الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

العدد 1645 01 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 03 كانون الأول 2024 م

الجهاد ذروة سنام الإسلام

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع التعبويّين، بمناسبة حلول أسبوع التعبئةإنَّ ‌اللهَ مَعَ الصّابِرينمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
مسالك التعلّم عند الإنسان
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

إن الإنسان الذي كرّمه الله على مخلوقاته، وتمدّح بخلقه في قوله تعالى: (فَتَبارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخالِقينَ)[1].

امتاز عن الكائنات الحيّة بعقله وقلبه، وكمال العقل وتبلوره بالفكر، كما أنّ كمال القلب وتربيته وتهذيبه بالذكر، وطريق الوصول إلى الأوّل بالدراسة والمطالعة والتثقيف العامّ، كما أنّ بداية التعلّم والدرس إنّما تكون من أيّام الصبا إلى أواسط العمر، ومن هذا الباب (العلم في الصغر كالنقش على الحجر، والعلم في الكبر كالنقش على البحر)، بمجرّد أن تكتب حرف الألف وتنتقل إلى حرف الباء، فإنّ الألف ينمحي وكأنّه لم يكتب، كما لو كتب على البحر المتلاطم والموّاج، فلا ثبوت له ولا استقرار فيه.

وأمّا الطريق إلى الثاني فهو بالانكشاف والشهود، وذلك بالموعظة والذكر والمناجاة والدعاء، وإنّه من المهد إلى اللحد (إطلبوا العلم من المهد إلى اللحد)، فلا يكسل الإنسان في طلبه حتّى آخر لحظة من حياته، فهو يتشوّق إلى الدعاء والذكر والمناجاة، وإن كان يملّ من الدرس وأقاويل المدارس.

فالروايات التي تشير إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد، وأنّ الجنين يستحبّ الأذان في اُذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ناظرة إلى هذا العلم في طريق القلب، ومثل هذا العلم لا يحقّ أن يؤخذ من أيّ عالم كان، بل (فلينظر إلى طعامه) أي إلى عمله ممّن يأخذه، (وإذا رأيتم العالم مقبلا على دنياه فاتّهموه)، أي لا تأخذوا دينكم وعلمكم هذا منه، فإنّه مفتون بدنياه، فهو متّهم في قوله وفعله، فكيف يتبع أثره، كما أنّه يعاشر من يذكره الله رؤيته، ويزيد في علمه منطقه، ويرغّبه في الآخرة عمله، وأمّا الروايات التي تقول: الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها ولو من رأس مجنون، أو أنّه (اُنظر إلى ما قال لا إلى من قال)، أو قوله تعالى: (الَّذينَ يَسْتَمِعونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعونَ أحْسَنَهُ).[2]

فهذا ناظر إلى طريق العقل والتفكّر، فيحقّ للإنسان أن يستمع الآراء والأقوال ليتّبع أحسنه وما فيه الفائدة والمنافع.

فأهمّ عنصرين في الإنسان هما: العقل والقلب، وتربية الأوّل بالفكر، وتربية الثاني بالذكر.

وبعبارة اُخرى:
الرؤية الكونيّة ومشاهدة هذا الكون والعالم الوسيع والرحب، إمّا أن تكون بنزعة مادّية هيولانية، أو بنزعة روحيّة إلهيّة، فالإنسان إمّا أن يكون ملحداً كافراً ومن زاوية إلحاده وفكره وحكومة المادّة والماديّات في وجوده وعقله وأ نّه لا يؤمن إلاّ بالحسّيّات، فمن هذا المنطلق ينظر إلى الدنيا وما حوله والعالم الطبيعي، فلا يؤمن بما وراء الطبيعة وما وراء الكون والمغيبات. وإمّا أن يكون مؤمناً موحّداً ومن منطلق إلهي وإيماني واعتقاده بالغيب وبما وراء الطبيعة بالميتافيزيقيّات ينظر إلى هذا الكون الرحب.

فالأوّل تفكّراته تكون مادية وإنّها سير من الخلق إلى الخلق بالخلق، والسالك إنّما يدور في عالم المادّة المحضة الهيولانية الظلماء العمياء، فضعف الطالب والمطلوب. وأمّا الثاني فإنّه يحمل تفكّر إلهي نوراني، وإنّه:
1- سير من الحقّ إلى الحقّ.
2- ومن الحقّ إلى الخلق.
3- ومن الخلق إلى الحقّ.
4- ومن الخلق إلى الخلق.

كلّ ذلك بمعونة الحقّ ولطفه العامّ والخاصّ، برحمانيّته ورحيميّته. فهذه أسفار أربعة، وهي إمّا بمركب العقل وزاد الفكر، وإمّا بمركب القلب وزاد الذكر، فالأوّل يتلقّى المعارف والعلوم بالعقل والفكر وبالنظر والبراهين العقليّة والاستدلالات المنطقيّة، والثاني يتلقّاها بالقلب وصيقلته حتّى يكون كالمرآة وانطباع الأشياء والحقائق الكونيّة وما وراءها فيها، وبالشهود والمكاشفة.

والأوّل مسلك الحكماء والفلاسفة، والثاني مسلك العرفاء وأصحاب الكشف والشهود، وفرق بين المسلكين كالسماء والأرض، فالحكيم يفكّر ويفهم ويعلم، والعارف يبصر فيشاهد ويعلم.

والأوّل سير غيبي، والثاني سير شهودي، ويقال: ما يصل إليه العارف وما يقدّمه من نتائج أهمّ وأبلغ ممّـا عند الفيلسوف.

وربما الإنسان بلطف من الله يجمع بين المسلكين، فيكون عارفاً حكيماً، وهو الذي يسمّى بالكون الجامع، فيجمع بين الفلسفة والعرفان، وبين البرهان والشهود، وهو كمال الإيمان، وكلّه في السنّة الشريفة والقرآن.

والسلوك العرفاني تارةً بالأسباب والعلل الظاهريّة، أي بمظاهر أسماء الله الحسنى، صغارها كالرحيم تحت الكبار كالرحمن، وكبارها تحت الإسم الأعظم وهو اسم الجلالة (الله) الجامع لكلّ الأسماء الحسنى والمستجمع لجميع صفات الجمال والجلال والكمال، واُخرى بالقلب، والأوّل طريق عامّ، والثاني طريق خاصّ للخواصّ.[3]
 
* سماحة السيد عادل العلوي – بتصرف يسير


[1]- المؤمنون: 14
[2]- الزمر: 18.
[3]- اقتباس من (كيف أكون موفّقاً في الحياة) للمؤلف، وللبحث صلة، فراجع.

23-08-2016 | 16-15 د | 2125 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net