الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

العدد 1645 01 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 03 كانون الأول 2024 م

الجهاد ذروة سنام الإسلام

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع التعبويّين، بمناسبة حلول أسبوع التعبئةإنَّ ‌اللهَ مَعَ الصّابِرينمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الإحسان إلى الوالدين قرين التوحيد
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) .

مقدمة: الإحسان إلى الوالدين وصية الله:

مما يلفت النظر في آيات الكتاب الحكيم ذلك القرن بين التوحيد في العبادة لله تعالى والأمر بالإحسان إلى الوالدين، ومنها قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وكذلك في سورة البقرة إذ يقول تعالى: (لا تعبدون إلا إياه وبالوالدين إحسانا) .

وفي سورة النساء: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .

وفي سورة الأنعام قال الحكيم تعالى: (ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .

إذ جعل تعالى الإحسان إلى الوالدين وعدم الشرك به تعالى في العبادة خصوصاً مع جملة من الأمور كاقتراف الفواحش وقتل النفس المحترمة ومنها قتل الأولاد والاقتراب من مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن وعدم إيفاء الكيل والميزان... إلى آخر ما ورد في الآية الأخيرة من سورة الأنعام جعل كل تلك الأمور وصية من الله تعالى إلى كل أتباع الأنبياء إذ ختم في آخرها بالقول: (... ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) .

ويتحصل أنه تعالى قرن توحيده في العبادة بشكل أكيد وجعل الإحسان إلى الوالدين وصيته تعالى.

وبالتالي فلا عجب أن يقرن شكره بشكر الوالدين ويجعل شكرهما صائراً إليه، أو أنه يتوعد من يترك الشكر للوالدين بأن المرجع إلى الله فيحاسب عليه، كما جاء ذلك في قوله تعالى: (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) .

ولعله يصح أن يقال إن الأمر بشكر الوالدين هو تعبير آخر عن الإحسان لكن بالالفات إلى كون الإحسان إلى الوالدين هو رد لجميل صنعهما وهو دين في عنق الإنسان، وليس تفضلاً منه، وبالتالي فالإحسان إلى الوالدين هو من مصاديق شكرهما.

ولنا أن نتساءل عن سر القرن بين توحيده تعالى في العبادة والإحسان إلى الوالدين وقد نستخلص لذلك وجوهاً منها:

1- إن الشرك هو الظلم العظيم الذي ذكره الله تعالى في القرآن في وصايا لقمان لابنه إذ قال: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) .

ومن آثار عظمة هذا الأمر أنه لا مطمع في المغفرة الإلهية لمقترفه حيث قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) . ذلك أنه إلى الشرك بالله أو فقل إلى نقص في التوحيد ينتهي كل ذنب كما تنتهي إلى التوحيد كل حسنة.

وعليه فإن الله لما عد في مواضع كثيرة من كتابه العزيز الإحسان إلى الوالدين قريناً يلي التوحيد أو النهي عن التلبس بالشرك، يدل على أن عقوق الوالدين من أعظم الذنوب أو فقل هو أعظمها بعد الشرك بالله العظيم.

فعن رسول الله (ص) أنه قال: (إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق) .

2- إن الرابطة العاطفية التي تنشأ بين الأب والأم من جانب والأولاد من جانب آخر تشكل أساس بناء الجماعة والمجتمع الإنساني. وبشيئ من التأمل يمكن القول إن المجتمع الإنساني الذي به تكون تمام الفائدة من حياة البشر والإنسانية عامة، لا يحفظ هذا الإجتماع بل لا يحدث ولا يتكون إلا بحب النسل الذي يتكئ على رابطة الرحمة المتكونة في البيت بين طرفيه الأبوين من جهة والأولاد من جهة ثانية، ولذا فإنه لو جفا الأبناء آباءهم وأمهاتهم وصار ذلك خلقاً إنسانياً عاماً لأدى إلى بطلان عاطفة التوالد والتناسل والتربية والرعاية، ولانجر ذلك إلى الإعراض عن تكوين الأسرة وبناء العائلة وتكوين البيت، ولأدّى ذلك إلى فساد الاجتماع الإنساني.

وهذا يعني أن تصل الإنسانية إلى جيل متشتت متفرق لا رابطة بين أفراده، وبذلك لا شك ولا ريب أنه عند ارتفاع الرحمة سيعيش المجتمع الإنساني في صقيع وتجمد إذ يفتقد حرارة العاطفة والرحمة وستنتشر الأمراض النفسية والقسوة والتوحش وسترتحل السعادة والهناء والطمأنينة من الأفراد والجماعات، لتحل محلها التعاسة والشقاء والتوحش.

3- صحيح أن المنطق والعقل والتجربة الإنسانية والمعرفة النفسية والاجتماعية كافية للإرشاد إلى ضرورة احترام الوالدين ورعاية حقوقهما بل حتى الفطرة فطرة شكر المنعم ومقابلة الإحسان بالإحسان، إلا أنه مع ذلك لم يترك الإسلام وفي أقدس كلماته وعلى صفحات كتابه وفي حنايا سوره ومنطوق آياته الأمر بالإحسان إلى الوالدين وبعد الأمر بالتوحيد ذلك أن العقل والعلم والتجربة وغيرهما ترشد إلى ضرورة رعاية هذه الحقوق، أما مقامها وأهميتها وأنها تلي في ذلك مسألة التوحيد فهذا مما يحتاج إلى بيان، فضلاً عن أن الأمر بالإحسان إلى الوالدين مع كل ما يندب ويرشد إليه مما ذكرنا فيه زيادة تأكيد على مطلوبية هذا الخلق.

4- إن تعبيره تعالى بــ"قضى" في قوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا..)، فكلمة قضى تعني الفصل في شيئ ما إما بالعمل أو الكلام وقيل كذلك إن معناها هو وضع نهاية لشئ ما، والمعنيان متقاربان، وهي هنا قد تكون بمعنى أن الله أمر بألا يعبد المسلمون والمؤمنون غيره وكذلك أمر بأن يحسنوا إلى الوالدين، وهذا دال على الجزم بمطلوبية البر بهما والإحسان إليهما وعدم التعلل والبحث عن الأعذار للخروج عن عهدة هذا التكليف، ومن مصاديق ذلك أن مسألة البر بالوالدين والإحسان إليهما تبقى واجبة حتى لو كانا مشركين كما جاء ذلك في سورة لقمان: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) .

خاتمة:
إن ما سبق ذكره يفضي بنا إلى القول إن علينا أن نتأمل أكثر فأكثر في هذا القرن والملازمة القرآنية بين التوحيد والإحسان إلى الوالدين وأن نضعها نصب أعيننا ولا نغفل عن مداليلها حتى لا تزل بنا الأقدام فلا نؤدي حق الوالدين، أو نرى أنفسنا فيما لو أحسنا إليهما قد خرجنا بذلك عن حد التقصير في حقهما إذ إن الواقع يجعلنا ندرك أننا حقيقة فيما خص حقوق الوالدين قاصرون ولسنا فقط مقصرين كما أننا مع الله في أداء حقه من الشكر قاصرون لا يمكن أن نخرج عن عهدة ذلك الحق مهما فعلنا إلا أن يقبل الله منا قليل ذلك فيجعله بفضله كثيراً كافياً.

06-02-2016 | 13-14 د | 1562 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net