الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
من مهام المبلّغ
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً1.

إن كل شخص عمل طوال التاريخ على تبليغ الإسلام كان مصداق الآية الشريفة المتقدمة.

ذكر الله تعالى في بداية الآية الشريفة عبارة ﴿الَّذِينَ﴾ ليجعل المسألة كلية، وهذا يعني أن الرسالة هنا ليست شخصية بل هي رسالة كلية، وهي ليست قضية خارجية كما يقول الأصوليون بل هي قضية حقيقية، فالآية تتوجه إلى جميع المبلغين الذين جاءوا على مَرّ التاريخ. وقد بَيّنت الآية الشريفة ثلاث مهام وخصائص لمبلغي الدين:

ألف- تبليغ رسالة الله
يقول علماء النحو بأن "الذين" من جملة المبهمات التي لا يزول الابهام فيها إلا بما بعدها. ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ، يشير هذا المقطع من الآية الشريفة إلى إحدى مهام مبلغي الدين وهي تبليغ رسالة الله تعالى. فليس من وظائفكم توضيح السياسات العالمية، ولا تناول هذا المذهب أو ذاك بالسب والشتام، بل كل هدفكم تبليغ الرسائل التي أتى بها الأنبياء والأولياء بالأخص الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) وأولياءه. لذلك ينبغي أن يتمحور أساس حديثكم حول: قال الله، قال رسول الله، قال الباقر، قال الصادق...

يجب أن يدرك الناس أن ما يتلفظ به المبلغ هو كلام الله تعالى حيث تكون لهذا الأمر آثار إيجابية أكبر مما لو كانت غير ذلك.

بعض الأشخاص يتحدثون ويتلفظون بعبارات عديدة ولكنهم لا يذكرون ولا ينقلون آية أو رواية، بل يركزون كلمتهم حول ما قال ذاك الدكتور وهذا البروفسور... هؤلاء ليسوا مبلغين للإسلام، فالمبلغ عليه أن يبلغ رسالة الله. ولهذا الأمر يجب أن يتسلح المبلغ بالأمور الآتية:

1 ـ أن يكون المبلغ حافظاً للقرآن إلى حدود بعيدة. وإذا لم يتمكن المبلغ من حفظ كل القرآن، عليه أن يحفظ الآيات والأجزاء الهامة من القرآن. مثال ذلك: على المبلغ أن يحفظ سورة الحجرات والتي هي سورة أخلاقية، وسورة لقمان...
2 ـ أن يقرأ القرآن بشكل صحيح من دون أخطاء.
3 ـ أن يحفظ مقاطع من نهج البلاغة. مثال ذلك: عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر بالإضافة إلى بعض الشواهد التاريخية والكلمات القصار والعبارات المختصرة...
4 ـ يجب أن يكون كتاب "تحف العقول" مرافقاً للمبلغ بشكل دائم، لأنه كتاب أخلاقي واجتماعي من أوله إلى آخره.

ب- العدالة وخشية الله
عندما يكون الكلام لأجل الله تعالى، عند ذلك يكون هذا الدافع الإلهي مؤثراً في كيفية أداء العبارات والكلمات وكذلك في مقدار التأثير. ﴿وَيَخْشَوْنَهُ﴾ هؤلاء المبلغون لا يزيدون ولا ينقصون شيئاً من الرسالة الإلهية، بل يتلفظون بالواقع. وخشية الله عبارة عن العدالة. والعدالة هي حالة الخوف من الله تعالى التي يتمكن الإنسان بواسطتها من عدم ارتكاب الكبيرة أو الاصرار على الصغيرة.

ج- الشهامة في قول الحق
لا تخافوا من الآخرين، ولا تقولوا: إذا تلفظت بهذه الكلمة فسينقطع رزقي. طبعاً يجب الالتفات إلى أن قوله تعالى: ﴿وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ لا يعني عدم الأخذ بعين الاعتبار ظروف المنطقة التي تذهبون إليها، فالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) عندما كان يرسل الأشخاص إلى مناطق متعددة كان يرسل الشخص إلى المنطقة التي يعرفها، لأن المعرفة بظروف المنطقة يساهم في حسن إيصال رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله. ولا تظنوا بأن هذه الآية تدل على إمكان الحديث بكل شيء في جميع الأماكن.
أما العاقل فهو الذي يدرك الظروف المحيطة، فينبغي أن يدرك المبلغ استعداد الناس واستعداد البيئة المحيطة والظروف الأخرى الحاكمة على المنطقة.

هناك بعض المسائل التي لا يمكن الحديث بها في جميع الأماكن، فرسالة الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى مكة كانت تختلف عن غيرها كالموجهة بعد هجرته إلى المدينة. في مكة كان يقول: ﴿لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ ولكنه عندما وصل إلى المدينة، صار يقول: "قاتلوا المنافقين والمشركين" على أساس أن الخطاب والموقف كان يختلف على مستوى الظروف. عندما يطالع المبلغ مجموع الآيات التي نزلت في مكة والمدينة سيجد الفارق الموجود في منطق الرسول (صلى الله عليه وآله) من حيث الشدة والرخاوة. كان يتحدث في مكة بأسلوب معين وفي المدينة بأسلوب آخر.

الموقف في مكة هو موقف يأخذ بالاعتبار أن الإسلام كان في بدايات الدعوة، لذلك كان الخطاب يغلب عليه طابع النصيحة، إلا أن الموقف في المدينة كان موقف القوة، لذلك كان الغالب على الخطاب طابع القوة. إذا ذهبتم إلى منطقة يعبدون فيها العجل، فعليكم الحديث حول إثبات الله تعالى وإثبات التوحيد بما لا يلحق بك الأذى من قبل الجيران.

ينبغي أن يدرك المبلغ الظروف المحيطة، وينبغي أن يكون واعياً ثم يتحدث طبقاً للظروف. والمقصود أن ندخل الحلبة بشكل عاقل لنصل إلى النتيجة المطلوبة.

د- الحساب
جاء في نهاية الآية الشريفة: ﴿وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً. الله تعالى هو الحسيب الذي ينبغي أن يلتفت المبلغ إليه. فهل ما يصدر عن المبلغ يقع في مصلحة الإسلام أم في ضررة؟ عندما يقول الله تعالى ﴿وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً﴾ فهذا يعني أن هناك مسؤولية ثقيلة تقع على عاتق المبلغ.

* آية الله الشيخ جعفر سبحاني


1- سورة الأحزاب، الآية: 39.
 

17-05-2013 | 17-04 د | 2025 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net