الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1645 01 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 03 كانون الأول 2024 م

الجهاد ذروة سنام الإسلام

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع التعبويّين، بمناسبة حلول أسبوع التعبئةإنَّ ‌اللهَ مَعَ الصّابِرينمراقبات

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبر
من نحن

 
 

 

التصنيفات
لماذا تمرض نفوسنا؟!!
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


المؤمن لا يعرف شيئا اسمه المرض النفسي لأنه يعيش في حالة قبول و انسجام مع كل ما يحدث له من خير وشر.. فهو كراكب الطائرة الذي يشعر بثقة كاملة في قائدها و في أنه لا يمكن أن يخطئ لأن علمه بلا حدود، و مهاراته بلا حدود.. فهو سوف يقود الطائرة بكفاءة في جميع الظروف وسوف يجتاز بها العواصف والحر والبرد والجليد والضباب.. وهو من فرط ثقته ينام و ينعس في كرسيه في اطمئنان وهو لا يرتجف ولا يهتز اذا سقطت الطائرة في مطب هوائي أو ترنحت في منعطف أو مالت نحو جبل.. فهذه أمور كلها لها حكمة وقد حدثت بارادة القائد وعلمه وغايتها المزيد من الأمان فكل شيء يجري بتدبير و كل حدث يحدث بتقدير وليس في الامكان أبدع مما كان.. وهو لهذا يسلم نفسه تماما لقائده بلا مساءلة وبلا مجادلة ويعطيه كل ثقته بلا تردد ويتمدد في كرسيه قرير العين ساكن النفس في حالة كاملة من تمام التوكل.

وهذا هو نفس احساس المؤمن بربه الذي يقود سفينة المقادير ويدير مجريات الحوادث ويقود الفلك الأعظم ويسوق المجرات في مداراتها والشموس في مطالعها ومغاربها.. فكل ما يجري عليه من أمور مما لا طاقة له بها، هي في النهاية خير.

اذا مرض ولم يفلح الطب في علاجه.. قال في نفسه.. هو خير.. واذا احترقت زراعته من الجفاف ولم تنجح وسائله في تجنب الكارثة.. فهي خير.. وسوف يعوضه الله خيرا منها.. واذا فشل في حبه.. قال في نفسه حب فاشل خير من زيجة فاشلة.. فاذا فشل زواجه.. قال في نفسه الحمد لله أخذت الشر وراحت.. و الوحدة خير لصاحبها من جليس السوء.. واذا أفلست تجارته قال الحمد لله لعل الله قد علم أن الغنى سوف يفسدني وأن مكاسب الدنيا ستكون خسارة علي في الآخرة.. واذا مات له عزيز.. قال الحمدلله.. فالله أولى بنا من أنفسنا وهو الوحيد الذي يعلم متى تكون الزيادة في أعمارنا خيرا لنا ومتى تكون شرا علينا.. سبحانه لا يسأل عما فعل.

و شعاره دائما: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون

و هو دائما مطمئن القلب ساكن النفس يرى بنور بصيرته أن الدنيا دار امتحان وبلاء وأنها ممر لا مقر، وأنها ضيافة مؤقتة شرها زائل وخيرها زائل.. و أن الصابر فيها هو الكاسب والشاكر هو الغالب.

لا مدخل لوسواس على قلبه ولا لهاجس على نفسه، لأن نفسه دائما مشغولة بذكر العظيم الرحيم الجليل وقلبه يهمس: الله.. الله.. مع كل نبضة، فلا يجد الشيطان محلا و لا موطئ قدم ولا ركنا مظلما في ذلك القلب يتسلل منه.

و هو قلب لا تحركه النوازل ولا تزلزله الزلازل لأنه في مقعد الصدق الذي لا تناله الأغيار.

و كل الأمراض النفسية التي يتكلم عنها أطباء النفوس لها عنده أسماء أخرى:

* الكبت اسمه تعفف
* والحرمان رياضة
* والاحساس بالذنب تقوى
* والخوف (وهو خوف من الله وحده) عاصم من الزلل
* والمعاناة طريق الحكمة
* والحزن معرفة
* والشهوات درجات سلم يصعد عليها بقمعها ويعلو عليها بكبحها الى منازل الصفاء النفسي والقوة الروحية
* والأرق.. مدد من الله لمزيد من الذكر.. والليلة التي لا ينام فيها نعمة تستدعي الشكر وليست شكوى يبحث لها عن دواء منوم فقد صحا فيها الى الفجر وقام للصلاة
* والندم مناسبة حميدة للرجوع الى الحق والعودة الى الله
* والآلا م بأنواعها الجسدي منها والنفسي هي المعونة الالهية التي يستعين بها على غواية الدنيا فيستوحش منها ويزهد فيها
* واليأس و الحقد والحسد أمراض نفسية لا يعرفها ولا تخطر له على بال
* والغل والثأر والانتقام مشاعر تخطاها بالعفو والصفح والمغفرة
* وهو لا يغضب الا لمظلوم ولا يعرف العنف الا كبحا لظالم
* والمشاعر النفسية السائدة عنده هي المودة والرحمة والصبر والشكر والحلم والرأفة والوداعة والسماحة والقبول والرضا

تلك هي دولة المؤمن التي لا تعرف الأمراض النفسية ولا الطب النفسي..

والأصنام المعبودة مثل المال والجنس والجاه والسلطان، تحطمت ولم تعد قادرة على تفتيت المشاعر وتبديد الانتباه.. فاجتمعت النفس على ذاتها وتوحدت همتها، وانقشع ضباب الرغبات وصفت الرؤية وهدأت الدوامة وساد الاطمئنان وأصبح الانسان أملك لنفسه وأقدر على قيادها وتحول من عبد لنفسه الى حر بفضل الشعور بلا اله الا الله.. وبأنه لا حاكم ولا مهيمن ولا مالك للملك الا واحد، فتحرر من الخوف من كل حاكم ومن أي كبير بل ان الموت أصبح في نظره تحررا وانطلاقا ولقاء سعيد بالحبيب.

اختلفت النفس وأصبحت غير قابلة للمرض.. وارتفعت الى هذه المنزلة بالايمان والطاعة والعبادة فأصبح اختيارها هو ما يختاره الله، وهواها ما يحبه الله.. و ذابت الأنانية و الشخصانية في تلك النفس فأصبحت أداة عاملة و يدا منفذة لارادة ربها. وهذه النفس المؤمنة لا تعرف داء الاكتئاب، فهي على العكس نفس متفائلة تؤمن بأنه لا وجود للكرب مادام هناك رب.. وأن العدل في متناولنا مادام هناك عادل.. وأن باب الرجاء مفتوح على مصراعيه مادام المرتجى والقادر حيا لا يموت.


* الدكتور مصطفى محمود

27-08-2013 | 12-12 د | 2894 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net