الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
مودة كاذبة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تصدير:
قال الله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ.[1]

مقدمة:
هذه الآيات أتت بعد بيان النبي إبراهيم (عليه السلام) للأدلة على المعاد وكذلك في سياق استنكاره لعبادة الأوثان وتعظيمها وتقريع أمته على هذا السلوك ففي جواب قومه عليه انتهى أمر هؤلاء المستكبرين إلى استعمال قوتهم في قبال حجة النبي إبراهيم (عليه السلام) البالغة والدامغة وهذه عادة المستكبرين من ذوي القدرة والقوة المادية والمالية والعسكرية فإنهم يلجأون إلى استخدامها لإسكات أصحاب الحق وذوي العقول وأصحاب الحجج المفحمة؛ ذلك أن استكبارهم واعتدادهم بقوتهم وقدرتهم يدفعهم إلى محاولة إسكات ألسنة الصدق الصادعة بالحق بالقهر والغلبة والقوة.

ولكن الآيات تذكر أن الله نصر نبيه وأبطل مفعول قوتهم فجعل نارهم برداً وسلاماً على نبيه إبراهيم (عليه السلام) ولنا في تأمل سريع أن نلتقط جملة من الإستفادات منها:

1- إن قوله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ... ، يستفاد منه أن هناك جماعة كانوا يميلون إلى حرق إبراهيم (عليه السلام) بالنار في ما كان هناك جماعة أخرى اقترحوا ربما اعتماد أسلوب آخر لقتله (عليه السلام) بالسيف مثلاً إلا أن الآية تقول أن الغلبة كانت لذوي الرأي الأول وهو الإحراق بالنار؛ ربما لأنهم كانوا يرون أن ذلك هو أشد حالات العذاب والقتل.
 
2- قول إبراهيم (عليه السلام): ﴿وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...[2] جاء بعد أن أنجاه الله من النار وأبطل كيد المستكبرين وأظهر حقيقة قوتهم أمام قدرة القوي القهار، وهذه لحظة مناسبة جداً ليتابع إبراهيم (عليه السلام) ما بدأه مستغلاً نعمة الله عليه ومستكملاً لها فهو قد تلقى بالتأييد الإلهي دفعة معنوية قوية وعدوه قد تلقى ضربة قوية لمعنوياته من شأنها زلزلة بنيان استكباره حيث يفترض أن القوم أصبحت للكثير منهم قابلية أن يسمعوا ويعوا؛ فقد اغتنم إبراهيم (عليه السلام) الحالة النفسية لهزيمة القوم ليتوجه إليهم مبيناً وهن ما اتكأوا عليه من رابط لبنيانهم وهو عبادة الأوثان.
 
3- إن الوحدة العقائدية ينتج عنها أو فقل يترشح عنها مودة تربط بين المتحدين في العقيدة حتى لو كانت هذه الخلفية العقدية باطلة؛ التي أريد منها أن ينصر بعضهم بعضاً ويؤازر بعضهم بعضاً وهي إن نفعت فإن محل نفعها الأقصى، إن فعلت فعلها، هي الدنيا ﴿مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَ[3]، ولكن هذه المحبة والمودة ستتلاشى في الآخرة حيث ستتجلى بضدها من العداوة والبراءة واللعن، كما قال تعالى: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّ.[4] فهذا الإجتماع في الدنيا على آلهة مخترعة لتكون ركناً وقطباً لاجتماع الأفراد والجماعات لتشكيل هيكل موحد من قبيلة أو عشرة أو وطن أو أمة هو نفسه سيكون سبباً لانفكاك عقد المودة والمحبة وستكون النتيجة ما يلي:
* كفر البعض بالبعض الآخر.
* التلاعن.
* الاشتراك في العذاب الدنيوي والأخروي.
* الخذلان أو فقل التخاذل، فلا تنصرهم آلهتهم المزعومة ولا هم يتناصرون في ما بينهم إن لم يكن في الدنيا فلا أقل من حدوث ذلك في الآخرة. ﴿...ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ.[5]
 
4- ورد في بعض الروايات أنه: "لما ألقي إبراهيم الخليل (عليه السلام) مكتوف اليدين والرجلين في النار؛ فإن الشيء الوحيد الذي احترق منه هو الحبل الذي كان مشدوداً وموثقاً به". فنار المستكبرين والمعاندين للحق والمحاربين لولي الله، نار جهلهم ونار عنادهم وإصرارهم على غيهم وضلالهم صارت جندياً عند الله فأحرقت وسائل الأسر وحلت عقده ليتحرر نبي الله إبراهيم من قيود الظاهر وهو كان حراً لم تأسره العادات، ولا الموروثات ولا طغيان الكثرة والأكثريات.
 
