الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
العلويون: نشأتهم وعقائدهم
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

1- تمهيد:
العلويون فئة من فئات الشيعة الاثني عشرية، كانوا يعرفون باسم "النصيرية"، نسبة إلى محمد بن نصير النميري (توفي حوالي سنة 270هـ)، والذي كان من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ، فلما استشهد ادعى النميري أنه باب الإمام الحجة# مكان أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري، ولازمتهم هذه التسمية حتى بدايات القرن العشرين، فأطلق عليهم "العلويون" نسبة إلى أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ، وارتضوا هذه التسمية، ولكنهم يقولون أن أيا من التسميتين لم يختاروها، بل هم يصرون على تشيعهم وارتباطهم بالأئمة الاثني عشر، بل نشأت من ظروف تاريخية فرضت عليهم1.

يعمل العلويون في الفترة الأخيرة، بكل جد واجتهاد، على إزالة ما لصق بهم من تهمة تأليه علي عليه السلام أو أبنائه المعصومين عليهم السلام، وإعادة أنفسهم إلى طائفة الشيعة الإثني عشرية، رغم امتيازهم عنهم في بعض المسائل العقائدية، ولهذا ألفوا عددا من الكتب في أصول العقائد والفقه وغيرها، يؤكدون فيها أنهم لا يختلفون عن الشيعة الامامية.
 
2- نشأة العلويين:
يبدأ تاريخ العلويين مع دعوة محمد بن نصير النميري، كما أشرنا إليه، ويبدو أنه كان عالما فاضلا، كما يفهم من كلام العلامة الحلي + في الخلاصة، حيث نقل عن ابن الغضائري عن مشايخه: كان محمد بن نصير من أفاضل أهل البصرة علما، وكان ضعيفا، منه بدو النصيرية أو إليه ينسبون.

وذكر النوبختي في فرق الشيعة وسعد بن عبد الله الأشعري في المقالات والفرق أن محمد بن نصير ادعى أنه نبي رسول أرسله علي ابن محمد العسكري عليه السلام وكان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن عليه السلام ويقول فيه بالربوبية ويقول بإباحة المحارم ويحلل نكاح الرجال بعضهم بعضا في الأدبار، ويزعم أن ذلك من التواضع والتذلل وترك التجبر، وأن ذلك إحدى الشهوات والطيبات وأن الله لم يحرم شيئا من ذلك.

وظاهر من كلامهما أنه كان يقول بألوهية الأئمة الاثني عشر(ع)، وإلا فلا معنى للقول بأن الإمام الهادي عليه السلام قد أرسله نبيا ورسولا.

ولكن العلويين ينفون هذه التهم عنه جملة وتفصيلا، ويصرون على أن طائفتهم لا تقول بربوبية أحد من الأئمة، ولا بإباحة المحرمات الإسلامية، ولهذا فهم يقولون أن هذه التهم من ابتداع الأشعري والنوبختي، ويحملون عليهما بشدة وعنف.
إلا أن من الثابت لدى العلماء أنه ادعى البابية مكان أبي جعفر، ولعنه أبو جعفر وتبرأ منه، ولا ينكر بعض العلويين هذه القضية، بل يتمسكون بما ورد في الاحتجاج للطبرسي، لإثبات براءته وحسن نيته، قال: "لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر& وتبرأ منه، فبلغه ذلك، فقصد أبا جعفر& ليعطف بقلبه عليه، أو يعتذر إليه، فلم يأذن له وحجبه ورده خائبا".

فهم يرون أن هذا القصد منه دليل على حسن نيته، وأنه ربما اشتبه عليه الأمر، وإلا فلا معنى لذهابه واعتذاره، والجناية في هذا الصد، لا تقع على أبي جعفر، بل الذين حالوا بينه وبين لقائه2.

ومهما يكن من أمر، فإن العلويين يتبعون طريقة الحسين بن حمدان الحضيبي صاحب الهداية الكبرى وغيرها من المؤلفات الكثيرة، ويعتبرونه مرجعهم الأعلى، وهو من علماء الامامية، وربما ورد في كلامه بعض ما يدل على المغالاة في أئمة أهل البيت(ع)، فأخذها عوامهم على ما هي عليه، وصارت جزءا من عقائدهم.

وقد حكم عليه علماء الرجال بفساد المذهب، ونسبوا إليه القول بالتناسخ، بل وضعه بعضهم بالكذب والتخليط، ولكن بعضهم كالسيد محسن الأمين+ ناقش في هذه النسبة، واحتمل أن يكون أساسها ابن الغضائري الذي لم يسلم أحد من طعنه وتضعيفه.

وأما شهادتهم "أشهد أن لا إله إلا حيدر" فهي من تقولات ابن تيمية ضدهم، وهو معروف بشدة عدائه لشيعة أهل البيت(ع)، فهو متهم في أخباره، فلا تصديق لمقولاته، ولو صح شيء منها فهو من مقولات العوام.

3- من عقائد العلويين:
من العقائد التي تنسب إلى النصيرية، والتي تخالف أحكام الإسلام، عقيدة الحلول وعقيدة التناسخ.

أولا: عقيدة الحلول:
تعني فكرة الحلول أن الله تعالى يتجلى ويحل في الجسد الآدمي، إما دائما أو لبعض الوقت، ولا ريب أن هذه المقولة قد وفدت إلى بعض المسلمين من المسيحية والبوذية وغيرهما من الأديان والمذاهب الحلولية، وتأثر بها بعض الصوفية من المسلمين، من أمثال الحلاج وغيره.

