الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
من أساليب التبليغ: استخدام التوجيه غير المباشر أو التعريض
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تتعدد أساليب معالجة الأخطاء ومواجهة المنكرات تبعاً لتنوع الأشخاص المرتكبين حيث من الحكمة بمكان أن يكون أسلوب معالجة الخطأ أو المنكر بما يؤدي إلى النتيجة المرجوة وهذا يقتضي دراسة حال الأشخاص وذهنياتهم ونفسياتهم وما يتقبلونه وما لا يتقبلونه , فرب أسلوب يدفع بالآخر الى ان يبالغ في الخطأ والمخالفة ويزداد عناداً في ذلك نتيجة الأسلوب الخاطئ بينما يتقبل النصح لو جاء بأسلوب مخالف فلذلك فان على الداعية ان يكون حكيماً في استخدام الأسلوب المناسب فربما كان التعريض والتلويح والأسلوب غير المباشر أفضل من التصريح والأسلوب والتوجيه المباشر من هنا تعددت الأساليب في القرآن وفي سيرة النبي الأعظم (ص) وأهل بيته الكرام عليهم السلام.

نبدأ بداية ببيان وتوضيح بعض الألفاظ والمصطلحات ثم بيان الأغراض المترتبة على استعمال هكذا أساليب غير مباشرة وبعض النماذج الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ( قولا وعملا):
أما التعريض فهو اللفظ الدال على الشيء عن طريق المفهوم لا بالوضع الحقيقي ولا بالمجازي أو هو: المعنى المدلول عليه بالقرينة دون اللفظ... أو هو: لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره.. فإنك لو قلت لمن تتوقع صلته وعطاءه بغير طلب: والله إني لمحتاج وليس في يدي شيء, وأنا عريان والبرد قد آذاني, فهذا وأشباهه تعريض بالطلب وليس هذا اللفظ موضوعاً في مقابلة الطلب لا حقيقةً ولا مجازاً.

ومن أمثلة التعريض في القرآن الكريم قال تعالى: (قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ* قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)

قال الزمخشرى :هذا من معاريض الكلام فإن قصد إبراهيم صلوات الله عليه لم يكن أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم إنما قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على أسلوب تعريض يبلغ فيه غرضه من إلزامهم الحجة وتبكيتهم وهذا كما لو قال لك صاحبك وقد كتبت كتاباً بخط رشيق وأنت شهير بحسن الخط: أأنت كتبت هذا؟) وصاحبك أميّ لا يحسن الخط ولا يقدر إلا على خرمشة فاسدة فقلت له: بل كتبته أنت.. كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به لا نفيه عنك وإثباته للأمي أو المخرمش لأن إثباته – والأمر دائر بينكما – للعاجز منكما إستهزاءً به وإثباتاً للقادر.

وقد دعا القرآن الكريم الى استخدام التعريض دون التصريح في حال رغب رجل في امرأة متوفى عنها زوجها قبل انتهاء عدتها قال تعالى: ( ولا جنُاحَ عليكُم فيما عرَّضتُم بهِ مِن خِطبَة النساء أو أكنَنتُم في أنفُسِكُم عَلِمَ اللهُ أنَّكُم ستَذكُرونَهُنَّ ولكن لا تُواعدوهُنَّ سِرّاً إلاّ أن تقُولُوا قولاً معروفاً ولا تَعزِمُوا عُقدَةَ النِّكاحِ حتَّى يَبلُغَ الكتابُ أجَلَهُ.. ).

وهي وان كانت في ذيل آية عدة الوفاة الا انها لا تختص بها، فهي تدل على عدم جواز التصريح بالخطبة ممن يجوز له التزويج بعد العدة، واما التعريض بها وهو ما يفهم السامع المراد من غير تصريح، مثل أن يقول للمرأة: "إني في مثلكِ لراغب"؛ "إنكِ امرأة يرغب فيكِ الرجال"؛ "إذا انقضت العدة فأخبريني"؛ وعلى هذا فقس؛ فهذا ليس فيه تصريح أن يخطبها لا لنفسه ولا لغيره؛ لكنه يسمى تعريضاً؛ والتعريض والتلويح بمعنى واحد.

والأسلوب غير المباشر "التعريض لا التصريح"؛ استخدمه النبي (ص) وآله الاطهار ,وقيل لإبراهيم بن أدهم : "الرجل يرى من الرجل الشيء، أيبلغه عنه؟ أيقوله له؟"، قال: "هذا تبكيت، ولكن يعرِّض".

وقال الشافعي:
تغمدني بنصحك في انفراد ...... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ...... من التوبيخ لا أرضى استماعه


2_ الاغراض المترتبة على استعمال هكذا اساليب غير مباشرة
وهذا الأسلوب من الكلام متعارف عند أهل المحاورة، فكثيراً ما يخاطب أحدٌ صاحبه ويكون المقصود من الخطاب هو مَن يسمع ذلك الخطاب، فقد يعلم الملقي للخطاب أنَّ المتلقيَ لخطابه مستغنٍ عن مفاده ولكنه يُخاطبه به لينتفع به مَن يصل إليه ذلك الخطاب. فقد يكون ذلك أوقع في نفس مَن وصل إليه الخطاب مما لو كان هو المُخاطَب ابتداءً خصوصاً إذا كان المُخاطَب يحظى بموقعٍ متميز في نفوس المعنيين بالخطاب كما هو النبي (ص) في نفوس المسلمين، فإنَّ وقع ذلك على قلوب المؤمنين يكون بليغاً وسيدفعهم هذا الخطاب إلى التشدُّد في الحرص على عدم الوقوع في ما ورد النهي عنه كما في قوله تعالى ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ فالرسول (ص) ليس معنيَّاً بهذا الخطاب وإنما الغرض من توجيه الخطاب إليه هو التعبير عن خطورة هذا الذنب والتأكيد على لزوم حذر المؤمنين من الوقوع فيه.

