1320 هـ وقد طبع في ثلاث مجلدات في طهران سنة 1318 وطبع مع الوسائل في القاهرة كما تقدم وتحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة للمؤلف نفسه ـ ألفه في شرح الوسائل. وشرح الوسائل ليوسف بن محمد البحراني الحويزي في عدة مجلدات وغيرها.
3 ـ الصحيفة الثانية السجادية جمع فيه الادعية المأثورة عن الامام السجاد علي بن الحسين بن علي التي لم تذكر "في االصحيفة الكاملة" .
4 ـ هداية الأمة إلى احكام الأئمة ، منتخب من الوسائل مع حذف الاسانيد .
5 ـ فهرس وسائل الشيعة يشتمل على عناوين الابواب وعدد احاديث كل باب ومضامينها سماه "من لا يحضره الامام.
6 ـ اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: وهو يشتمل على أكثر من عشرين ألف حديث ، واسانيد تناهز سبعين ألف سند منقولة من كتب "الخاصة والعامة" من حسن الترتيب والتهذيب وفي أبواب وفصول نقل فيه عن (142) كتاباً من كتب الخاصة و24 كتاباً من كتب أهل السنة.
7 ـ الفصول المهمة في أصول الائمة ، في أصول الدين وفروعه والطب واصول الفقه وغيرها.
8 ـ الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: أورد فيه أكثر من 600 حديث و60 آية من القرآن وأدلة اخرى على اثبات الرجعة ، فرغ منه سنة 1079.
9 ـ بداية الهداية ، في الواجبات والمحرمات المنصوصة من أول الفقه إلى آخره ، أورد فيه من الواجبات 1535 ومن المحرمات 1448.
10 ـ امل الآمل في علماء جبل عامل ابتدأ بتأليفه سنة 1096 وفرغ منه سنة.
11 ـ نزهة الاسماع في الاجماع ـ.
12 ـ ديوان الامام زين العابدين علي بن الحسين.
13 ـ الروضة في مدح الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ، الهمزية في مدح ذي المزية ، القصيدة المحبوكة الاطراف.
14 ـ الرجال منه نسخة مخطوطة كتبت سنة 1082 فرغ عن كتابته في 24 ذي القعدة وعلى ظهر الورقة الأولى فوائد رجالية ، في مكتبة الحكيم.
15 ـ ديوان شعره، وقد كتب على حواشي الديوان كثيراً من القصائد،
16 ـ تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة الذي فرغ منه سنة 1240 هـ
وللحر ـ بعد هذا ـ مؤلفات أخرى كثيرة ، وأجازات علمية لمعاصريه مطولة ومختصرة.
ومن محاسن شعره من قصيدة في مدح أهل البيت عليهم السلام قوله
أنا الحرّ لكن برهّم يسترقني | وبالبر والاحسان يستعبد الحرُ |
وقوله من قصيدة فيهم عليهم السلام
أنا حـرٌ عـبدٌ لهـم فـاذا مـا | شرفونـي بالعـتق عـدت رقيقا |
أنا عبـد لهم فلو اعـتـقونـي ألف | عتق ما صرت يـوماً عتيقا |
وقوله من قصيدة في رثاء الحسين
سـأنوح مـا غـنّت حمائم حاجر | ويـبوح مـني بـالغرام محاجري |
وكـأن قـلبي من هوى أودى به | قـد أوثـقوه إلـى قـوادم طائر |
طـوراً تـراه إلـى تهامة طائراً | اسـفاً وطـوراً طـايراً في حاجر |
لـم أبك من فقد الشباب وما مضى | من طيب عيش في الزمان الغابر |
كـلا ولـم أنـدب طلولاً باللوى | كـانت مـنازلهن بعض مشاعري |
هـذا ولـم اتبع ضلالات الهوى | نفسي ولا هجس الوصال بخاطري |
لـكن بـكيت لـرزء آل مـحمد | بـمدامع تـهمي كـغيث مـاطر |
واكـربتاه لـمن ثـوى في كربلا | فـرداً وحـيداً مـاله مـن ناصر |
كـتبوا الـيه وازمـعوا من بعدها | غــدراً فـتبّاً لـلشقي الـغادر |
كـتبوا الـيه وازمـعوا من بعدها | غــدراً فـتبّاً لـلشقي الـغادر |
وافـى ليرشدهم إلى طرق الهدى | ويـزيل عـنهم كـل غـمٍ غامر |
لا راغـباً فـي جـمع ديناهم ولا | يـبغي سـوى قمع الظلوم الجائر |
حـتى اذا وافـى الطفوف تواثبوا | بـعـوامل خـطـيّة وبـواتـر |
قـلبوا لـه ظـهر المجن وانكروا | مـا كـان مـنهم من أذى ومناكر |
قـتـلوا أحـبته ومـالوا نـحوه | مـتظاهرين بـذاك شـرّ تظاهر |
والـدين يـندب رزء ومـصابه | والـمجد يـنظر كـالذليل الحائر |
والأرض ترجف والسماء بكت له | بــدم عـبيط سـاكب مـتقاطر |
والـشمس كـاسفة وأملاك السما | يـتعجبون مـن الـظلوم الخاسر |
ظـهرت لـه أحـقاد بـدر منهم | وثـنوا عـنان مـناجز ومـبادر |
ويـلاه والأعـداء قد ملأوا الفضا | بـعساكر قـد اتـبعت بـعساكر |
والـسبط في سبعين من أصحابه | هـم كـالكواكب حول بدر زاهر |
حـتى اذا لـقي الـردى أنصاره | نـادى الأهـل لـلهدى من ناصر |
هـل مـن فتى يحمي حريم محمد | مـن نـاهب أو سـالب أو ناظر |
فـتـواثبوا بـسهامهم ورمـاحهم | ويـلاه مـن خـطب عظيم جائر |
صـرعوه ظـلماً بـالدماء وماله | مـن غـاسل أو سـاتر أو قـابر |
*ادب الطف ـ الجزء الخامس161_ 169
1-وللسيد الامين في الاعيان تعليق على هذا الحادث وامثاله ، وملخصه ان أهل مكة يقومون بالتلويث من أجل قتل الفرس حيث انهم اتباع مذهب أهل البيت.