كتب الشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلة الاعتدال السنة 6 ص 84 فقال:
هو السيد مير حسين ابن السيد مير رشيد ابن السيد قاسم وقد دعاه الشيخ عبد الرحمن السويدي في "حديقة الزوراء" بالسيد مير حسين الرشيدي النجفي وقال: مدح الوزير حسن باشا بقصيدة, ولم نرها في ديوانه الذي نقلنا أكثر ما في هذه الترجمة عنه, قلت لازم صاحبنا الاستاذ السيد نصر الله الحائري وبه تخرج وتأدب وهو أكبر أساتذته بلا ريب, وللسيد مير حسين شعر كثير وقد اشتهر برقة غزله وتشبيبه وأولع بالتسميط والتخميس وهو لا يبارى في هذا الفن ولكنه لم يسمط إلاالقطع الغزلية غالباً وتسميطه مشهور لا تخلو منه المجاميع الأدبية. مدح جماعة من وجوه النجف والحائر وبغداد وجرد جملة كبيرة من شعره في مدائح الرسول وأهل بيته سماها في صدر ديوانه ذخائر المآل" وكان جمعه لديوانه سنة 1144 وأهداه إلى استاذه السيد الحائري وقد ظفرنا بنسخة الاصل من هذا الديوان في مجلدة صغيرة بخطه النفيس وهاك شذرة من أحواله نقلاً عن ظهر هذه النسخة.
جاء به أبوه الى النجف (كانت وفاة أبيه سنة 1124) فاشتغل بها ورحل الى كربلاء فتلمّذ عند السيد نصر الله الحائري مدة ثم عاد الى النجف وتلمّذ عند السيد صدر الدين شارح وافية التوفي ثم مرض مرضاً شديدا بقي يلازمه مدة وتوفي قبل الستين وبعد الألف والماية والست والخمسين قبل شهادة استاذه السيد نصر الله الحائري وكان يكتب خطاً جيداً للغاية وهو من أسرة السيد صدر الدين شارح الوافية وله في ديوانه قصيدة يمدحه بها.
هذا نص ما وجد على ظهر هذه النسخة من الديوان, وخلاصة القول كما يبدو لنا من تصفح الديوان ان السيد مير حسين من شعراء الطبقة الوسطى في عصره وهو يكثر من استخدام البديع والصناعات اللفظية وشأنه في ذلك شأن أكثر الشعراء في عصور الجمود والتقليد ولكن للسيد مير حسين حسناته في هذا الباب, ومن شعره:
ألا هـذه حـزوى وتـلك خـيامها | بـعيد عـلى قـرب المزار مرامها |
ثـوت بـأعالي الـرقمتين فناؤها | فـشبّ وفـي قلب المحبّ ضرامها |
الـى الله كـم في كل يوم يريعني | عـلى غـير قـصد ظعنها ومقامها |
كـأن فـؤادي دارهـا وجـوانحي | مـواقد نـيران ودمـعي غـمامها |
تـجلّت لنا في موقف البين وانثنت | وقد قوّضت عن سفح حزوى خيامها |
فـما نـال مـنا لـحظُها وقوامها | كـما نـال مـنّا نأيها وانصرامها |
ألـمياء مهلاً بعض ذا الهجر والقلا | فـقد كـاد أن يغتال نفسي حمامها |
خـليلي هـل شـاقتكما من ديارها | طـلول عـفت أعـلامها واكـامها |
ألا تـسعدان الـيوم صـباً مـتيماً | عـلى نـوب للدهر جدّ اصطدامها |
وهـل تـنظران اليوم أيّ مصيبة | ألّـمـت بـأبناء الـنبي عـظامها |
لـهم كـل يـوم سـيدٌ ذو حفيظة | كـريـم تـسقّيه الـمنون لـئامها |
فـيا عينُ جودي ثم يا عين فاسكبي | دمـوعاً تـباري الغاديات سجامها |
أبـعد الـنبي المصطفى وابن عمه | وعـترته في الأرض يزهو خزامها |
ومـا عـجبٌ للأرض قرّت بأهلها | وقـد ضـيم فـيها خيرها وإمامها |
سـليل أمـير المؤمنين اذا اغتدت | يـسلّ عـليه لـلحقود حـسامها |
قـتيلٌ بسيف البغي يخضب شيبه | دم الـنحخر قد أدمت حشاه سهامها |
ذبـيح يروّي الارض فضل دمائه | بـه قد غدى يحكي العقيق رغامها |
صـريع لـه تـبكي ملائكة السما | ومـكة يـبكي حـلها وحـرامها |
شـهيد بـأرض الطف يبكيه أحمدٌ | وطـيبة يـبكي ركـنها ومـقامها |
وتـبكيه عـين الشمس بالدم قانيا | اذا حـطّ مـنها لـلطلوع لـثامها |