5- إن الله اعتبر أن حادثة محاولة حرق إبراهيم (عليه السلام) وما جرى فيها تحمل الكثير من العلامات المعبر عنها بالآيات في قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.[6] بينما عبر القرآن الكريم عن نوح وسفينته أنها آية فقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ[7] بصيغة الإفراد. وهذا من جهة دعوة للمسلمين ولكل من يقرأ هذه الآية الكريمة ويطلع على هذه الواقعة وما جرى فيها لكي يتأمل فيها ويعتبر منها وإذا أردنا أن نخرج من هذه الواقعة بعض الآيات نجد ما يلي:
* فالآية والعلامة الأولى هي عدم تأثير النار على جسد إبراهيم (عليه السلام) وهذا معجزة من أعظم المعجزات.
* ليس فقط إن النار لم تحرق جسد إبراهيم (عليه السلام) بل أصبحت مكاناً بارداً أمره الله أن يكون ببرودة لا إيذاء فيها ﴿بَرْدًا وَسَلَامً وهذا مرتبة أخرى من الإعجاز.
* إن هؤلاء الجماعة القوية لم يقدروا أن يغلبوا فرداً واحداً أعزل لا يملك من وسائل المواجهة إلا إيمانه وصلته بالله تعالى.
* رغم كل ما سبق فإن هذا الحادث العجيب الخارق للعادة المبهر للأبصار والمذهل للعقول لم يستطع أن ينفذ إلى قلوب أولئك المستكبرين وقومهم الضالين ولم يستطع أن يؤثر فيهم؛ لشدة ظلمة نفوسهم وقساوة قلوبهم؛ وفي ذلك كشف عن مؤثرية الإستكبار والعناد على النفوس والقلوب بحيث تكون مانعاً وحجاباً يمنع من نفوذ نور الهداية الربانية ليجلو ظلمات الجهل والكفر والوثنية وهذا نوع من أنواع سلب التوفيق، وكذلك فإن هذا بنفسه آية وعلامة.

خاتمة:
يمكن لنا أن نخلص إلى درس من دروس هذه الآيات وعبرة من عبرها وهي إن اجتماع القلوب والنفوس على الباطل والضلال لا يمكن أن يشكل ضمانة دائمة للوحدة والتماسك؛ وبتعبير ثانٍ إن الكيانات المبنية على غير الإيمان بالله وتوحيده ستنتج مودة كاذبة يمكن أن تشكل عنصر توحيد يشد هذه الكيانات ويقيم بنيانها، إلا أنه لن يستطيع أولاً أن يبقى صامداً أمام رياح الزمن التي تنحته وتعريه... هذا في الدنيا... وأما في الآخرة فإن نفس ما كان مولّداً للمودة الكاذبة أو فقل المؤقتة سيكون مدعاة للعداوة والبغضاء في الآخرة. إذ يقول تعالى: ﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.[8]
في المقابل فإن المحبة القائمة على التوحيد وعبادة الله والولاية لأولياء الله في هذه الدنيا ستدوم في الدنيا وتظهر في الآخرة بشكل أقوى ويظهر المؤمنون يومها أشد تماسكاً إذ يستغفر بعض المؤمنين لبعض ويشفع بعضهم لبعض.


[1]  سورة العنكبوت، الآيتان:24-25.
[2]  سورة العنكبوت، الآية:25.
[3]  سورة العنكبوت، الآية:25.
[4]  سورة مريم، الآية:82.
[5]  سورة العنكبوت، الآية : 25.
[6]  سورة العنكبوت، الآية : 24.
[7]  سورة العنكبوت، الآية : 15.
[8]  سورة الزخرف، الآية : 67.

14-01-2016 | 14-15 د | 1488 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net