وقد نسبت هذه الفكرة إلى العلويين من الشيعة الاثني عشرية، ونقل الشهرستاني، بعض الأدلة التي يسوقونها لنصرة هذه العقيدة، من قبيل قولهم: "أن ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل، أما في جانب الخير فكظهور جبرائيل عليه السلام ببعض الأشخاص، والتصور بصورة أعرابي، والتمثل بصورة البشر. وأما في جانب الشر فكظهور الشيطان بصورة إنسان حتى يعمل الشر بصورته، وظهور الجن بصورة بشر حتى يتكلم بلسانه، فكذلك نقول أن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص.

ولما لم يكن بعد رسول الله’ شخص أفضل من علي عليه السلام وبعده أولاده المخصوصون، وهم خير البرية، فظهر الحق بصورتهم، ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم، فعن هذا أطلقنا اسم الإلهية عليهم3".

ولكن الشهرستاني لم يذكر من أين أخذ هذا الدليل وغيره من الأدلة عنهم، وربما استدل بعضهم بخطبة البيان الواردة عن أمير المؤمنين عليه السلام ، والتي تشتمل بعض فقراتها على ما ظاهره يشتمل على الغلو فيه.

ولكن أحمد علي حسن، وهو كاتب علوي، أنكر هذه النسبة أشد الإنكار، واعتبرها من المفتريات عليهم، قال ما لفظه: "والحلول، يعلم كل من له معرفة بأحوال العلويين، أنهم ينكرونه، وقدمنا: أنهم يختلفون مع القائلين به"، ثم ساق عدة شواهد شعرية لشعراء علويين تدل على إنكار قولهم بالحلول، ثم قال: "وفيلسوفنا المتصوف حسن بن حمزة الشيرازي هو الذي يقول: واجب الوجود لذاته، يمتنع أن يكون تبعا لغيره، فوجب أن يمتنع عليه الحلول4".

ثانيا: عقيدة التناسخ:
وهي تعني انتقال الأرواح في الأجسام الحيوانية والنباتية والجمادات والأبدان الإنسانية، بحسب قربها وبعدها عن الكمالات وملكات الخير، فكلما كانت خيرة تنقلت بين أجسام أرقى، وكلما كانت شريرة تهاوت في أجسام أدنى. ولازم هذه العقيدة أن للجمادات أرواحا فضلا عن الإنسان والحيوان والنبات.

والقائلون بالتناسخ يقسمون هذه الانتقالات إلى ثلاثة أقسام، ويطلقون على كل قسم تسمية خاصة، فإذا كان الانتقال من بدن إنساني إلى بدن إنساني آخر، أو من جسم حيواني إلى حيوان يسمى نسخا، وإن كان منها إلى الأجسام النباتية يسمى رسخا، وإن كان إلى الجمادات يسمى فسخا.

وعلى هذا الأساس يفسر الثواب والعقاب، فالانتقال من الأدنى إلى الأسمى يكون ثوابا والعكس عقاب.

والظاهر أن هذه العقيدة وفدت إلى المسلمين من الديانات الهندية، التي تنتشر فيها عقيدة التناسخ، إضافة إلى بعض الفلاسفة اليونانيين، فقد حكي عن أفلاطون أنه من القائلين بها.

ورغم أن الفلاسفة المسلمين قد أثبتوا بطلان هذه العقيدة بأدلة قاطعة وبراهين يقينية ساطعة، بل وقف الإسلام منها موقف الخصومة، ورفضها رفضا تاما إلا أنها تسربت إلى بعض المسلمين، الذين حاولوا الاستدلال عليها ببعض الآيات القرآنية، والتي لا تدل على مزاعمهم، من قبيل قوله تعالى: "في أي صورة ما شاء ركبك5"، كما فسروا قوله تعالى: "حتى يلج الجمل في سم الخيط6"، بأن معنى ولوج الجمل في سم الخياط هو أن تتقمص روحه في جسم بقة مثلا.

وكيف كان، فالعلويون يؤمنون بمبدأ التناسخ، ويعتقدون أن الروح الشقية يمكن أن تحل في جسم خنزير أو كلب أو ذئب أو غير ذلك، وهي تتشخص وتلبس الجسد الملائم لمواصفاتها الشريرة، والحامل لطباعها وكذلك الأرواح الخيرة تتنقل في أجسام بشرية أو نورانية بحسب كمالاتها وأخلاقها، حتى تتجرد وتصير موجودات نورانية، وتلحق بالنجوم.

وهذه العقيدة من أهم المسائل التي حملت علماء الامامية على الحكم بضلالهم وانحرافهم عن جادة الحق، إضافة إلى اتهامهم بالغلو في أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الأئمة عليهم السلام إلى مستوى الألوهية إن صح ذلك عنهم.
 
* سماحة الشيخ حاتم إسماعيل


1- المسلمون العلويون في مواجهة التجني ص59
2- المسلمون العلويون في مواجهة التجني، ص142-143
3- الملل والنحل ج1، ص188- 189
4- المسلمون العلويون في مواجهة التجني ص76- 77
5- سورة الانفطار، آية: 8
6- سورة الأعراف، آية: 40

23-04-2015 | 15-39 د | 4242 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net