وكما في قوله تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم الغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) (الكهف: 28). فان النبي ابعد ما يكون عن الافتتان بهكذا أمور ولكن اللَّه سبحانه وتعالى يخاطب الأمة من خلال الرسول(ص)، ويأمرها من خلال الرسول، وقد ورد في حديث مرويّ عن الإمام الباقر (ع): «إن القرآن نزل على طريقة إياك أعني واسمعي يا جارة»، يعني أنه موجه للنبي (ص)، ولكن المقصود به الأمة كلها...

وعن الإمام الرضا(ع) في ما أجاب عنه من الآيات في مجلس المأمون، أنه قال في الآية الكريمة: {عفا الله عنك لم أذنت لهم}: "هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة، خاطب الله عز وجل بذلك نبيه وأراد به أمته، وكذلك قوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين} وقوله عز وجل:{ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً} قال المأمون: صدقت يا ابن رسول الله".

_ والغرض منه أحياناً تجنب السلبيات المحتملة من توجيه النصح أو النقد المباشر أو حتى الإرشاد كأن يكون الموجه أصغر سناً أو أقل شأناً فلا يستسيغ الأكبر سناً أو الأقل شأناً هذا التوجيه، وقد يكون استخدام هذا الأسلوب لإحداث مزيد من التقبل والالتزام بمضمون التوجيه.

وقد روي أن الإمام الحسن (ع) كان مع أخيه الحسين (ع)في طريقهما إلى المسجد، فشاهدا شيخاً يتوضأ كنه لا يحسن الوضوء.

فكّر الحسن (ع) كيف يصلح وضوء الشيخ دون أن يسي‏ء الأدب، فتقدما إلى الشيخ وتظاهرا بالنزاع، وكل منهما يقول: أنت لا تحسن الوضوء، ثم قالا للشيخ: كن حكماً بيننا، ثم راحا يتوضأن.كان الشيخ يراقب وضوءهما، وأدرك هدفهما، فقال مبتسماً: كلاكما تحسنان الوضوء.وأشار إلى نفسه وقال: ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لا يُحسن الوضوء، وقد تعلّم منكما.

كما ان هذا الأسلوب يساعد على حفظ السرية فالناس -كل الناس- يكرهون الأسلوب المباشر في النقد، ولا يحبون أن تـُقال لهم الأوامر مباشرة؛ فالتصريح يهتك حجاب الهيبة، ويورث الجرأة على الهجوم، والتبجح بالمخالفة، ويهيج على الإصرار والعناد؛ أما التعريض فيستميل النفوس الفاضلة، والأذهان الذكية .

وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُشهرّ بالخطأ ويذمه ، ولا يشهر بصاحبه ، ولذلك لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يواجه صاحب الخطأ أمام الناس ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تحطيم شخصية المخطئ وأذيته وإذلاله وانما يشير الى الخطأ دون صاحبه امام الملأ فيعرف صاحب الخطأ خطأه ويتعلم ويرتدع الآخرون. فقد كان الرسول إذا أخطأ أناس من المسلمين يقول ما بال أقوام يقولون أو يفعلون كذا وكذا.فعن أنس بن مالك قال : إن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألوا أزواج النبي عن عمله في السر... ؟ فقال بعضهم : لا أتزوج النساء . وقال بعضهم : لا آكل اللحم . وقال بعضهم : لا أنام على فراش . فحمد الله وأثنى عليه فقال : (( ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ؟ لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني .

وعن ابن عباس قال : توفي ابن لصفية ، عمة رسول الله فبكت عليه وصاحت ، فأتاها النبي (ص)- فقال لها : " يا عمة ، ما يبكيك ؟ " . قالت : توفي ابني . قال : " يا عمة ، من توفي له ولد في الإسلام فصبر بنى الله له بيتا في الجنة " . فسكتت . ثم خرجت من عند رسول الله - - فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال : يا صفية ، قد سمعت صراخك ، إن قرابتك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لن تغني عنك من الله شيئا . فبكت فسمعها النبي وكان يكرمها ويحبها فقال : " يا عمة ، أتبكين وقد قلت لك ما قلت ؟ " . قالت : ليس ذاك أبكاني يا رسول الله ، استقبلني عمر بن الخطاب فقال : إن قرابتك من رسول الله لن تغني عنك من الله شيئا . قال : فغضب النبي - وقال : " يا بلال ، هجر بالصلاة " . فهجر بلال بالصلاة ، فصعد المنبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع ؟ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، فإنها موصولة في الدنيا والآخرة "

ومن ذلك ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلاً على صدقات بني سليم، يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، فقال: هذا مالكم، وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ؟» ثم خطبنا، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله بحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رُغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر» ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول: «اللهم بلغت.

ومن ذلك غضبه صلى الله عليه وآله وسلم من تطويل بعض أصحابه الصلاة وهم أئمة بعد أن كان صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك لما فيه من تعسير ومشقة. قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشدَّ غضبًا من يومئذ فقال: أيها الناس إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة.

وأحياناً كان يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، وأحيانا يخاطب غيره وهو يسمع، أو يثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غير مباشرة.

23-08-2016 | 14-15 د | 1480 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net