وتـبكي عليه الوحش من كل قفرة | وتـنـدبه أرامـهـا وحـمـامها |
سـليب عليه الجن ناحت وأعولت | بـمرثية يـشجي الـقلوب نظامها |
فـما أنـس لا أنسى عظيم مصابه | وقـد قـصدته بـالنفاق طـغامها |
جنود ابن سعد النحس وابن زيادهم | نـحته فـآوى بـالقلوب هـيامها |
وقـد مـنعوه الـماء ظـلماً وناله | هنالك من وقد الحروب اضطرامها |
فـواجههم بـالنصح بـدء قتالهم | فـلم يـثنهم عن نهج غيٍّ ملامها |
يـقول لـهم يـا قـوم ما لقرابتي | وسـبقيَ لا يُـرعي لديكم ذمامها |
هـجرتم كـتاب الله فـينا وخنتم | مـواثيق أهـليه ونـحن قـوامها |
ورمـتم قـتالي ظـالمين وهـذه | فـرائض ديـن الله مـلقى قيامها |
لـعمري لـقد بـؤتم بأعظم فتنةٍ | سـيوردكم نـار الـجحيم أثـامها |
ورحـتم بـعار لـيس يبلى جديده | وخـطّة خـسف لـيس ينفد ذامها |
تـلـقتكم الـدنيا بـعاجل زهـرة | فـراق لـديكم بـالغرور حطامها |
فـما عذركم يوم الحساب بموقف | يـبـرّح فـيـه بـالانام أوامـها |
خـصـيمكم فـيه الإلـه وجـدنا ونـار | جحيم ليس يخبوا ضرامها |
فـلم يُـجدِ فـيهم نـصحه ومقاله | ومـال الى نصح الكفاح اعتزامها |
فـجاهدهم بـالآل والصحب جاهداً | فـأفناهُم سـمر الـقنا واحـتطامها |
ولـما رأى الـسبط الـمؤمل أهـله | وأصـحابه صـرعى وقد حزّ هامها |
تــدرّع لـلهيجاء يـقتحم الـعدى | بـنفس عـلا فـي الحادثات مقامها |
فـجاهدهم حـتى أبـاد مـن العدى | جـموعاً عـلى الشحناء كان التئامها |
إلى أن هوى للأرض من فوق | مهره فـدتـه الـبرايا غـرّها وفـخامها |
فـيا لـك مـن شـهم أصيب بفقده | عـماد الـمعالى والـندى وشـمامها |
فـجاء الـيه الـشمر واحـتز رأسه | وسـاق نـساء الـسبط وهو أمامها |
ومـولاي زيـن الـعابدين مـكبّل | أحـاطت بـه لـلنائبات عـظامها |
وبـنتُ عـتليٍّ تـندب السبط لوعة | يـصدّع قـلب الـراسيات كـلامها |
أخـي يـا أخي لولا مصابك لم أبحُ | بـأسرار حـزن فـيك عـزّاكتتامها |
أخـي يـا أخـي عدنا أسارى أميه | بـنا فـوق متن العيس يقصد شامها |
أخـي مـا لهذي القوم لم أر عندهم | ذرارى رسـول الله يرعى احترامها |
أخـي بـين أحـشائي الـيك تلهّبٌ | وعـيناي مـذ فـارقت غاب منامها |
أخي ليس لي في العيش بعدك مطمعٌ | عُرى الصبر مني اليوم بان انفصامها |
أخـي فـاطم الصغرى تحنّ غريبة | بـحزن الـى لـقياك طـال هيامها |
الـى أن أتـوا أرض الـشآم بأهله | فـلا كـان يـوما فـي البلاد شأمها |
فـعاد يـزيد يـنكث الـثغر لاهـياً | تـدار عـليه فـي الـكؤوس مدامها |
فـأظلمت الآفـاق مـن سـوء فعله | الـى شـفة لـلوفد طـال ابتسامها |
وقـد طـالما كـان الـنبي مـحمد | يــروق لـديه رشـفها والـتثامها |
فـيا لـك مـن خطب تشيب لهوله | ولائـد مـن أن حـان منها فطامها |
مـصائب صوب الدمع يهمي لعظمها | فـمبدؤها يـذكي الـجوى وختامها |
إمـام الـهدى إنـي بـحبك واثـقٌ | ومـا شـقيت نـفسٌ وأنـت إمامها |
ومن شعره
أما والهوى العذري لم أقترف ذنباً | ولكن على رغمي أقول لك العتبى |
أبـيتُ على مثل الرماح شوارعاً | لما بي ولم أشهد طعاناً ولا ضرباً |
وأرفـل في ثوب الهوان وطالما | لـبست رداء الـعزّ أسحبه سحبا |
ولـكنها الأيـام جـدّت صروفها | فشذّت "مقاماتي" شذوذ أبي يأبى |
*ادب الطف ـ الجزء الخامس232_ 236
1-عن الديوان المخطوط ص 28 مكتبة الامام الحكيم العامة رقم 390 قسم المخطوطات بخط الشيخ محمد السماوي.