في الدورة الأولى
لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي، حصل الكاتب والخطيب البليغ فخر الدين الحجازي على
أكبر عدد من أصوات الناخبين في طهران. إذ كان خلال اندلاع الثورة يؤجج في قلوب
المستمعين الثورة بخطبه النارية التي كان يمزجها بالشعر أحياناً. وقبل أن يبدأ
المجلس أعماله حضر أعضاؤه في حسينية جماران ليستمعوا إلى حديث قائد الثورة، فتقدم
ذلك الخطيب، باعتباره الحائز على أكبر عدد من الأصوات، ليلقي كلمة بالنيابة عن سائر
النواب ويقدم الشكر وربما يرفع تقريراً عن الانتخابات.
وكان تلفزيون الجمهورية الإسلامية يبث وقائع لقاءات سماحته العامة فيشاهدها
الملايين بشغف كبير. وقد استمع الشعب وشاهد العبارات الجميلة التي استخدمها ذلك
الخطيب البارع كقصيدة عصماء في وصف قائد الثورة. فكان رأس القائد يغط في صدره
وينحني حاجباه. ولما توجهت الكاميرات إلى قائد الثورة حين أراد أن يتكلم، لم يرفع
رأسه عالياً، وبدأ خطابه بهذه العبارات:"إنني أخشى أن
أصدق ما قاله السيد الحجازي بشأني، إنني أخشى أن تخلق كلماته وكلمات أمثاله الغرور
في نفسي. إنني أعوذ بالله تبارك وتعالى من الغرور. إنني إذا اعتبرت أن لي موقعاً
متميزاً عن سائر الناس فمعنى هذا الانحطاط الفكري والانحطاط الروحي. إنني في الوقت
الذي أشكر السيد الحجازي بوصفه خطيباً ناجحاً وملتزماً، أعاتبه لأنه تحدث أمامي بما
يمكن أن أصدّقه".
بيد أنه لا يمكن القول على وجه الدقة، أن تعامل الأمير مع (آغا آني) انطلق من هذا
التصور. ولكنهما نهلا من نبع التعاليم الإسلامية. كما لا يمكن القول بكل اطمئنان
أنه لا يوجد أي أثر لذلك التعامل في هذا الحديث. ولكن مستوى الحديث أسمى من التعامل،
لأن الأمير قال في استدلاله "غداً تنعتني بالخائن وغيري
بالخادم". فيما قال قائد الثورة: "لعلّي أصدّق
فأكون مغروراً".
*الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية